معركة التحرير الوطني.. تونس توقف سياسيين ورجل أعمال بتهم فساد
شهدت تونس نشاطًا لقوات
الأمن، إذ أوقفت الأخيرة، السبت 11 فبراير 2023، سياسيين ورجل أعمال كان مقربًا من الرئيس
التونسي الأسبق زين العابدين بن علي.
وأفادت وسائل إعلام
تونسية أن الأمن أوقف كلًا من رجل الأعمال كمال اللطيّف (68 عاما)، وزير المالية
الأسبق والقيادي السابق في حزب التكتل من أجل العمل والحريات خيّام التركي (58
عامًا).
بالتزامن أوقف الأمن القيادي السابق في حركة النهضة عبدالحميد
الجلاصي، المعروف بمعارضته للرئيس، كما نقلت وسائل إعلامية خبر القبض على متقاعد من الجيش التونسي ومتقاعد من السلك
الدبلوماسي.
يأتي ذلك بعد أسبوعين تقريبًا من لقاء جمع قيس سعيد، بقيادات أمنية
بثكنة الحرص الوطني بالعوينة، الثلاثاء الموافق 31 يناير الماضي، إذ قال: «نخوض
معركة تحرير وطني للحفاظ على الدولة».
وخاطب الرئيس القيادات الأمنية قائلًا: «لا يمكن أن يترك مجرما واحدًا
دون مساءلة»، مؤكدًا ضرورة محاسبة كل من أجرم. وتابع: «لا يمكن
التعلّل من قبل جهات معيّنة بالإجراءات، لا يمكن أن تبقى جملة من القضايا منشورة، أو
لم تنشر، أو يتخفى البعض وراء الإجراءات حتى لا تتم المحاكمة العادلة».
محاكمات عالقة
يعتبر خطاب سعيد منطقيًّا في ظل عدم حسم أيٍّ من الملفات مفتوحة أمام
القضاء منذ تاريخ القرارات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس في 25 يوليو 2021، ووعد
بتعديل المسار بها.
وينتقد الرئيس ما يعبتره تعطيل أطراف لم يسمها لسير المحاكمات،
مشددًا على ضرورة تطهير المؤسسات من الأطراف المستفيدة من بقاء الأوضاع على ما هي
عليه.
ومنذ 25 يوليو قبل الماضي
وينظر القضاء التونسي ملفات إرهاب وفساد، تتهم فيها حركة النهضة وغيرها من
السياسيين ورجال الأعمال، دون حسم في أي قضية.
لهذا السبب تتسع فرص الظهور مجددًا لحركة النهضة التي يتحرك رئيسها
راشد الغنوشي بين المناسبات العامة واللقاءات الإعلامية منددًا بما يعتبره
"انقلاب تونسي"، فيما تمارس القوى السياسية المدنية ضغوطًا على الرئيس،
معلنة تخوفها على الحريات.
مواطنون غير راضين
ولا يشعر المواطن التونسي في هذا الوضع بأي تعديلات جذرية حدثت على
المستوى السياسي، الأمر الذي تُرجم في انخفاض نسب المشاركة في الانتخابات
التشريعية التونسية التي أجريت في 17 ديسمبر الماضي، 11,2% للجولة الأولى، و11.4% للجولة الثانية، بحسب
الأرقام النهائية الرسمية.
لا ينفصل ذلك أيضًا عن الواقع الاقتصادي المتأزم الذي يزيد من إحباط
التونسيين. وكانت وكالة التصنيف الائتماني
"فيتش رايتنج" قد توقعت في تقرير لها أمس السبت، تواصل الضغوط التضخمية في تونس بسبب إقرار الحكومة
إجراءات تقشفية شديدة تتجاوز التقديرات وترتكز بالأساس على الزيادة في نسب الضرائب
من جهة، والتخفيض الكبير في الدعم وتحديدًا على المواد الطاقية والكهرباء من جهة أخرى.
واضطر التونسيون على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية على التعايش مع
قلة ونفاد بعض السلع الأساسية، فضلًا عن اضراب بعض القطاعات الحيوية بالبلاد على
خلفية تدني الرواتب وتأخر الحكومة في دفع المستحقات.
مواجهة الفساد
اعتبر الكاتب السياسي التونسي، نزار الجليدي، إن التحركات التي
أجراها الأمن التونسي كان لها إشارات مسبقة «منذ ذهب الرئيس قيس سعيد إلى
لجنة الحرس». وأوضح في تصريحات خاصة لـ«المرجع» أن اللجنة لها دور معروف في
مكافحة الفساد، مشددًا أن الرئيس كان واضحًا ورفع شعار "القانون.. القانون..
القانون".
وتابع أن تونس اليوم تشهد
سقوط كبار رؤوس الفساد، بما فيه الفساد السياسي، معتبرًا أن الأسماء الموقوقة كان لها دور في "تحطيم البلاد على مدار عشر سنوات".
وشدد على أن «للتونسيين طموحات عالية جدًا، وربما حملة التوقيف
ستجعل الفرصة مواتية لإنجاز ما لم ينجزه الرئيس ليلة 25 يوليو».
وكان سعيد قد وعد في 25 يوليو 2021 بمحاكمة الفساد وضبط عناصره،
ومعاقبة كل من قصَّر في حق الشعب التونسي.
ورغم كل العقبات التي واجهها مسار 25 يوليو حتى الآن فإن سعيد حل
على رأس قائمة الأسماء التي تحظى بثقة الجمهور في الانتخابات الرئاسية التونسية في
2024 بنسبة 49.9 بالمائة، في استطلاع رأي أجرته مؤسسة "سيخما كونساي".
ويأتي ذلك على عكس كل التوقعات التي استشهدت بالأزمة الاقتصادية وانخفاض نسب
المشاركة في الانتخابات التشريعية للتدليل على فشل سعيد وتدني شعبيته.
للمزيد.. البرلمان التونسي المرتقب... تكهنات بمزيد من التأزم والاقتصاد
له الكلمة العليا





