تقديم:
هل تؤمن جماعة الإخوان بحرية الاعتقاد، وحق غير المسلم في ممارسة شعائره الدينية، وبناء دور العبادة التي تستوعب أنشطته الخاصة به؟!
كيف يتعامل الإخوان مع مفهوم «لا إكراه في الدين»، وكيف ينظرون إلى قضية الردة؟!
ما المفهوم الإخواني لمسألة التبشير، وهل يصفونها -في إطارها الموضوعي وثيق الصلة- بالظاهرة الاستعمارية؟!
وإذا وصل الإخوان المسلمون إلى السلطة في مصر -وهذا طموحهم السياسي- فكيف ستكون أوضاع غير المسلمين في ظل حكمهم؟!
الإجابة عن الأسئلة السابقة جميعها قد نجدها في كثير من تصريحات وبيانات زعماء وقادة الجماعة، وكثير من هذه الإجابات مراوغة مزدوجة لا تشفي غليلًا؛ وذلك لأنها مزيج من السياسي والديني، وفيها قدر من التوازن المحسوب، لكن الفتاوى التي تقدمها مجلة «الدعوة» في إصدارها الثاني، تبدو أكثر وضوحًا وسفورًا، وهي بمثابة الإعلان الأيديولوجي الصريح عن رؤية الجماعة من منظور فكري لا يراعي الحسابات السياسية، وأخطر ما في هذه الفتاوى أنها تقدم اجتهادات الإخوان كأنها الرأي الإسلامي الوحيد الصحيح.
أكثر الذين يصدرون الفتاوى المتطرفة بشكل
فردي يُعَبّرون عن قصورهم وتقصيرهم ومحدودية علمهم بالدين ووعيهم بمتغيرات الدنيا، لكن هؤلاء
الأفراد لا ينتسبون إلى جماعة إسلامية سياسية تسعى إلى السلطة منذ تأسيسها قبل
ثلاثة أرباع القرن، وتُمثل أفكارها المعلنة نموذجًا متكاملًا قابلًا للتطبيق العملي، ومن هنا خطورة وخصوصية جماعة الإخوان المسلمين، فليس من المنطقي أن تُصنف مقولاتهم
في دائرة «الاجتهاد» العابر؛ لأنها في الحقيقة تعبير عن برنامج سيتم
تفعيله عند الوصول إلى سدة الحكم.
وجاءت فترة حكم الرئيس المعزول مرسي لمصر (يونيو 2012 –
يونيو 2013) لنجد تطبيقًا عمليًّا للكراهية والتعصب، وأكد كثير من المتابعين أن فترة
حكم مرسي كانت الأكثر مرارة في نفوس الأقباط؛ لما شهدته من تمييز واضح من محمد
مرسي وجماعة الإخوان -يكفي أن نذكر في هذا السياق أن حادثة الاعتداء
على الكاتدرائية المرقسية (أبريل 2013) جرم لم يسبق له مثيل منذ دخول
الإسلام مصر- وأسس بشكل رسمي نوعية من خطابات التحريض بشكل
مباشر ضد الأقباط، فكلما خرجت مظاهرة ضد حكم الإخوان كان المهندس خيرت
الشاطر نائب المرشد، والدكتور محمد البلتاجي يصرحان على الفور بأن هذه مظاهرات للمسيحيين الذين يقفون ضد الحكم
الإسلامي؟!

حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام
يتضمن
العدد رقم «56»، الصادر في شهر ديسمبر سنة 1980، ثلاثة أسئلة عن الرأي
الإسلامي، في مجموعة من القضايا التي تتعلق بغير المسلمين، وقد أجاب عنها جميعًا
الشيخ محمد عبدالله الخطيب عضو مكتب الإرشاد الحالي للجماعة، ومفتيها في القضايا
الشرعية والسياسية، وأول هذه الأسئلة كان من «أ. ح. م. المنوفية» عن حكم
بناء الكنائس في ديار الإسلام، ويجيب مفتي الإخوان أن حكم بناء الكنائس في ديار
الإسلام على ثلاثة أقسام:
الأول: بلاد أحدثها المسلمون وأقاموها.. كالمعادي، والعاشر من رمضان، وحلوان.. وهذه البلاد وأمثالها لا يجوز فيها إحداث كنيسة ولا بيعة. والثاني: ما فتحه المسلمون من البلاد بالقوة، كالإسكندرية بمصر والقسطنطينية بتركيا.. فهذه أيضًا لا يجوز بناء هذه الأشياء[1] فيها، وبعض العلماء قال بوجوب الهدم؛ لأنها مملوكة للمسلمين.
والثالث: ما فتح صلحًا
بين المسلمين وسكانها، والمختار هو إبقاء ما وجد بها من كنائس وبِيَع على ما هي
عليه في وقت الفتح، ومنع بناء أو إعادة ما هُدم منها، وهو رأي الشافعي
وأحمد، إلا إذا اشترطوا في عقد الصلح مع الإمام إقامتها، فعهدهم إلى أن يكثر
المسلمون على البلد، وواضح أنه لا يجوز إحداث كنيسة في دار الإسلام، ويقول صلى
الله عليه وسلم: «لا تُبنى كنيسة في الإسلام، ولا يجدد ما خرب منها» المغني
جـ8.[2]
المفهوم
من الفتوى -في غير لبس- أن البلاد التي أحدثها المسلمون وأقاموها لا تتسع لغير
المسلمين. والمغالطة الأولى أن الأحياء المصرية المشار إليها قد بناها المصريون
جميعًا، مسلمون ومسيحيون، وأن حقوق المواطنة التي يقرها الدستور المصري لا تحول دون
إقامة المواطن المصري في أي مكان يتناسب مع مكانته الاجتماعية وظروفه الاقتصادية
وطبيعة عمله.. وبالتبعية فإن من الحقوق الراسخة للمصريين المسيحيين القاطنين في
المعادي والعاشر من رمضان وحلوان أن يمارسوا شعائرهم الدينية في حرية تامة، لكن
هذا الحق البدهي يبدو مستحيلًا، في ظل التحريم القاطع الصارم الذي يُقدمه الشيخ،
فكأنه يطالب -موضوعيًّا- بجيتو مسيحي مغلق، في مكان محدد محدود، لا يجوز الخروج
منه أو التطلع إلى غيره.

كيف وأين يتعبد المسيحيون إذن؟!
تزداد صعوبة الإجابة بالانتقال إلى القسم الثاني من الفتوى؛ حيث يُجزم الشيخ بأنه لا تجوز إقامة دور العبادة غير الإسلامية في البلاد التي فتحها المسلمون، بل إنه لا يجوز الاحتفاظ بما كان قائمًا قبل الفتح!
سؤال
بسيط لابد من طرحه هنا، ونريد بالطبع إجابة مقنعة عنه من جماعة الإخوان: أين وكيف
يتعبد المصري المسيحي المقيم في مدينة الإسكندرية مثلًا؟!. وهي مدينة وفقًا لفتوى
الجماعة لا يحق للمسيحيين فيها بناء الكنائس، بل لابد من هدم القائم منها، فإلى
أين يذهبون؟! النتيجة المنطقية هي أن يغادروا الإسكندرية كلها، وأن يكون ملاذهم
في الأماكن التي يسمح الإخوان ببناء الكنائس فيها.
هل نجد مثل هذه الكنائس في القسم الثالث من الفتوى؛ حيث الأماكن التي فتحت صلحًا بين المسلمين وسكانها؟! التنازل الوحيد الذي يُقدمه الإخوان هو الإبقاء على ما كان موجودًا من دور العبادة غير الإسلامية، لكنهم يجعلون من هذا التنازل سرابًا يمنع بناء ما تَهَدَّم، ولابد أن الزمن كفيل بالقضاء على ما كان موجودًا عند الفتح، فأيُ بناءٍ يُقاوم القرون الطوال ولا ينهار؟!
المُحصلة النهائية المستخلصة من الفتوى الإخوانية هي
حتمية غياب الكنائس في ديار الإسلام، ويترتب على ذلك منطقيًّا ألا مكان لغير
المسلمين في مصر!. وكأنما يخشى فضيلة الشيخ المفتي من أن تغيب رسالته، فهو يُنهي
فتواه، مؤكدًا وضوح أنه لا يجوز إحداث كنيسة في دار الإسلام.
أليست الترجمة العملية لكلامه أنه لا معنى لوجود غير المسلمين في الديار الإسلامية؟!
أهذا
ما يهدف إليه الإخوان المسلمون، أم أنه استنتاج جانبه الصواب؟ نترك الإجابة لضمير
القارئ!
أهذا هو البرنامج الإسلامي الذي يُزمعون تطبيقه عند وصولهم إلى السلطة عبر الأشكال الديمقراطية التي يُظهرون الإيمان بها، وهم في حقيقتهم كارهون لها كافرون بها؟!
