سياسة الند بالند.. عقوبات متبادلة بين نظام الملالي والاتحاد الأوروبي
أعلن الاتحاد الأوروبي، الخميس 20 أكتوبر 2022، فرض عقوبات على طهران،
شملت 11 فردًا و4 كيانات إيرانية، وتحديدًا شرطة الأخلاق (المتهمة بقتل الشابة
الإيرانية «مهسا أميني» منتصف سبتمبر 2022) وعدد من مسؤوليها، وهو ما دفع بنظام
الملالي للرد على ذلك بإعلان وزارة الخارجية الإيرانية وضع 19 مؤسسة ومسؤولًا أوروبيًّا وأمريكيًّا في القائمة السوداء للإرهاب التابعة للوزارة، وهو ما يكشف عن «سياسية الند بالند» التي يتبعها نظام الوالي الفقيه في التعامل مع الغرب،
الأمر الذي سيؤثر بالسلب على مفاوضات إحياء الاتفاق النووي في فيينا التي توفقت
خلال الأسابيع الماضية دون التوصل إلى نتيجة.
عقوبات متبادلة
وفي هذا السياق، فإن مجموعة من النواب الأوروبيين طالبوا خلال اجتماع وزارء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورج 17 أكتوبر 2022، بضرورة إدارج عدد من المسؤولين الإيرانيين خاصة المرتبطين بـ«شرطة الأخلاق» الذين يثبت تواطؤهم أو مسؤوليتهم في وفاة «مهسا أميني» وأعمال العنف في حق المتظاهرين، على القائمة السوداء، وبالفعل استجاب الاتحاد لهذه المطالب وفرض عقوبات أوروبية شلمت 11 فردًا و4 كيانات إيرانية، وهو ما يعني أن المسؤولين الإيرانيين المفروضة عليهم عقوبات من قبل الاتحاد لانتهاكهم حقوق الإنسان يمنعون من دخول أراضي الاتحاد وتجمد أصولهم في الدول الأعضاء.
وفي إطار نهج «الرد بالمثل» خرج وزير الخارجية الإيرانية «حسين أمير عبداللهيان» بعد يومين ليقول إن بلاده ستدرج 4 مؤسسات على الأقل و15 مسؤولًا غربيًّا في قائمة العقوبات الإيرانية، من بينهم، مؤسسات بريطانية، كـ" المركز الوطني البريطاني للأمن السيبراني، ومقر الاتصالات الحكومية البريطانية، وشركة «فولنت ميديا»، وقناة «إيران إنترناشونال»، بسبب تغطيتهم للاحتجاجات المشتعلة في طهران، زاعمًا في الوقت ذاته أن فرض بلاده عقوبات على عدد من المؤسسات والأفراد البريطانيين «بسبب نشاطاتهم المتعمدة في دعم الإرهاب والعنف والكراهية وانتهاكات حقوق الإنسان».
وتجدر الإشارة إلى أن العقوبات الإيرانية تعني حظر إصدار التأشيرات للمفروض عليهم عقوبات ومنعهم من دخول الأراضي الإيرانية، بجانب مصادرة جميع ممتلكاتهم وأصولهم في البلاد، بالإضافة إلى حجب حساباتهم المصرفية في النظام المالي والمصرفي لإيران.
نهاية الاتفاق النووي
وبناءً على ما تقدم، فإن بعض وسائل الإعلام الإيرانية من بينها صحيفة «جهان صنعت» أفادت في تقرير لها اليوم 20 أكتوبر 2022، أن فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على طهران في هذا التوقيت تحديدًا هو بمثابة «نهاية الاتفاق النووي»، وهو ما يؤكد أن الأوضاع المتأزمة التي تشهدها البلاد من الداخل ورفض عدد من الدول الغربية لها ولطريقة تعاطي نظام الملالي وأجهزته الأمنية معها هو ما ألقى بظلاله على الاتفاق النووي، وجعل مستقبله غامضًا.
حفظ ماء الوجه
وحول دلالة هذه العقوبات المتبادلة بين الطرفين، أوضح الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الإيراني «أسامة الهتيمي» أن العقوبات الأوروبية التي تأتي على خلفية الانتهاكات الحقوقية التي شهدتها إيران مؤخرًا لا تعدو عن كونها تعبيرًا عن حالة الرفض لما يجري في إيران، رغم إدراك دول الاتحاد أنه لن يكون لهذه العقوبات أية تداعيات حقيقية أو ملموسة على واقع الأحداث، وفي مقدمتها الحد أو التخفيف من حدة الانتهاكات، فالمسؤولون الإيرانيون بل والمؤسسات الإيرانية كلها جزء من منظومة حكم الوالي الفقيه، ومن ثم فإن هذه العقوبات تعكس إلى أي مدى يعاني الغرب من عجز شديد في التعاطي مع إيران، والذي يمكن أن يكون أحد أهم أسبابه حرصه على إتمام صفقة استئناف الاتفاق النووي .
ولفت «الهتيمي» في تصريح خاص لـ«المرجع» إلى أن التهديد الإيراني بفرض عقوبات مماثلة مجرد فانتازيا سياسية تريد إيران منها تسجيل موقف يجسد إصراراها على التعامل مع أية قوة بندية تحفظ ماء وجهها أمام الأنصار والمناوئين على حد سواء، فيما أن الأخطر هو أن تلوح إيران بورقة التفاوض حول الملف النووي، فالمعلوم أن أوروبا تقوم بشأنها بدور الوسيط الذي يسعى إلى تقريب وجهات النظر بين إيران من ناحية وأمريكا من ناحية أخرى، ومن ثم فإن طهران يمكنها بالفعل أن تستغل هذه الورقة للضغط على الطرف الأوروبي حتى لا يتماهى مع معاقبة إيران معاقبة جادة جراء انتهاكاتها الحقوقية.





