ad a b
ad ad ad

كيف غيرت آثار الحرب الروسية الأوكرانية الداخل الأوروبي

الثلاثاء 08/نوفمبر/2022 - 10:29 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة
أدت الحرب الروسية الأوكرانية، إلى حدوث سلسلة من التغيرات السياسية، في القارة العجوز، وعلى مستوى تشكيل الحكومات، لعل أبرزها استقالة ليز تراس من رئاسة الحكومة البريطانية، رغم أنها لم تمض أكثر من 44 يوما في المنصب، فضلا عن التحولات في المواقف الخارجية، والاضطرابات الداخلية، الناتجة عن أزمات اقتصادية.

وتجدر الإشارة إلى ان استقالة "ليز تراس" من رئاسة وزراء بريطانيا، بسبب الفوضى الاقتصادية والمالية التي خلفتها الموازنة المصغرة التي قدمتها حكومتها وأدت إلى اضطراب الأسواق وتراجع قيمة الجنيه الإسترليني أمام الدولار الأمريكي بشكل غير مسبوق، وكل ذلك بفضل الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا منذ فبراير 2022.

رئيس الوزراء السلوفيني
رئيس الوزراء السلوفيني السابق، يانيز يانشا
هزائم وإسقاط حكومات  

أيضًا تمكنت المعارضة في بلغاريا من إسقاط حكومة كيريل بيتكوف، المؤيدة للغرب، في يونيو 2022، مستغلة الانقسامات داخل الائتلاف الحاكم، وإخضاع الحكومة للتصويت على الثقة في البرلمان على خلفية تدهور الأوضاع الاقتصادية.

وتعرض رئيس الوزراء السلوفيني السابق، يانيز يانشا، لهزيمة في الانتخابات التشريعية التي أُجريت في أبريل 2022، وهو المعروف بدعمه لكييف، لصالح رئيس الوزراء الحالي، روبرت غولوب، المعروف بميوله لروسيا. 

وبالتزامن مع ذلك صعد اليمين المتطرف في ايطاليا، بنجاح جيورجيا ميلوني، زعيمة حزب فراتيلي ديتاليا، وتولت رئاسة الوزراء، كأول رئيسة لحكومة يسيطر عليها اليمين المتطرف.

نفس الأمر في السويد إذ تم تشكيل حكومة جديدة برئاسة أولف كريسترسون بعد تشكيل ائتلاف من 4 أحزاب، هي: المحافظين والمسيحيين الديمقراطيين والليبراليين وديمقراطيّ، السويد اليميني المتطرف الذي فاز في الانتخابات التشريعية الأخيرة وحصل على 20.5%، شكل سابقة تاريخية كأول حزب يميني متطرف يتصدر نتائج الانتخابات في السويد.

دفعت الحرب الروسية الأوكرانية، كلًا من فنلندا والسويد إلى التخلي عن الحياد والانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "ناتو"، كما بدأت تظهر أصوات في النمسا تطالب بإعادة النظر في مبدأ الحياد الذي تنتهجه البلاد منذ عام 1955، كما قدمت مولدوفا، طلبًا رسميًّا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في مارس 2022، وفي استفتاء أُجري في يونيو 2022، صوت الدنماركيون بنسبة 69% لصالح انضمام بلادهم إلى السياسة الأمنية والدفاعية المشتركة للاتحاد الأوروبي.
كيف غيرت آثار الحرب
وشهدت الشهور الماضية تصاعد الاحتجاجات والإضرابات المجتمعية، أمام الأزمات الاقتصادية وارتفاع تكلفة المعيشة، ففي فرنسا، عطّل إضراب عمال مصافي النفط، الذي بدأ في 27 سبتمبر الماضي، ستة مصافٍ للنفط للمطالبة بزيادة الأجور، ما أدى إلى توقف العمل في 25% من محطات الوقود في البلاد، كما شهدت عدة مدن ألمانية تظاهرات، رُفع فيها العلم الروسي، وفيما تم إحراق فواتير الطاقة في احتجاجات جرت في المدن الإيطالية، وبحسب رأي بعض المؤسسات الاستشارية، فإن الحرب الأوكرانية زادت من مخاطر وقوع انتفاضات مدنية في أوروبا، حيث يعتبر المحتجون أن تحرك الحكومات لم يكن كافيًا لإيجاد حلول مناسبة لأزمة التضخم وغيرها.
 
كما وصل التضخم في معظم الدول الأوروبية لأكثر من 10%، بسبب زيادة أسعار الطاقة التي بلغت في بعض الدول الأوروبية نحو 200% مقارنةً بما كانت عليه قبل اندلاع الحرب الأوكرانية، وفشلت معها جميع المبادرات الحكومية لحلها، حيث وضعت ألمانيا خطة بقيمة مائتي مليار يورو لمساعدة المستهلكين الذين يعانون ارتفاع فواتير الطاقة، وتقضي هذه الخطة بمنح الأسر والشركات الصغيرة والمتوسطة دفعة لمرة واحدة توازي قيمة فاتورة غاز لشهر واحد في العام، الأمر الذي قوبل بالرفض من قبل دول الاتحاد الأوروبي، لأنها لا تعمل على ترشيد استهلاك الطاقة، كما تقوض وحدة قارة أوروبا.

زيادة الإنفاق العسكري 

وأدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى زيادة الإنفاق العسكري في أوروبا، إذ قررت إسبانيا، في يوليو 2022، زيادة إنفاقها، تماشيًا مع الهدف الذي حدده حلف الناتو بأن يكون الإنفاق في المجال العسكري مساويًا لنسبة 2% من إجمالي الناتج المحلي.

كما أقر البرلمان الألماني، تخصيص مبلغ مائة مليار يورو لتعزيز المنظومة العسكرية وتحديث الجيش، فيما أعلنت الحكومة البولندية رفع سقف إنفاقها العسكري إلى 3%، وخطتها لزيادة عدد جيشها إلى 300 ألف جندي، وتعزيز قدراتها القتالية لردع أي عدوان مسلح عبر اقتناء دبابات ومروحيات أمريكية وبطاريات صواريخ هيمارس لردع روسيا، ولقيت هذه الزيادة اعتراضات داخلية، بسبب عدم تخصيص هذه الزيادات في قطاعي الصحة والتعليم.
"