طالبان وحكمتيار.. من يعيد إشعال الحرب بين الحركة والحزب الإسلامي في أفغانستان؟
الأربعاء 29/مارس/2023 - 02:18 م

محمد يسري
شهدت أفغانستان سنوات طوال، من الحرب الأهلية بين زعماء الحرب، بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد نجيب الله وإعدامه عام 1992، راح ضحيتها 50 ألف مدني في العاصمة كابول وحدها، ومنذ عام 2016 الذي شهد عودة قلب الدين حكمتيار زعيم الحزب الإسلامي، إلى البلاد بعد حذف اسمه من قائمة المطلوبين، بدأ نشاطه متذبذبًا تجاه حركة طالبان، تارة معها، وتارة ضده.
حصار مقر الحزب الإسلامي
وأعلن مقربون من حركة "طالبان" الحاكمة في أفغانستان، السبت 4 فبراير 2023، أن قوة من الاستخبارات في الحركة هاجمت مكتب زعيم الحزب الإسلامي قلب الدين حكمتيار في قلب العاصمة كابول، وأوقفت جميع أنشطته، بما في ذلك صلاة الجمعة، وأغلقت بوابة المسجد التابع للحزب.
من هو قلب الدين حكمتيار؟
يُعَدّ قلب الدين حكمتيار، أحد زعماء الحرب في أفغانستان، تقلد منصب رئيس الوزراء بين عامي 1993 و1994، ثم لمرة ثانية لفترة وجيزة في عام 1996 قبل أن تتمكن حركة طالبان من الاستيلاء على السلطة، وكان حكمتيار يظهر عداء شديدًا لحركة طالبان، لكنه هزم أمامها، ما أجبره في يونيو 1996 على التوقيع على اتفاق لتقاسم السلطة مع كل من "برهان الدين رباني" مؤسس الجمعية الإسلامية الأفغانية، وأحمد شاه مسعود، أحد زعماء المقاومة الأفغانية، حيث أصبح بموجبه حكمتيار رئيسًا للوزراء، لكن حركة "طالبان" لم تُمهل تلك الحكومة فهاجمت كابول وسيطرت عليها في سبتمبر 1996م الأمر الذي أدى إلى هروب حكمتيار ولجوئه إلى إيران بعد تكرار محاولات اغتياله أكثر من مرة.
وفي سبتمبر 2016، أصدرت الحكومة الأفغانية عفوًا عن قلب الدين حكمتيار، في إطار اتفاق للسلام أبرمته مع الحزب الإسلامي، ونص الاتفاق على إطلاق سراح المعتقلين من الحزب الإسلامي، وعودة حكمتيار إلى الحياة السياسية.
حكمتيار وعودة طالبان
وبعد سيطرة حركة طالبان على السلطة مرة أخرى فى منتصف أغسطس 2021، ظهر اسم قلب الدين حكمتيار مرة أخرى في الصورة، مؤيدًا للحركة، وفي 31 أغسطس 2021، أعرب في تصريحات صحفية عن تأييده لحكومة طالبان المرتقبة دون أي شروط، مؤكدًا اعتقاده في فشل الحكومات الائتلافية على الدوام، مضيفًا: "نحن أشقاء مع طالبان ويوجد بيننا توافق في الآراء".
لكن حكمتيار الذى أبدى تأييده لحكومة طالبان دون شرط، ظهر مرة أخرى في أكتوبر 2021، ليطلق حزبه، الذى اعتبره خارطة طريق للخروج من الأزمة السياسية في البلاد.
وتضمن تلك الخارطة عدة بنود، منها بدء المفاوضات مع ممثلي جميع الأطراف السياسية الأفغانية ودون شروط مسبقة، وأن تكون المفاوضات بين الأفغان فقط، ويشارك فيها 3 أطراف (الإمارة الإسلامية، المعارضة المسلحة، شخصيات سياسية محايدة تؤيد السلام ولا تدعم أي طرف في الأزمة الحالية)، ودعوة ممثلين عن الدول التي لعبت دورًا في العقود الأخيرة في الملف الأفغاني كمراقبين يتعهدون بعدم التدخل في الشأن الأفغاني، وأن تعقد المفاوضات في دولة محايدة لم تدعم أي جماعة سياسة أو عسكرية في أفغانستان، وأن يحدد موعد بدء المفاوضات ومدتها وجدول أعمالها باتفاق جميع المشاركين فيها، وأن يتعهد الأفغان بعدم استخدام أراضيهم ضد الآخرين، وعدم إيواء الحركات المسلحة الأجنبية في بلادهم، وفي المقابل يتعهد الآخرون بعدم التدخل في الشأن الأفغاني، وعدم إيواء المعارضة المسلحة، وتتضمن البنود مخاطبة جميع الدول المتورطة في الحروب السابقة، في أفغانستان، بدفع ثمن الخسارة إلى الشعب الأفغاني، والمساعدة في إعمار البلاد.
وجاء تعليق حركة طالبان على هذه الاقتراحات أقرب إلى الرفض، إذ قال المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد: "لا أعلق على خارطة الطريق التي قدمها زعيم الحزب الإسلامي حكمتيار، ويستطيع أي زعيم سياسي أن يقدم مشورته إلى الإمارة الإسلامية، ويظهر رأيه وموقفه حول الشأن الأفغاني، وما يحدث لاحقًا تقرره القيادة العليا".
محاولة اغتيال حكمتيار
في الثالث من ديسمبر 2022، نجا قلب الدين حكمتيار من محاولة اغتيال عن طريق تفجير انتحاري بالقرب من مقر حزبه في كابل، بعد أن فجّر مهاجمون مجهولون سيارة مفخخة خارج مقر "الحزب الإسلامي"، الذي يتزعمه، وحاولوا اقتحام المقر.
وأفاد مسؤولون بالحزب وأقارب لقلب الدين حكمتيار بأنه لم يُصب بأذى، فيما قال مسؤول بالحزب إن «غالبية كبار قادة الحزب كانوا موجودين بالمكتب وقت القصف ولم يُصب أي منهم بأذى». وحاول ثلاثة مهاجمين اقتحام مبنى المكتب، لقي اثنان منهم حتفهم على أيدي حراس المكتب، فيما هرب الثالث.
ثم يأتي حصار حركة طالبان لمقر الحزب في العاصمة كابل مؤخرًا، ليطرح عددًا من التساؤلات حول مستقبل علاقة حكمتيار وحزبه مع حركة طالبان.