إذا لم يكن الاستنتاج الذي وصلنا إليه صحيحًا، فإن جماعة
الإخوان مطالبة بأحد أمرين:
الأمر الأول:
هو
تكذيب وتسفيه وإنكار ما نشرته مجلتهم الرسمية، وأن يأتي التكذيب على لسان كبار
قادتهم، وفي مقدمتهم الشيخ محمد عبدالله الخطيب، أطال الله في عمره؛ لأنه صاحب
الفتوى والمسؤول عنها، ولابد أن يكون التكذيب مصحوبًا باعتذار للمصريين جميعًا، فلا
شك أن مثل هذه الآراء الشاذة التي تُهدد الوحدة الوطنية للمصريين، وتُثير قلق إخواننا
في الوطن وشركائنا في المصير، قد تم استخدامها من قِبَل فتية صغار راحوا يُهاجمون
الكنائس، ويقتحمون بيوت العبادة للمسيحيين في تسعينيات القرن الماضي، مطلقين النار
على المصلين من الخلف؛ لأنهم مؤمنون -كما قال الشيخ- بعدم جواز وجود هذه الأشياء، وفق تعبير الشيخ في ديار المسلمين.
الأمر
الثاني:
هو
أن يؤكد الإخوان تمسكهم بما نشرته مجلة «الدعوة»، وأن تكون لديهم
الشجاعة الكافية للإصرار على أن هذا هو رأيهم الحقيقي الذي لا يحيدون عنه، وهنا
ينكشف خطابهم الحقيقي المتعصب المتعنت، المغاير للتعاليم الإسلامية وروح الدين
الحنيف، والمخالف لاجتهادات أخرى مستنيرة يقدمها عدد كبير من العلماء المسلمين
المعاصرين الواعين بطبيعة العصر ومتغيراته.[3]
لا يوجد بديل ثالث: ولا مجال للمراوغة!

كيف يلتزم غير المسلمين بالنظام الإسلامي؟!
قبل أن نفيق من آثار الفتوى الأولى عن حكم بناء الكنائس
في ديار الإسلام، يُعاجلنا الشيخ الخطيب برأي آخر أشد عنفًا وحِدَّة من السابق.
السؤال جاء من القارئ «م. ح. ط - القاهرة» يقول
فيه:
قرأت
فتوى تقول: إن من حق أهل الكتاب أن يجاهروا بشرب الخمر في الدولة الإسلامية..
والتشريع الإسلامي أعطاهم هذا الحق.. فما رأيكم في هذا الكلام؟ ويُجيب الشيخ:
· يجب على أهل الكتاب -بمقتضى أنهم مواطنون يحملون جنسية الدولة المسلمة ويعيشون على أرضها وبين أهلها- أن يلتزموا بالنظام الإسلامي، وجانب هذا الالتزام في المسائل التي لا تمسّ عقائدهم أو حريتهم الدينية، فمثلًا لا يطلب منهم أداء الصلاة، ولا دفع الزكاة، ولا أداء الحج، ولا الجهاد، وكذا كل العبادات ذات الصبغة الدينية، أما غير هذه الأمور فلابد من النزول على حكم الشريعة الإسلامية، فمن سرق يُقام عليه حد السرقة، كما يُقام على المسلم، وكذلك من زنا، أو قطع الطريق، أو ارتكب جريمة من الجرائم، وهذه غاية العدل والمساواة، وكان القضاة في مصر يقضون بين المسلمين في المسجد، ثم يجلسون على باب المجلس بعد العصر للفصل في قضايا أهل الكتاب، وأحيانًا يخصص القاضي لهم يومًا يحضرون فيه إلى منزله ليحكم بينهم.
· هذا وللمجتمع الإسلامي عادات وتقاليد يجب على كل من يعايشه أن يحافظ عليها، فلا يصح التبرج، ولا يجوز الاختلاط، أما أحوالهم الشخصية التي أحلها لهم دينهم، كالزواج والطلاق وأكل الخنزير وشرب الخمر، فالإسلام لا يتعرض لهم في هذا بمنع ولا إبطال، واستثنى هذه الأمور كثير من الفقهاء، واشترط الجميع ألا يجاهروا بها، أما الربا فهو حرام عليهم في ديانتهم، وفي كل الرسالات السماوية، فلا يصح أن يتعاملوا به داخل الدولة الإسلامية، وعلى هذا فكل المنكرات التي حرمها الإسلام لا يجوز لأحد أن يجاهر بها؛ لأن في المجاهرة بها إهدارًا لكرامة الأمة الإسلامية، التي تحرص على رعايتهم، وتوفر الأمن والطمأنينة لهم، فكل الأمور التي ينهى الإسلام عنها ويحذرهم منها، وهي مباحة عند أهل الكتاب، فعليهم إن أتوها وفعلوها ألا يعلنوها، أو يظهروها بصورة المستهتر بمشاعر من حوله من جمهور المسلمين، ولعل الفتوى التي قرأتها من دعاة العصرية وضحايا الغزو الفكري ممن يحرصون على تمييع هذا الحق لكي يُساير العصر والتقدم المزعوم، كما يصور لهم الخيال المريض والفهم العليل، فالمجتمع الإسلامي مجتمع إنساني نظيف عفيف، ليس فيه ملاهٍ ليلية، وليس فيه سياحة ماجنة على حساب الأعراض والأخلاق، والمسلم فيه يخشى الله وحده قبل أن يشغل بالخوف من الناس.[4
لابد من وقفة متأنية أمام المفردات اللغوية في
الفتوى، فهي تلقي الضوء ساطعًا على مضمونها الخطير:
* مواطنون يحملون جنسية الدولة المسلمة
* النزول على حكم الشريعة
* لا يصح التبرج ولا يجوز الاختلاط
* عدم المجاهرة في السلوك الشخصي*
* المجتمع المسلم ليس فيه سياحة ماجنة
لماذا يُنكر الإخوان المسلمون إذن نيتهم في تطبيق الشريعة الإسلامية على غير المسلمين؟! الشيخ الخطيب صارم في تحديده؛ أن غير المسلم يحمل جنسية الدولة المسلمة، ولابد من نزوله على حكم الشريعة، ولا يصح له أن يُمارس سلوكًا -أي سلوك- يتنافى مع مبادئ الشريعة الإسلامية كما يفهمها الشيخ، وفضلًا عن ذلك كله تبقى حريته الشخصية مقيدة بشرط فضفاض غامض هو: عدم المجاهرة!
ويبدو الشيخ كأنه يُقدم تنازلًا ينم عن المرونة والتسامح، عندما يُقرر أن المسيحيين ليسوا مطالبين بالصلاة والزكاة والحج! وسرعان ما يصل إلى الكارثة الحقيقية بإعفائهم أيضًا -وكأنها مكرمة- من «الجهاد».
الكلمة
الأخيرة بالغة الخطورة، فهي تعني -بلغة العصر وقواعده السارية- أن المسيحيين
المصريين ليسوا مطالبين بأداء الخدمة العسكرية، فهي مقصورة على المسلمين وحدهم!
المفهوم عند الجميع أن الخدمة العسكرية «الوطنية» حق لكل مصري وواجب
عليه، ولا مجال للإعفاء منها إلا وفق شروط يُحددها القانون لأسباب كثيرة لا علاقة
لها بالدين، الإخوان المسلمون يحولون الخدمة العسكرية «الوطنية» إلى
واجب «ديني» جهادي، لا ينال المسيحيون شرف أدائه، وإذا لم يكن هذا الرأي
الخطير هو اللعب بالنار، فأي شيء إذن يكون؟![5]
لقد حارب المصريون، المسلم والمسيحي، جنبًا إلى جنب في 1948 و1956 و1973، وكان اللواء «المسيحي» فؤاد عزيز غالي من أبطال حرب أكتوبر المرموقين، وفي الحروب السابقة، جميعًا اختلطت دماء المصريين في سبيل تحرير هذا الوطن، لكن الإخوان لا يعترفون بالوطن والوطنية، ولا يتعاملون مع الآخر الديني على أنه مواطن مصري، له حقوق المصريين وعليه واجباتهم، إنه مسلوب الحق في إقامة الكنائس، ومقيد فيما يلبسه ويأكله ويشربه، وممنوع من الدفاع عن وطنه!
ومن الغرائب التي تحفل بها الفتوى أن «المجاهرة» إهدار لكرامة الأمة الإسلامية، وكم من الجرائم تُرتكب باسم الكلمات الكبيرة البعيدة عن التحديد والوضوح، وكم من الإساءات التي تلحق بالدين الإسلامي عندما يتم اختزاله وتقزيمه وارتهان مصيره بسلوك جزئي عابر لا يعني شيئًا، هل هانت كرامة الإسلام حتى إنها تتأثر بسلوك فردي لا يسيء إلى أحد؟!
