يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

«الظواهري» في «الحصاد المر»: الإخوان جماعة متلونة وبلا مبدأ

الأربعاء 27/يونيو/2018 - 06:03 م
المرجع
إسلام محمد
طباعة
يُعدُّ كتاب «الحصاد المر» لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، ذا أهمية وإفادة، بغض النظر عن أيديولوجية مؤلفه الإرهابي؛ لأن «الحصاد المر» كتاب يكشف -بوضوح- مَواطن الخلاف والنزاع المنهجي بين جماعة الإخوان والتيار الجهادي، ويوضح مآخذ الجهاديين على الجماعة في كلٍّ من الأفكار والمواقف السياسية، فالكتاب الذي سُمِّي «الحصاد المر للإخوان المسلمين في ستين عامًا» يتناول بالنقد مسيرة الجماعة منذ تأسيسها على يد حسن البنا عام 1928، وحتى صدور الكتاب عام 1988، وفي مقدمة الطبعة الثانية للكتاب -التي صدرت عام 2005- يُبدي الظواهري أسفه على أنه لم يستطع إكمال نقده للإخوان طوال 17 عامًا مَرَّت منذ صدور الكتاب، ويقول: إن الإخوان كرروا ما انتقدهم فيه خلال تلك المدة، بل زادوا عليه مخالفات أخرى يراها «الظواهري» تمس المبادئ الأساسية، وليست أشياء هامشية أو فرعية.

الكتاب يتكون من جزأين رئيسيين؛ في الأول منهما -والذي لا يتعدى حجمه عُشر الكتاب تقريبًا- يتناول الخلافات المنهجية النظرية بينه وبينهم، ويخص بالذكر 3 مسائل، هي «الحاكمية، والديمقراطية، والتعامل مع الكافرين»، ويستشهد فيه بكتابات سيد قطب و«أبوالأعلى المودودي»، ويصل إلى خلاصة مفادها أن الإخوان لا يفقهون شيئًا في الثلاث مسائل سالفة الذكر، ويعتبر أنهم ضيعوا أصول الدين التي على رأسها –كما يدعي ويزعم- تكفير جميع الحكام ومحاربتهم، فيقول:

«الحكام الحاكمون لبلاد المسلمين -بغير ما أنزل الله بالقوانين الوضعية- هم كفار مرتدون، يجب الخروج عليهم وجهادهم وخلعهم، ونصب حاكم مسلم».

ويقول عن الديمقراطية إنها:
«ديـن جديد وضعي كافر يقوم على تأليه البـشر بإعطائهم حق التشريع، غير مقيدين في تشريعهم بأي سلطة، حق التشريع فيه للبشر»، ويصف نواب مجلس الشعب بأنهم «أرباب من دون الله».

ويقول «الظواهري» في الحصاد المر أيضًا:
«وإلى يومنا هذا، حيث يشارك الإخوان في الانتخابات في مصر وفي الأردن والسودان والكويت والجزائر وسوريا وغيرها من بلدان المسلمين المحكومة بحكومات كافرة مرتدة، ومما يؤسف له حشد الإخوان لآلاف الشباب المسلم المغرَّر بهم في صفوف الانتخابات، وأمام صناديق الاقتراع، بدلًا من حشدهم في صفوف الجهاد».

والمشكلة الكبرى إلى جانب تكفير الحكام وأصحاب السلطة، هي توسعه في تكفير السكان المقيمين في الدول الإسلامية، حتى لو كانوا يُقيمون شعائر الإسلام! وهنا يسلك الظواهري مسلكًا تكفيريًّا بامتياز، ويلوم الإخوان على عدم نصرة تلك الآراء، ومن هنا يتهمهم بالضعف والتفريط، رغم مدحه السابق لهم في مقدمة الكتاب، باعتبارهم أول من علم شباب التيار الإسلامي استخدام السلاح ضد مخالفيهم.

وفي الجزء الثاني من الكتاب، يتناول مواقف الإخوان السياسية منذ النشأة في عهد الملك فؤاد، وحتى وقت صدور الكتاب عام 1988، ويقسمه إلى جزأين كبيرين؛ «الإخوان والحكام» و«الإخوان والأحزاب»، ويصب جام غضبه على الجماعة في الجزأين؛ بسبب عدم التزامها بالخط الفكري الذي تحدث عنه في أول الكتاب، ويستعرض التجربة الإخوانية طوال الستين عامًا بشكل تفصيلي، مبينًا أنهم في النهاية لم يصلوا إلى أهدافهم التي رسموها منذ البداية؛ بسبب التلون والميوعة، وجعل المواقف السياسية هي الأساس الذي بناءً عليه يعتمدون خططهم، ويتخذون مواقفهم المتناقضة على حسب تقلبات السياسة.

ويتناول «الظواهري» جميع مرشدي الجماعة بالنقد الشديد، بدءًا من حسن البنا، لأسباب عدّة، أبرزها قبولهم مبدأ الترشح للانتخابات النيابية، والمشاركة في الحياة السياسية من الأساس، ويظهر تألم «الظواهري» بشدة من غياب مفهوم «قتال العدو القريب» لدى الجماعة، الذي يعني تأخير التفكير في قضية فلسطين والأعداء الخارجيين، وضرورة البدء بقتال الجيوش الوطنية وحكام الدول الإسلامية، ويتتبع طوال الكتاب مواقف مختلفة لقادة الجماعة، ظهر فيها بوادر تقارب بينهم وبين السلطة الحاكمة أو الأحزاب السياسية التي تتبنى أيديولوجيات غير دينية، ويعتبر أن تأييد الرئيس حسني مبارك في انتخابات عام 1987، كان هو السقطة التاريخية الكبرى في تاريخ الجماعة منذ نشأتها، وهو الحدث الذي يختم به مسيرة النقد، باعتباره آخر المواقف الكبرى التي اتخذها الإخوان قبيل صدور الكتاب في العام التالي.
"