حظر النقاب في أوروبا.. بين تنامي التطرف و«الإسلاموفوبيا»
الأربعاء 27/يونيو/2018 - 05:58 م

محمود رشدي أحمد عادل
انتشرت ظاهرة «الإسلاموفوبيا» (رهاب الإسلام هو التحامل والكراهية والخوف من الإسلام أو من المسلمين) في الأعوام الأخيرة بمختلف البلدان الأوروبية، وتصاعدت وتيرتها بعد ازدياد حركة اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين، وتزايدت الظاهرة مع تصاعد الهجمات الإرهابية في العواصم الأوروبية، ما جعل السلطات الأوروبية تتشدد في مواجهة الأقليات المسلمة، ورفض بعض المظاهر الإسلامية.
فقد أقر البرلمان الهولندي، أمس الثلاثاء، مشروع قانون يحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة والمؤسسات الحكومية، وشمل القانون منع النقاب في المدارس الحكومية ووسائل النقل بجميع أنواعها، والمستشفيات العامة، كما فرض غرامة على مخالفته بقيمة تصل إلى 400 يورو.
وتضمن الحظر الملابس التي تغطي الوجه بشكل كامل، وتظهر العينين فقط، ونال موافقة من قبل 44 برلمانيًّا، فيما رفضه 31 عضوًا.
ويأتي هذا القانون مشابهًا لعدد من القرارات والقوانين الأوروبية التي أقرت قوانين مماثلة لهولندا، فقد كانت فرنسا أولى الدول التي حظرت النقاب، ففي 2011، أصدرات قرارًا بحظر النقاب في الأماكن العامة، وتصل عقوبة المرأة المخالفة لها إلى 150 يورو.
أما عن ألمانيا، فقد أصدر البرلمان الألماني في أبريل 2017 قرارًا يفرض حظرًا على ارتداء النقاب، وينص على منع الموظفات في المؤسسات العامة التابعة للحكومة والجيش في ألمانيا من ارتداء النقاب في أماكن العمل.
وفي 2010 حظرت مدينة نوفارا الإيطالية ارتداء النقاب في الأماكن العامة، وفي 2014 أصدرت مقاطعة لومبارديا الإيطالية، قرارًا بفرض حظر على ارتدائه في كل المرافق الصحية التابعة لها.
وفي بلجيكا، صدر قرار فى 2011، يحرم الخروج للعلن بوجه مغطى، بشكل جزئي أو كلي، لصعوبة التعرف على الشخص، ومن يخالف ذلك يعرض نفسه للغرامة أو السجن لمدة سبعة أيام، وعلى الرغم من تخوفات قطاع السياحة بالنمسا من تأثر السياحة القادمة من الخليج إثر هذا، فإن أصدرت قرارًا في 2017 بضرورة إظهار ملامح الوجه كاملة في الأماكن العامة حفاظًا على القيم النمساوية، وفي إسبانيا، كان هناك حظر محلي لارتداء النقاب في أجزاء معينة من مقاطعة كاتالونيا.
وعلى جانب آخر، رفض البرلمان السويسري قانونًا بحظر النقاب، نظرًا لعدم جدواه، إذ أن عددًا قليلًا من السويسريات يرتدين النقاب، كما أنه من الممكن أنه يؤثر سلبًا على السياحة، وكان النقاب أيضًا محط نقاش في إستونيا ولاتفيا وليتوانيا والنرويج.
الحد من التطرف
من جانبه، قال الدكتور محمد عبد الفضيل مدير مرصد الأزهر لمكافحة التطرف إنه على المسلمين احترام مثل هذه القوانين ما لم تصدم بالثوابت الإسلامية التى تعلمناها من الأزهر الشريف، لأن هذه الدول تعمل للحد من التطرف الذى انتشر فى الآونة الأخيرة.
وأكد عبد الفضيل فى تصريحات خاصة لـ«المرجع» أن النقاب في منهج الأزهر الوسطي ليس فرضًا على المسلمين وعدم ارتدائه لا يخل بالثوابت الإسلامية.
وأهاب بالدول الأوروبية أن تحترم التعاليم الإسلامية، وألا تتخذ بعض المظاهر الإسلامية ذريعة لمواجهة التطرف والإرهاب، خاصةً أن النقاب والحجاب لم يكونا سببًا يومًا ما في انتشار ظاهرة الأعمال الإرهابية في أوروبا، وهناك شعور بالمبالغة في التعامل مع المسلمين في دول كالنمسا وهولندا والدنمارك.
وأضاف مدير مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أنه يجب على الحكومات الأوروبية عمل نقاش جاد مع الجاليات الإسلامية والمراكز الإسلامية هناك حتى يتم وضع قوانين وفق ظروفهم ومعطياتهم، وحذَّر من الصدام بين الجاليات الإسلامية والحكومات بعد هذه القرارت، حتى لا ينتج عنها أعمال إرهابية متطرفة.
ويقول اللواء جمال أبو ذكري، الخبير الأمني ومساعد وزير الداخلية الأسبق، إن البلدان الأوروبية تعاني في الفترة الأخيرة من كثرة العمليات الإرهابية، فعليها يتم اتخاذ قرارات رادعة ضد المتطرفين.
وأكد «أبو ذكري» فى تصريحات خاصة لــ«المرجع» أن النقاب ليس فرضًا في الإسلام الوسطي، وهذا ما أقره الأزهر الشريف وتعاليم الدين الإسلامي، موضحًا أن مواجهة هذه الأفكار المتطرفة لابد وأن يكون بقوة للحد من العمليات الإرهابية التي تسيء إلى الإسلام، مشيرًا إلى أنه على الجاليات الإسلامية أن تتخذ الأزهر الشريف وتعاليم الدين الوسطي نبراسًا لها، وأن يكون هناك تقبلٌ لمثل هذه القرارات.