مصر دولة مدنية ينتمي إليها المصريون جميعًا، لكن الشيخ الخطيب يفرض القيود بلا حساب، ويلجأ في نهاية فتواه إلى الإنشائية الزاعقة، ويبث من خلالها رأيًا خطيرًا، فهو يُجرم السياحة ويحرمها، فالإسلام: ليس فيه سياحة ماجنة على حساب الأعراض والأخلاق.. يعتقد الشيخ أن السائحين جميعًا من غير المسلمين، وأن انحرافهم هو الأصل، وتأديبهم هو القاعدة، هل يمكن تصديق الإخوان المسلمين إذن في إدانتهم للأعمال الإرهابية التي طالت الحركة السياحية والسياح في الأقصر وطابا وشرم الشيخ؟! مرتكبو هذه الأعمال الإرهابية الدنيئة ينطلقون من مقولات الإخوان التي تجسدها الفتوى؟! السياحة ماجنة محرمة، ولابد أن يترتب على هذه الإدانة «فعل» لإيقاف ما يحرمه الله.
الإخوان المسلمون مطالبون بالرد على شيخهم أو تأييد أفكاره، فهل يُوافقون على أن أداء الخدمة العسكرية «الجهاد» واجب على المسلمين وحدهم؟ وهل يسايرونه في تحريم السياحة الماجنة؟! لأنهم غير قادرين بالضرورة على إنكار ما يُمثل جزءًا أصيلًا من نسيج أفكارهم، فلا أقل من أن يتسلحوا بالشجاعة، ويعلنوا على الملأ أنهم ينظرون إلى المسيحي المصري، على اعتبار أنه مواطن من الدرجة الثانية، لا حقوق له ولا واجبات عليه.

* هل يُدفَن غير المسلمين في مقابر المسلمين؟
في السياق نفسه تأتي الفتوى الثالثة في العدد نفسه، ويتعلق موضوعها بحكم دفن غير المسلم في مقابر المسلمين؟
ويُقدِّم الشيخ الخطيب فتواه:
"لا
يجوز -شرعًا- أن يُدفن غير المسلم في مقابر المسلمين؛ حتى لا يتأذوا بعذابه في القبر،
ولقد نظر علماء السلف في المرأة الكتابية التي تموت وهي حامل من مسلم؛ فقالوا: تُدفن
وحدها، لا في مقابر المسلمين، ولا في مقابر غيرهم، روى البيهقي عن وائلة بن الأسقع:
أنه دفن امرأة نصرانية -في بطنها جنين مسلم- في مقبرة ليست بمقبرة للنصارى ولا
المسلمين، واختار هذا الإمام أحمد بن حنبل، وقال: لأنها كافرة لا تُدفن في مقابر
المسلمين؛ فيتأذوا بعذابها، ولا في مقبرة الكفار؛ لأن ولدها مسلم فيتأذى بعذابهم،
وأجمع سلف هذه الأمة على أن الميت إذا مات يكون في نعيم أو عذاب، وأن ذلك يحصل لروحه
وبدنه؛ لذلك لزم التفريق في الدفن بين مقابر ومثوى المسلمين وغيرهم.[6]
السؤال مريب وغير منطقي، وكان واجبًا استبعاده لغياب عنصر الجدية.. يعلم الجميع أن للمسلمين مقابرهم، وللمسيحيين مقابرهم، ولليهود -أيضًا- مقابرهم، والإجابة الموجزة تتمثل في الرد بأنه لا يجوز الدفن؛ لكن الشيخ الإخواني لا يريد أن يُفلت فرصة تلوح، وتتيح إهانة المسيحيين وتسفيه عقيدتهم إلا ويغتنمها.. يجزم الشيخ في رده بحتمية عذاب غير المسلمين في قبورهم، ولغة التكفير والإهانة هي السائدة المهيمنة: المرأة النصرانية كافرة، والجنين المسلم في بطنها يتأذى بعذاب أمه ومن يشاركونها في الكفر!
يُجمِع
العلماء على أن الميت يتعرض للنعيم والعذاب في قبره؛ لكنهم يتفقون -أيضًا- على أن
الأمر كله بيد الله وحده؛ فلا أحد غيره يملك ادعاء العلم بمن يعرف النعيم أو يطوله
العذاب.
ألن يُعذب أحد من موتى المسلمين؟ ألن يتأذى المسلمون المنعمون في قبورهم بعذاب المسلمين، أم أن الأذى لا يتحقق إلا إذا كان العذاب واقعًا على غير المسلم؟!
أهي قضية تستحق الاهتمام؟ فكيف يكون الأمر في الطائرة المحترقة، والسفينة الغارقة، والبناية المهدمة؟ ألا تجمع هذه الكوارث الإنسانية بين المسلم والمسيحي واليهودي؟!
يتشبث الشيخ بالإجابة عن سؤال لا يستحق عناء الرد؛ ذلك
أنه يتيح له فرصة تكفير المسيحيين وتسفيه عقيدتهم، هل يُنكر الإخوان أنهم يُكفِّرون
المسيحيين؟ هل يؤمنون بالتعايش معهم في مجتمع واحد يسوده الاحترام وتظله
السماحة؟ إنهم لا يملكون التراجع بعد أن وثَّقوا أفكارهم ونشروها على الملأ، وهذه
الأفكار تتأكد في فتوى أخرى تتجاوز أقوال السلف إلى محكم التنزيل.

*العداوة والمَوَدَّة
ويقدم
الشيخ محمد عبدالله الخطيب فتواه في معنى الآية، قائلًا:
هذه الآية والآيات التي بعدها في سورة المائدة تكشف عن
حقائق ينبغي أن يعرفها المسلم:
1- أن اليهود والذين أشركوا هم أعدى أعداء الإسلام، وهذه العداوة لا تخفى على أحد؛ لأن الحروب والكيد والمؤامرات على هذا الدين لم تنقطع لحظة إلى اليوم، والمفروض في المسلمين أن يرفعوا الغشاوة من فوق عيونهم، وأن يحترموا قرآنهم ودينهم، وألا يرددوا كلمات، أو يأتوا بأفعال تتناقض مع إيمانهم، وصدق الله العظيم: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ».
2- الحقيقة الثانية في الآية هي «وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى»، ونبادر بالقول: إن هذا الجزء من الآية، وما تلاه من آيات تحسم الموقف؛ أن الآية لا تشمل كُلَّ مَن قالوا «إنا نصارى»؛ بل الحكم فيها على فريق خاص محدد الملامح والسمات في باقي الآيات بعدها.. هذا الصنف استجاب لله فعلًا وآمن بالإسلام، واعتنق هذا الدين؛ فهو مسلم متبع.. ذكر الإمام القرطبي في سبب نزول هذه الآيات: «أن النجاشي وأصحابه حين سمعوا سورة مريم من سيدنا جعفر -رضي الله عنه- تأثروا وبكوا؛ حتى أخضلت لحاهم من الدموع»، وذكر البيهقي: «أن وفدًا قدم على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو بمكة؛ فوجدوه في المسجد؛ فكلموه وسألوه؛ فدعاهم إلى الإسلام، وتلا عليهم القرآن؛ فلما سمعوه فاضت أعينهم من الدمع، ثم استجابوا له وآمنوا به وصدقوه، وعرفوا منه ما كان يُوصف لهم في كتابهم من أمره»، وقال قتادة: «نزلتُ في ناس من أهل الكتاب كانوا على شريعة من الحق مما جاء به عيسى عليه السلام؛ فلما بعث الله محمدًا -صلى الله عليه وسلم- آمنوا به؛ فأثنى الله عليهم"، وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال: «بعث النجاشي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اثني عشر رجلًا؛ سبعة قسيسين وخمسة رهبان، ينظرون إليه ويسألونه؛ فلما لقوه وقرأ عليهم ما نزل بكوا وآمنوا، وأنزل إلى الرسول: «تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ».. الآيات؛ وهذا هو الحق؛ أما تحريف الكلم عن مواضعه؛ ليتميع هذا الحق؛ فهو أمر مرفوض ومنكر تجب إزالته، والله أعلم. [7]
أهم ما في فتوى الشيخ الخطيب أنها تبدأ بإعلان راية
العداوة والتنفير من فكرة التسامح والتعايش، في ظل الاختلاف والتباين؛ فمن يُهمل
ذلك من المسلمين غافل مخدوع، وفوق عينيه غشاوة، وسرعان ما يبادر الشيخ باستدعاء آية
أخرى تنهى عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء، ولا ينشغل في عرضه للآيتين بالتفسير
الشامل، ومعرفة أسباب النزول، وتأويلات السلف الصالح وعلماء العصر؛ فهو لا يفعل ذلك
إلا تأكيدًا لرؤيته السابقة المسيطرة.. «الحقيقة» النهائية عنده أن الآية
الأولى التي سأل عنها، لا تشمل النصارى جميعًا؛ فالحكم فيها على فريق محدد اعتنق
الإسلام! لا يعبأ الشيخ بالمنطق، ويهمل أنَّ الآية القرآنية الكريمة تتحدث عن نصارى
لم يتخلوا عن دينهم، ويتأكد ذلك بالإشارة الصريحة الواضحة إلى القسيسين والرهبان
الذين لا يستكبرون، ولو كان المقصود في الآية مَن أسلموا؛ فكيف يفسر الشيخ وصفهم
بالنصارى، وكيف يعلل الحديث عن القسيس والراهب؟!
ما يريده الشيخ الإخواني هو التأكيد على أنَّ المودة لا تطول إلا من أسلموا، وأن الحكم لا يمتد إلى غيرهم؛ فمن تمسكوا بدينهم، ولم يُشهروا إسلامهم، غير جديرين بالحب والمودة والاحترام!
المسلم الحقيقي -وفق الرؤية الإخوانية التي تجسدها الفتوى السابقة- ينبغي أن يكون كارهًا أصيلًا لغير المسلم، والمثير للدهشة أنهم يتحدثون الآن -في انتهازية سافرة- عن المُوَاطَنة، والتعايش، والتسامح، والديمقراطية، والحقوق الكاملة لغير المسلم؛ فأي الرأيين يعبر عن الإخوان: ما نشرته مجلتهم الرسمية أم أحاديثهم وبياناتهم التي يملؤون بها الدنيا ضجيجًا، ويسعون من خلالها إلى خداع الجميع؟!
الآراء المنشورة الموثقة تؤكد أنهم أبعد الناس عن
التسامح ونبذ التعصب، ويتأكد ذلك في تعنتهم الشديد عندما يتطرق الأمر إلى مفهوم
الحرية الدينية.

*لا إكراه في الدين
يسأل
«ع. ش. بريطانيا»: سؤالًا حول ما يُشاع في بلاد أوروبا من أن الإسلام انتشر
بالسيف والإرهاب؛ ما يُؤثِّر على نظرة البعض للإسلام.
ويأتي الرد على النحو التالي:
«إن
نظرة واحدة على خريطة العالم تثبت -يقينًا- أن الإسلام انتشر، لا بالسيف
والقهر كما يدعون؛ بل لأنه أبعد عن كل ما كان حل به سلطان الضغط والقهر
وإرهاب الشعوب، لقد طارد الإسلام النُّظُم المستبدة الجائرة، ثم خلَّى بين الشعوب وما تريد بكامل حريتها وإرادتها؛ فلا إكراه في الدين.. وهو المبدأ الذي طبَّقه
المسلمون في كل بقاع الدنيا، والتاريخ -رغم التحامل عليه- لم يثبت -للآن- أن المسلمين
الفاتحين أكرهوا فردًا واحدًا على الدخول فيه، ومعظم البلاد التي ندرت فيها الحروب
هي البلاد التي يقيم فيها الآن أكثر مسلمي العالم.. كإندونيسيا والهند والصين، هذه
البلاد وغيرها فتحها المسلمون بأخلاقهم، وسلوكهم، وعدلهم، واحترام إنسانية الإنسان،...
وهذه شهادة كبار المستشرقين، وإن أكثر ما تم من الفتح الإسلامي إنما كان بفضل
التجارة والدعوة السلمية، والإقناع الحكيم والقدوة الحسنة، ويقول: ومن الحق لو كان
دخول هذه الأمم في حظيرة الإسلام تحت سلطان السيف؛ لخرجوا منه منذ دخلت السيوف في
أغمادها، ومنذ غفل المسلمون عن أسلحتهم، ثم يقول: «ولكن الإسلام -كما قال هرقل
عاهل الروم في عصر النبوة- متى خالطت بشاشته القلوب لا يرتد أحد عنه ساخطًا
له».. وعليكم أنتم أن تثبتوا للعالم سماحة هذا الدين وعظمته، أما كيد الأعداء
وتضليل الأجيال؛ فهو عمل الحاقدين والمفسدين، وهو مردود عليهم...[8]
الملاحظة
الجديرة بالاهتمام، أن السؤال والإجابة عن أكذوبة انتشار الإسلام بالسيف، أما
العنوان الصحفي للفتوى فهو «لا إكراه في الدين»، وغني عن البيان أن
الاختلاف قائم بين القضيتين: لا إكراه في الدين في إجبار الناس على اعتناق
الإسلام؛ لكن الآراء التي يؤمن بها الإخوان تشير إلى إكراه لا شك فيه؛ فما الذي
يفعله غير المسلم عندما يُحرم من كل حقوقه في الدولة التي يحكمها الإخوان، بما في
ذلك حق بناء دور العبادة، إلا أن يغادر وطنه أو يؤمن بالإسلام؟ ليس صحيحًا أن
الإسلام قد انتشر بحد السيف؛ لكن أفكار الإخوان تُقدم نموذجًا عمليًّا مُتطرفًا للقهر
والإرهاب والإكراه، وليس من سبيل أمامهم إلا اللجوء إلى عبارات إنشائية فضفاضة، يخلط الشيخ عامدًا بين غياب الإكراه عند الغزو والفتح، والإكراه العملي عند
استقرار الدولة وممارساتها التي تُعبِّر عنها الفتاوى السابقة.
وحتى لا يطول الاتهام بالتحامل على الإخوان، نرى لزامًا
التوقف أمام ما ورد في العدد رقم «31»، الصادر في ديسمبر 1978، فتحت
عنوان «أهل الكتاب والإيمان» يرد الآتي:
بعض
أسئلة وصلت إلى مجلة «الدعوة»، عمَّا يدور بين بعض أُناس، حول أهل الكتاب
والإيمان، ورأت الدعوة أن تضع الأمر في موضعه الصحيح بميزان الشرع والفقه؛ فعرضت
الأمر على فضيلة الشيخ محمد نجيب المطيعي الذي أفتى بالآتي:
قال
تعالى: «قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعْمَلُونَ»، «يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ»، «وَقَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ»، «لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ»، «وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ»، والله تعالى عبَّر عن أهل الكتاب بأنهم: «أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ»، وقال: «فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ».
وقال
تعالى: «لَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَٰكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا»،
والقليل الذين آمنوا كعبد الله بن سلول.
وهل
يريد أحد دليلًا أوضح على كفر كل مَن لم يؤمن برسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- مِن قول
الله تعالى: «يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَىٰ فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ ۖ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ»، وقوله تعالى:
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا»، وقال تعالى: «قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ»، «قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ ۚ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ»، «وإذا جاءوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يكتمون».
وقال
تعالى: «وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا».
وقال
تعالى: «قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ ۗ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۖ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ».
وقال
الشيخ نصيف اليازجي، أحد علماء أهل الكتاب في لبنان، منذ نصف قرن:
«نحن النصارى آل عيسى المنتهى حسب التأنس للبتولة مريم؛ فهو الإله ابن الإله وروحه ثلاثة في واحد، لم تقسم للأب لاهوت ابنه، وكذا ابنه، وكذا هما، والروح تحت تقنم كالشمس، يظهر جرمها بشعاعها وبحرها، والكل شمس؛ فاعلم».[9]

في أي شيء يفتي المطيعي؟!
الحقيقة
أنه لا يُوجد سؤال محدد يستدعي الفتوى؛ فالمعلوم أن لأهل الكتاب معتقداتهم التي
يؤمنون بها، ويُحاسبون عليها عند لقاء الله، وعلى المسلم أن يتمسك بدينه، ويؤمن به، وعلى الآخرين أن يتحملوا -أمام الله وحده– مسؤولية إيمانهم، دون أن يسعوا إلى
فرضه على المسلمين.
ما
القضية هنا؟ مفهوم الإيمان مختلف بطبيعة الحال، والآيات الكريمة التي يستشهد بها
الشيخ المطيعي؛ تحتاج إلى عشرات الصفحات من الشرح والتحليل؛ لتقديم الإضاءة الكاملة
المتكاملة، المسلم الصادق يعرف الآيات، ويصدقها، ويؤمن بها، وغير المسلم ليس مطالبًا
بالاعتراف بها أو تصديقها؛ لأنه ليس مسلمًا؛ فلا ينبغي أن تكون حجة عليه.
ولكي يبرهن الشيخ على ثقافته وسعة اطلاعه؛ فإنه ينقل -عن اللبناني نصيف اليازجي- أبياتًا شعرية يشرح -من خلالها- عقيدة أهل الكتاب! أي منهج علمي هذا؟ وكيف يتم الاعتماد على كلمات كهذه كأنها خلاصة عقيدة ما؛ مع إهمال آلاف الكتب الأخرى؟ هل يرضى الشيخ محمد نجيب أن يلجأ واحد من غير المسلمين إلى قصائد محيي الدين بن عربي أو الحلاج أو عمرو بن الفارض؛ فيجعل منها حجة على العقيدة الإسلامية؟! لن يرضى طبعًا؛ لكن الأمر مختلف عندما يتعلق بالآخرين!
الاختلاف الديني قائم إلى ما شاء الله، والحكمة يعلمها الله، والجدل الديني بين أصحاب العقائد المختلفة لن يفضي إلى شيء، وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تدعو إلى الإعلاء من شأن حرية الإرادة والحق في الاختيار: «لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ» «فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ»؛ فلماذا لم يلجأ الشيخ الجليل إلى هذه الآيات الكريمة؛ حتى تكتمل ملامح الصورة، ويتحقق التوازن الذي ينشده الإسلام؟!
الحياة
تتسع للجميع، والدين نشاط إنساني فاعل مؤثر؛ لكنه لا ينفرد بالساحة وحده، وفي
العدد رقم «54» -الصادر في أكتوبر 1980- ما يُبرهن على نظرة الإخوان
المتعنتة المتعالية لغير المسلمين من ناحية، ولمن يُشهر إسلامه منهم من ناحية أخرى.
يسأل قارئ مسلم:
بعض
الناس يُشهر إسلامه والمفروض أن تظهر آثار هذا الإسلام في سلوكهم وتصرفاتهم؛ لكن
الثابت أن فريقًا منهم لا تتجلى فيه أخلاقيات هذا الدين؛ فَبِمَ نحكم عليه؟
وتأتي
إجابة الشيخ الخطيب:
- يا أخي.. سياسة الإسلام فيمن يعلن دخوله فيه أن تلقى ذلك منه بالقبول على أساس قاعدة «لنا الظاهر والله يتولى السرائر»، ولم نؤمر بأن نشق عن قلوب الناس، وهذه حقيقة؛ فإن العقيدة من أعمال القلب، وما تنطوي عليه النفوس عند الله؛ غير أن الأسلاف -رضوان الله عليهم- كانوا لا يتغافلون عمن يدخلون في الإسلام؛ لكن يراقبون -برفق وأدب- أثر ذلك في نفوسهم، وسلوكهم؛ فيقولون -عمَّن تُوافق أعماله ما أعلنه بلسانه- إنه أسلم وحسن إسلامه، أما مَن لم يظهر عليه آثار الإسلام وأخلاقياته؛ فكانوا يقولون إنه لم يحسن إسلامه؛ فإذا أنكر معلومًا من الدين بالضرورة أو استهزأ بحكم أو شعيرة من شعائر الإسلام؛ فقد أبان عن حقيقته، وكشف عن هويته، ونحن لا نقول لمن ألقى إلينا السلام لست مؤمنًا –حاشا لله أن نخالف له أمرًا– لكن الذي يريد أن يكون منَّا يجب علينا ألا نغفل عن تصرفاته نحو رابطته بنا، والمسلمون لا يشكون من قلة العدد -والحمد لله– لكن الشكوى المُرَّة من قلة الوفاء لهذا الدين، سواء من أهله القُدامى أو الوافدين عليه.[10]
- في سؤال القارئ المسلم وإجابة الشيخ، إغفال لحقيقة مهمة يتعمدان تجنبها: لماذا يُشهر هؤلاء الناس إسلامهم، ولا يلتزمون بالسلوك الإسلامي؟! الإجابة في البحث عن دوافعهم لإشهار الإسلام: أهو الاقتناع الديني أم الظروف العائلية والاجتماعية التي تتعلق بالرغبة في الزواج من مسلمة أو السعي إلى الطلاق من الزوجة المسيحية؟! لو كان الإيمان هو الدافع لاستقام السلوك، وتوافق مع تعاليم الإسلام، ولو كانت مفارقات الحياة هي السبب؛ فسيغيب التناقض، وتطل الحقيقة السائرة.
- وبعيدًا عن تعمد إغفال الجذور والدوافع، التي تُلقي الضوء الساطع على القضية التي يثيرها السائل؛ فإن الإجابة تعتمد على السلف؛ لتشهر سلاح القمع والإدانة والاتهام، والمفارقة اللافتة أن يعترف الشيخ بأن المسلمين لا يشكون من قلة العدد، وهذا صحيح؛ لكنه ينشغل بالأفراد القلائل الذين يدخلون إلى الإسلام أو يخرجون منه، وهذا ما يقود إلى قضية خطيرة؛ ألا وهي قضية الردة.

* الردة في الإسلام *
هل
يؤمن الإخوان المسلمون بالحرية الدينية؟ الإجابة بالنفي، وفي موقفهم من قضية «الردة» ما يؤكد ذلك.
من
الضروري هنا أن نُشير إلى أن ما يُسمى بحد الردة، الذي يثير قدرًا كبيرًا من الاختلاف بين علماء
المسلمين، حيث ذهب بعضهم إلى أن الإسلام لا يعرف هذا الحد، ولكن لا يتسع المجال هنا
لاستعراض الآراء والاجتهادات المختلفة حول قضية حد الردة، ذلك أن ما يُعنينا هو
الوقوف على فتاوى الإخوان المسلمين فيها.
في العدد رقم «23» من مجلة «الدعوة» الصادر في شهر أبريل 1978 يسأل أحمد بركات:
فتاة
أشهرت إسلامها بعد صراع مع أهلها، ولكنهم لم يتركوها حتى تصالحت معهم، وذهبت
لزيارتهم ولم تعد، فهل في الإسلام ردة؟ وما الحكم عليها في مثل هذه الحالة؟
ويجيب الشيخ:
الخروج
من دين الإسلام بعد الدخول فيه ردة؛ لأنه استهتار به، وتحد للأمة الإسلامية، والإسلام لا يكره أحدًا على الدخول فيه، ولكنه يرفض التلاعب به، يقول النبي -صلى الله عليه
وسلم- «من بدل دينه فاقتلوه»، ومن الأصناف الذين أهدر الإسلام دمهم
(التارك لدينه المفارق للجماعة)، أما عن الفتاة فإذا كانت تعيش مع أهلها وهي مكرهة، ولا تجد وسيلة لتركهم وقلبها ما زال مطمئنًّا بالإيمان فهي ما زالت على إسلامها،
وعليها أن تحاول بقدر إمكانها أن تتخلص من الفتنة وتنجو بدينها، أما إذا كانت
تصالحت معهم وانشرح صدرها بما عليه أهلها من الكفر فقد انتهى أمرها، وأصبحت مرتدة،
واشترط الفقهاء قبل الحكم عليها أن تستتاب ويُعرض عليها الإسلام من جديد حتى يكون
الحكم عليها سليمًا، وتلك هي سماحة الإسلام حتى مع الخارجين عليه –والله أعلم.[11]
لا
يكشف السائل عن الأسباب التي دفعت الفتاة إلى الإسلام، ولا يُكلف نفسه عناء توضيح
طبيعة الصراع الذي خاضته مع أهلها، وكيف ولماذا رضيت بالتصالح معهم؟ وبذلك كله
تمتلئ القصة بالغموض والألغاز.
ولا تختلف الإجابة في غموضها عن السؤال: كيف تتخلص الفتاة من الفتنة وتنجو بدينها؟ ومن الذي يملك حق التفتيش عن درجة إيمانها أو كفرها؟ وأهم من ذلك كله: من ينفذ الحكم «الإسلامي» ويقتلها إذا رفضت التوبة والعودة إلى الإسلام؟ بل من يعرض عليها الاستتابة أصلًا؟
هذه هي سماحة الإسلام مع الخارجين عليه عند الإخوان:
تجاهل الأسباب والجذور، والمبادرة إلى البطش والتلويح بالقتل، والغموض المريب في
تحديد من ينفذ ما يرون أنه حكم الله.
ويزداد موقف الإخوان وضوحًا في فتوى أخرى أكثر عمومية، فالسؤال لا يتعلق بحالة فردية محددة كما هو الحال في الفتوى السابقة، ولكنه عن «حكم المرتد في الإسلام» وعن الموقف من أبنائه أيضًا!
في العدد رقم «23» الصادر في شهر «أبريل
1978» يسأل رياض عبدالقادر من إقليم كشمير بالهند:
ما حكم المرتد في الإسلام؟ وهل يُقتل ابنه كذلك؟
ويجيب الشيخ محمد عبدالله الخطيب:
"الردة
هي الرجوع عن الإسلام بنية الكفر أو قول الكفر أو فعله، قال تعالى: «وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»، والإسلام لا يكره أحدًا على الدخول فيه «لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ»، ولكن من اعتنقه وآمن به فلا يحل له
أن يتلاعب به، والردة خيانة عظمى لله، واستهتار برسالته، والمُرتد إما أن يتوب فيعود
للإسلام أو يصر على ردته فيقتل.. أما محاولات تمييع هذا الحكم فهو درجة من العبث
والإفساد في الأرض.
أما ابن المُرتد فمما لاشك فيه أنه من وُلد في الإسلام فهو
مسلم؛ لأنه وُلد بين مسلمين. فيحكم بإسلامه تبعًا لأبويه، فإن ارتد الأبوان فإن
الابن يبقى على إسلامه ولا يتبعهما في ردتهما، وهذا الحكم محل اتفاق بين الفقهاء..
والطفل الذي يكون في بطن أمه وقت الردة لكنه ولد بعد ردتهما يحكم أيضًا بإسلامه،
وإذا ارتد رجل مسلم دون امرأة مسلمة، ووُلِدَ له بعد ذلك ولد فإنه يكون مسلمًا تبعًا
لأمه «يتبع الابن خير الأبوين دينًا»، وإذا كان الحمل في حال الردة من
أبويه وولد فيها فهو كافر أيضًا. [12]
وهنا ثمة ملاحظات عديدة لابد من طرحها حول الفتوى:
أولًا: هل ضاقت الدنيا بالسائل «رياض عبدالقادر» وهو كشميري من الهند، فلم يجد إلا مجلة «الدعوة» في القاهرة لتجيب عن سؤاله؟! ما أكثر علماء الإسلام في بلاده، وما أيسر أن يسألهم ويستفتيهم, فلماذا لم يلجأ إليهم؟. أم أنه فعل ولم يقدموا له الإجابة الشافية؟!
ثانيًا: التعريف الذي يقدمه الشيخ الخطيب للردة يتسع، فيشمل «قول» الكفر أو «فعله»، ولا ينشغل الشيخ بتحديد الأفعال والأقوال المفضية إلى الكفر، وهل هي خاضعة لقانون صارم يحدده الإسلام، أم أنها مسألة اجتهادية تقع مسؤوليتها على علماء الدين في كل عصر؟! ولأن الإسلام- فيما نعلم- لا يقدم مثل هذا التحديد، فإن الأمر ينصرف بالضرورة إلى البشر غير المعصومين، وقد حكم بعضهم على نجيب محفوظ وفرج فودة ونصر حامد أبوزيد، وغيرهم كثير، بالردة والكفر لما اقترفوه من أقوال، يرى هؤلاء القضاة، غير المؤهلين وغير المعصومين، أنها ترادف الكفر وتعني الردة وتستوجب القتل، وسرعان ما تم تنفيذ الحكم انطلاقًا من التوسع غير المحسوب في تكفير المخالفين في الرأي، فهل يدرك الشيخ الخطيب أي باب من أبواب الفتنة قد فتحه بمقولته هذه؟ وهل يتولى الإخوان المسلمون مسؤولية السلطة، فيسارعون إلى التكفير والقتل بلا حساب؟ وهل يمكن أن ينجو غير المسلمين من هذا المصير إذا كان المسلمون أنفسهم عرضة له؟
ثالثًا: قتل المرتد عند الشيخ الخطيب عقوبة إسلامية يقينية لا تقبل الجدل، ولا شك في معرفة فضيلته أن الآراء مختلفة في هذه المسألة، والدليل على ذلك ما يقوله الرجل: أما محاولات تمييع هذا الحكم فهو ضرب من العبث والإفساد في الأرض[13]، وكل من يختلفون معه في الرأي ينتسبون إلى طائفة المفسدين العابثين, ولا وقت عنده لمناقشة اجتهاداتهم أو تفنيدها.
رابعًا: الإسلام دين العقل والفطرة، والإنسان فيه مسؤول عن أفعاله واختياراته، وفى هذا الإطار يبدو السؤال عن ابن المرتد غريبًا، ولا يختلف المجيب عن السائل، فهو ينساق في طرح احتمالات كثيرة، ويستعرض معرفته بآراء الفقهاء الذين لا يسميهم، أما العقل وإعماله فلا شأن له ولا تقدير، ولا اهتمام به على الإطلاق.
هل يحتاج موقف الإخوان من الحرية الدينية أو حد الردة إلى مزيد من الشرح؟!
في العدد رقم «31» الصادر في ديسمبر 1978، يسأل «م.ع - المنيا» سؤالًا مماثلًا حول مفهوم حد الردة ونظرة الإسلام إلى المرتد. وتأتى إجابة الشيخ محمد عبدالله الخطيب على النحو التالي:
"لا يخفى على أحد اليوم أن هناك محاولات مستمرة هدفها النيل من الإسلام وبعض من يحاول الهدم اليوم ممن ينتسب إلى الإسلام، والإسلام أمنع من أن تنال منه معاول الهدم على اختلاف أنواعها.. وحد الردة يثبت بالكتاب والسُنَّة في قول الله تعالي «وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ» والحديث الصحيح «من بدل دينه فاقتلوه»، فالمرتد من خرج من الإسلام بعد أن كان فيه، وسمي مرتدًا لأنه رجع إلى الوراء حيث الضلال والهلاك. والإسلام لا يُكره أحدًا على الدخول فيه «لا إكراه في الدين»، ولكنه في الوقت نفسه يرفض العبث والتلاعب به أو التمرد عليه.
والردة تشبه في زماننا هذا – جريمة الخيانة العظمى – ومطلوب من حماة حرية الرأي والفكر أن يكونوا شجعانًا|؛ فيعلنوا أن من حق الإنسان أن يخون وطنه أو يعرضه للخطر. فإذا كان الوطن هو قطعه من الأرض لا يُباح لأي مخلوق أن يعبث به، فأولى أن يصان دين الله ورسالة الإسلام من ألاعيب المستهترين.. والإسلام العظيم.
اعط المرتد حرية الرجوع وحق التوبة، ولابد من التأكد من موقفه بلا إرهاب ولا إكراه، فإن كانت لديه شبهة يريد لها بيانًا فالإسلام لا يعتبره مرتدًا بل توضح له الأمور بلا عجلة أو تسرع.. وهذه حرية الرأي والفكر في حفظ هذا الدين من العبث وصيانة الإنسان من الهلاك والضياع والخسران المبين باتباع الهوى والشيطان.[14]
وكما اعتدنا من مفتي الجماعة، الرد يحفل بالعديد من المغالطات، وهو ما يستدعي وقفه متأنية للكشف عن طبيعة وخطورة المنهج الانتقائي الذي يتبعه الإخوان:
أولًا: يقول الشيخ حد
الردة يثبت بالكتاب والسُنَّة. قال تعالى «ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو
كافر».. إلخ الآية، فهل في الآية الكريمة ما يضع حدًا للردة؟ إنها تؤكد أن
المرتد كافر، ولكن المشرع لا يشير إلى عقوبة دنيوية محددة على هذا الكفر. أما
الحديث النبوي الذي يجزم الشيخ أنه صحيح، فإن شيخ الإسلام بن تيمية – نفسه – في
تفسيره له يرجع عقوبة القتل إلى الشق الثاني من الحديث «المفارق
للجماعة»، وليس الشق الأول «التارك لدينه»، ويفسر ابن تيمية تعبير «المفارق للجماعة» بالمقاتل لها، المنضم لصفوف أعدائها[15].
ويزيد الدكتور سليم العوا «الردة إذا بقيت في طي الاعتقاد الشخصي للمرتد،
وظلت في مكنون سريرته، فإن أحدًا لا يحق له البحث في السرائر أو التفتيش في
الضمائر»[16].
ثانيًا: لا يُكره الإسلام
أحدًا على الدخول فيه، لكن غير المسلم يسأل: ماذا عن المسلم الذي اكتسب إيمانه
الديني بالوراثة وحدها، ولم يستطع الاقتناع في مرحلة في عمره بما ورثه من عقيدة؟، إنه لم يدخل إلى الإسلام، لكنه وجد نفسه فيه، وعجز علماء الإسلام عن إقناعه بالدين
الذي شب عليه. يسألون: لماذا يحق لغير المسلم أن يدخل في الإسلام، ولا يسمح للمسلم
بأن يدخل في دين آخر؟! وهنا يقرر الدكتور العوا «أن إسلام المقلد لدينا لا
يجوز، وأن على المسلم أن يحصل إيمانه وإسلامه بنفسه، فإن اجتهد ولم يصل إلى
الإيمان فهو ليس بكافر» [17].
ويزيد الإمام الأكبر الشيخ شلتوت وهناك فريق* -على رأسه الجاحظ والعنبري- من أئمة المعتزلة، يرى أنه لا إثم على المجتهد مطلقًا،
وإنما الإثم على المعاند فقط، وهو الذي يعرف الحق ولا يؤمن به عنادًا واستكبارًا،
فالمجتهد المخطئ عند هذا الفريق غير آثم، ولو أداه اجتهاده إلى الكفر الصريح؛ لأن
تكليفه عندهم بنقيض اجتهاده تكليف بما لا يطاق، والتكاليف بما لا يطاق ممتنع شرعًا
وعقلًا[18].
ثالثًا: مغالطة كبرى أن يعتمد الشيخ الخطيب مفهوم الردة مرادفًا للخيانة العظمى، ففي المقارنة فساد واضح، وخلط بين العقيدة الدينية وفكرة المواطنة، فالذي يتخلى عن دينه يخون نفسه ويدفع الثمن، أما خيانة الوطن فتتجاوز الذات الفردية إلى الجماعة، والضرر لا يلحق بالخائن وحده. وفى المقابل، هل يرضى الشيخ لمن يشهر إسلامه من الإنجليز أو الفرنسيين أو الأمريكيين أن يتهم بالخيانة العظمى؟!. وما رأي الإخوان الذين يمثلهم الشيخ الخطيب إذا حوكم أحد هؤلاء المسلمين في بلاده بتهمة الخيانة العظمى؟!
رابعًا: من حق المرتد أن يعرف إجابات مقنعة عن الأسئلة والشبهات التي تحيره كما يقول الشيخ الخطيب، لكنه لا يتطرق إلى فرضية واردة وهي فشل من يحاولون إقناعه وهدايته. يرى الشيخ أن محاولة الإقناع تعبر عن «حرية الرأي والفكر» وكأنما مباراة فكرية من طرف واحد!

*تسفيه عقائد الآخرين *
في
العدد رقم «61» من مجلة «الدعوة» مايو 1981، يتصدى الشيخ
الخطيب للإجابة عن أسئلة كثيرة تتعلق بالتبجح الصليبي والسرطان التبشيري. وقد أسهب
الشيخ في التصدي للمؤامرات التي يراها عبر صفحتين كاملتين من صفحات المجلة، وما
يُعنينا هنا هو التوقف أمام الفترات التي تكشف عن حدة التعصب الديني والحرص على
تسفيه عقائد المسيحيين والدخول معهم في معارك لا طائل من وراءها ولا هدف يرجى
منها.
يقول الشيخ في جزء من مقاله:
جاء
في كتاب «إغاثة اللهفان» ما يلقي الضوء على هذه العقيدة الغربية والعجيبة، حيث ذكر «أن أصل معتقد النصارى هو أن أرواح الأنبياء عليهم السلام كانت في
الجحيم في سجن إبليس من عهد آدم إلى عهد المسيح، وكان سجنهم بسبب خطيئة آدم عليه
السلام، وكان كلما مات واحد من بني آدم أخذه إبليس وسجنه في النار، فلما أراد الله
خلاصهم من العذاب تحيل على إبليس فنزل من السماء والتحم ببطن مريم حتى ولد وكبر
فمكن أعداءه اليهود من نفسه حتى صلبوه»، ومعنى هذا التصور المضحك والمبكي في
آن ما يلي:
1- نسبة أشياء إلى المولي -جل وعلا- يأنف أي عاقل أن ينسبه
إلى بشر مثله.
2- نسبة الظلم إلى الله حيث زعموا أنه سجن الأنبياء في
النار؛ بسبب أمر لم يقع منهم ألا وهو خطيئة آدم.
3- ثم نسبوا إليه سبحانه هذه الوسيلة العجيبة حين زعموا أنه
لم يستطع تخليص أنبيائه بغير هذه الوسيلة وهي الصلب -حاشا لله-[19]
لن نتوقف كثيرًا أمام «خفة دم» الشيخ الوقور، وهو يصف تصور الآخرين بأنه «المُضحك المُبكي» لكن المضحك المبكي بحق هو أن يستمد العالم الموضوعي معلوماته وما يترتب عليها من كتاب «إغاثة اللهفان»، ثم ينبري للرد على المعتقدات المسيحية وإظهار ما فيها من وهن وضعف وخلل، هل يرضى فضيلته أن يؤلف كاتب من غير المسلمين كتابًا يسيء إلى الإسلام، ثم يأتي كاتب آخر (غير مسلم أيضًا) فينقل عنه ويعتمد عليه، ولا يكلف نفسه مشقة العودة إلى أي من الكتب الإسلامية المعتمدة، أو التوجه إلى أحد العلماء المسلمين الثقاة؟
هل يستريح الضمير العلمي للمفكر الإخواني الإسلامي
باعتماد اللامنهج والسقوط في شرك السطحية والتبسيط؟!
القضية
الأساسية لا تكمن في العقيدة الدينية، لكنها في أسلوب الحوار المليء بالتسفيه
والتجريح والإهانة الفظة الغليظة. كم في المسيحيين من عقلاء كما هو الحال عند
المسلمين، لكن عاطفة الإيمان الديني لا تُقاس بمثل هذه الخفة، وبمثل هذا النمط من
الاستخفاف عبر آلاف السنين تعايشت الأديان المختلفة، ونشبت المعارك الضارية بين
أنصار كل دين، وزعم المؤمنون بكل دين من الأديان أنهم وحدهم على صواب، والآخرون على
خطأ، لكن مسيرة الزمن تبرهن على ندرة التحول، وتؤكد استمرارية التجاور
والتعايش.
تقضي
الحكمة الإلهية بالتنوع، «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة»، سبحانه
وتعالى –لو شاء- لانخرط الجميع تحت راية دين واحد؛ لكن المشيئة الإلهية العظيمة
تغيب عن جماعة الإخوان، التي لا تتقبل فكرة وجود الآخر المختلف، دينيًّا كان أم
سياسيًّا، ويصل الشيخ في نهاية مقاله إلى جوهر ما يريد التعبير عنه وترسيخه والتأثير
من خلاله على القارئ الذي لا يملك إلا أن يستجيب لنبرة التعصب والكراهية، ما لم
يكن مسلحًا بالوعي الديني والإدراك العقلي، ففي العدد رقم 61 الصادر في مايو 1981،
يقول الشيخ:
«لو ألقينا سؤالًا على أي نصراني على وجه البسيطة وطلبنا منه أن يعبر لنا عن حقيقة دينه وعن طبيعة اعتقاده لما استطاع ذلك.. فهل يراد لأبنائنا أن يعتنقوا هذه الألغاز المعماة –ثلاثة في واحد، وواحد في ثلاثة- والواجب على هؤلاء الناس أن يراعوا شعور المسلمين، وأن يحترموا شعائر الذين يعيشون بين ظهرانيهم، وأن يقدروا الأمة التي تظلهم برعايتها، وما أساءت إلى أحد قط، لا يجوز أبدًا أن يعلنوا أي عقيدة أو فكر ينافي عقيدة الدولة ودينها، وليس من التسامح أبدًا ولا من الوحدة الوطنية في شيء أن نتنازل عن ديننا إرضاء لأي مخلوق، وليس من التسامح أن يطلب من المسلمين تجميد أحكام دينهم وشريعة ربهم، ثم تنطلق هذه الأفاعي تنفث سمومها بين الشباب، فعلى الأساتذة والمربين والموجهين في المدارس وغيرها واجبات كثيرة نحو الشباب؛ عليهم أن يحصنوهم من هذه الأفكار، وأن يأخذوا بيدهم، وأن يبصروهم بالطريق، «وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ».[20]
من أين تأتي للشيخ كل هذه الثقة في حتمية عجز «النصارى» عن التعبير؟! وكيف يستمر ملايين المسيحيين في إيمانهم بعقيدتهم إذا ما كان الأمر على هذا النحو الذي يتصوره الخطيب؟!
المشكلة
كلها تنبع من اعتقاده الراسخ بأنه وجماعته السياسية يحتكرون اليقين المطلق، وإذا كان
مثل هذا الاعتقاد شائعًا عند كل المتعصبين من أتباع كل الأديان، فإن الإخوان أكثر
شراسة في تعصبهم وتعنتهم، ومن هنا خطورتهم السياسية، لن يقبلوا شريكًا أو يستوعبوا
مخالفًا، ولن يتورعوا عن تكفير الجميع تمهيدًا لقتلهم، فالآخرون كافرون مرتدون،
بالقول أو بالفعل، وباعتناق ما يغاير مقولات الإخوان.
وليس أدل على تعمد خلط الأوراق من الحديث غير المبرر عما يتم «تدبيره» لأبنائنا، ويتناسى الخطيب أن هؤلاء الأبناء يملكون عقيدة قوية تحول دون سقوطهم في «الألغاز المعماة». أي سحر في هذا الألغاز البعيدة عن المنطق والعقل كما يقول، وكيف يسهل التأثر بها إلى الدرجة التي تثير الخوف والهلع؟!
ومن الناحية الشكلية، هل يليق الحديث عن أصحاب الديانات الأخرى، وهم مواطنون مصريون يتمتعون بالأهلية ويدفعون الضرائب ويحاربون في سبيل الدفاع عن الوطن، بالاستهانة التي تتجلى في مقولة «وعلى هؤلاء الناس»؟، وهل يليق أن ينتقل الشيخ إلى التهديد الصريح والتحريم الصارم بألا يعلنوا عن عقيدتهم؟ وكيف يعتبر المفكر الإخواني أن الوحدة الوطنية هي التنازل عن الدين، وأن التسامح هو بتجميد أحكام الدين؟، سيبادر ملايين المسلمين إلى إدانة الوحدة الوطنية ونبذ التسامح إذا كان هذا هو المعنى المراد بهما، لماذا لا يعلنها الرجل في صراحة: أنه ضد الوحدة الوطنية والتسامح؟!
المقدمات
تقود إلى النتائج، واشتعال الحرائق حتمي بعد هذا العبث والتلاعب وإطلاق صيحات
الحرب.
قبل
ثلاثة أعداد، وفي عدد مجلة «الدعوة» رقم «58»، الصادر في شهر
فبراير 1981، يعلنها مفتي الجماعة الشيخ محمد عبدالله الخطيب صريحة مدوية، ولا
يتوارى خلف سائل مجهول أو رسالة من كشمير، فهو يضع عنوانًا لا علاقة له بموضوع
الصفحة التي تختص بالفتوى: «بين الأمس واليوم»، ويقول في كلمته القصيرة
الخطيرة:
«إن
قصة إنشاء مسجد ومركز إسلامي في قلب لندن –عاصمة بريطانيا- ذات دلالة ولها مغزى، ففي سنة 1936م أراد بعض المسيحيين في مصر أن يبنوا كاتدرائية لهم في القاهرة، وحين
عرض الأمر على مشيخة الأزهر رفضت رفضًا قاطعًا، وأفتى علماء الأزهر بأن الأرض
الإسلامية لا يجوز إنشاء هذه الأشياء عليها، وهذا الحكم بإجماع فقهاء المسلمين،
وبعد أخذ ورد استمر فترة طويلة، عُرِضَ حل للمشكلة «أن يُبنى مسجد في قلب لندن مقابل
الكنيسة التي تقام في القاهرة»، وقامت الحكومة البريطانية بتقديم قطعة من الأرض
مساحتها تزيد على الفدانين. وأقيم عليها المسجد والمدرسة الملحقة به، ثم تحول بعد
ذلك إلى البناء الضخم الموجود الآن، هذا موقف مشيخة الأزهر وعلمائها بالأمس، أما
اليوم فالكنائس تزرع في كل مكان بلا أي سبب أو مبرر سوى التعصب الأعمى المذموم،
وعلماء اليوم يفضلون السكوت لأنه من ذهب.. بل إن بعضهم يتطوع بوضع حجر الأساس،
وما أبعد الفرق بين الأمس واليوم، وأين الثرى من الثريا؟.[21
المسيحيون هم المتعصبون لأنهم يبنون الكنائس وفق اللوائح والقوانين المنظمة وفي إطار الشرعية، أما مئات المساجد والزوايا التي احتضنت الإرهاب وسيطر عليها المتطرفون فلا يلتفت إليها الإخوان، بل إنهم يباركون الشباب المسلم ويوافقون على الخطاب التحريضي المؤدي إلى العنف؛ لأنه يتوافق مع الأفكار الإخوانية، ثم يدعون أن كل هذه المواقف تنطلق من فهم صحيح للدين الإسلامي.

ما الذي يريده الإخوان المسلمون؟ وما الذي يراد بمصر وشعبها إذا حكموا وتحكموا؟!
الفتوى التي بدأنا بها الفصل عن «حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام» ليست بالفعل الاستثنائي، الأمر بمثابة العقيدة الراسخة في فكر الإخوان المسلمين، وهم يتكئون على التاريخ القريب ليبرهنوا على صحة موقفهم المتعنت، القائل بأن «الأرض الإسلامية لا يجوز إحداث هذه الأشياء عليها»!
دور
العبادة المسيحية تتحول إلى «هذه الأشياء»، فيا له من تسامح، ويا له من
خير عميم ينتظر المسيحيين المصريين، وينتظر الوطن، عندما يصل الإخوان المسلمون إلى
السلطة، متسترين وراء شعارات التسامح الديني ونبذ العنف وإدانة الإرهاب ومنح
الحرية الكاملة لغير المسلمين.
شعارات انتهازية كاذبة، والتكذيب يقدمه الإخوان أنفسهم،
في مجلة رسمية علنية تعبر عنهم، وفي باب «الفتاوى» الذي يُحرره كبار
شيوخهم، ويتضمن عبارات استفزازية مسيئة مثل: «أما اليوم فالكنائس تزرع في كل
مكان بلا أي سبب أو مبرر سوى التعصب الأعمى المذموم»! عندما يحكم الإخوان،
ويطبقون شريعتهم السياسية لابد أن تعود الأمور إلى نصابها، وهذا النصاب هو مضمون
الفتوى الأولى في هذا الفصل.
إن
موقف الإخوان من المسيحيين سياسي لا علاقة له بالدين، وهم لا يحتكرون الإسلام ولا
يتحدثون باسمه، فما أكثر وأعظم العلماء المسلمين الذين يقدمون خطابًا مغايرًا مضيئًا،
يجسد ما يدعو إليه الإسلام الصحيح من تسامح وإخاء.
لا
يتسع المجال هنا لتقديم الآراء المستنيرة، المضادة، المعبرة عن جوهر الرؤية
الإسلامية، لكن من الضروري أن نُشير في إيجاز إلى بعض هذه الرؤى والاجتهادات
العصرية.
يقول فضيلة الإمام الأكبر المرحوم الدكتور محمد محمد
الفحام، في حوار مع الأستاذ حسنين كروم، نشرته مجلة «الهلال» في عدد
سبتمبر سنة 1970: إن المسيحية واليهودية وغيرهما من الأديان السماوية دعت في
أصولها إلى ما يدعو إليه الإسلام من توحيد الخالق عز وجل، وإفراده بالإلوهية وأنه
لا معبود –بحق– سواه.
ويضيف
فضيلته: ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أوصى المسلمين بالمسيحيين وغيرهم من أهل
الذمة، فقال «اتركوهم وما يدينون»، وتوعد عليه الصلاة والسلام «من
آذى ذميًّا فقد آذاني»، وقال -صلى الله عليه وسلم- «من آذى ذميًّا فأنا خصمه
يوم القيامة».. ومن أجل ذلك فإن أصحاب الأديان الأخرى لم يشعروا بالأمن
والطمأنينة إلا في أحضان الإسلام، فالمسلمون وغير المسلمين في البلاد العربية
والإسلامية يعيشون في مساواة تامة دون تفرقة أو تحيز بين هذا وذاك، وأعتقد أن
إثارة مثل هذا الموضوع لا يخدم الحق ولا الصالح العام.
هل يعتقد الشيخ محمد عبدالله الخطيب أنه لن يتعرض لأذى الرسول عليه السلام لإيذائه لمن نهى صلوات الله عليه عن إيذائهم؟!. أم أنه يعتقد بأن الأذى ينحسر في الاعتداء البدني دون النفسي والمعنوي؟!
هل يتعظ فضيلته بمقولة الإمام الأكبر الدكتور محمد الفحام عن أن إثارة مثل هذا الموضوع لن تخدم الحق والصالح العام، أي إنها لا تخدم الوطن، لكنها تسيء إليه وتهدد وحدته؟!
[1] التشديد من جهتنا.
[2] العدد رقم «56» من مجلة «الدعوة»، الصادر في شهر ديسمبر سنة 1980.
[3] كتابات د. محمد سليم العوا بخاصة كتابه الرائع «الفقه الإسلامي في طريق التجديد».
[4] المصدر نفسه.
[5] يذكرنا هذا الحديث بما قاله المرشد العام
الخامس للجماعة السيد مصطفى مشهور، فيما بعد (عام 1996) حول عدم جواز خدمة الأقباط
في القوات المسلحة، وهو الكلام الذي اضطر الإخوان للتراجع عنه بعدها، مشددين على أن
كلام المرشد العام قد تم تحريفه.
[6] المصدر نفسه.
[7] العدد رقم «35» من مجلة «الدعوة»، الصادر في شهر أبريل 1979.
[8] العدد رقم «56» من مجلة «الدعوة»، الصادر في شهر ديسمبر 1980.
[9] العدد رقم «31» من مجلة «الدعوة»، الصادر في ديسمبر 1978.
[10] العدد رقم «54» من مجلة «الدعوة»، الصادر في أكتوبر 1980.
[11] العدد رقم «23» من مجلة «الدعوة»، الصادر في شهر أبريل 1978.
عن «حد الردة» راجع:
- أحمد صبحي منصور: حد الردة في الإسلام.
- د. محمد سليم العوا.
- عبدالمتعال الصعيدي.
[12] المصدر نفسه.
[13] وهم كثيرون:
انظر على سبيل المثال كتابات كل من: الإمام محمد عبده، عبدالمتعال الصعيدي، الشيخ شلتوت، جمال البنا، محمد سليم العوا.
[14] العدد رقم «31» من مجلة «الدعوة»، الصادر في ديسمبر 1978.
[15] انظر جمال البنا: «حرية الرأي في الإسلام».
[16] محمد سليم العوا: «الفقه الإسلامي في طريق التجديد».
[17] حوار أجريناه معه في جريدة القاهرة.
[18] الشيخ محمود شلتوت: «الإسلام عقيدة وشريعة» طبعة دار الشروق.
[19] العدد رقم «61» من مجلة «الدعوة»، الصادر في شهر مايو 1981.
[20] المصدر نفسه.
[21] عدد رقم «58» من مجلة «الدعوة»، الصادر في شهر فبراير 1981.