القضاء التونسي يلاحق «النهضة» في ملف تسفير الشباب إلى مناطق النزاع
الجمعة 16/سبتمبر/2022 - 01:31 م
سارة رشاد
بدأت السلطات التونسية في اتخاذ خطوات عملية في ملف تسفير الشباب إلى مناطق النزاع في الفترة ما بعد 2011، إذ أوقفت مسؤولين وسياسيين أخرهم النائب السابق في البرلمان عن حزب حركة النهضة الإخوانية، الحبيب اللوز، الذي أوقفته فرقة مكافحة الإرهاب بمدينة صفاقس.
اللوز
محسوب على الجناح المتشدد داخل حركة النهضة، وصعد إلى المجلس الوطني
التأسيسي الذي تولى صياغة دستور جديد للبلاد بعد ثورة 2011 في الانتخابات
التي أجريت بنفس العام، وظل نائبًا عن النهضة حتى 2014 ثم توجه إلى نشاط
الجمعيات.
ووفقًا
لتصريحات مصادر أمنية تونسية لوسائل الإعلام فقرار التوقيف طال المدير
العام السابق للحدود والأجانب، لطفي الصغير، الذي أحيل إلى التقاعد
الإجباري، للتحقيق معه بشبهة التورط بنفس الملف.
وقبل
أيام بدأ القضاء التونسي التحقيق مع النائب السابق عن حركة النهضة في
البرلمان ورجل الأعمال، محمد فريخة، مدير شركة "سيفاكس" الخاصة للطيران.
وقال مصدر أمني إنه من المتوقع أن تشمل الإيقافات عدة أشخاص آخرين، وأنه تم العمل على هذا الملف أمنيًّا وهو الآن بيد القضاء.
تحرك متأخر
منذ
اندلاع الأحداث في سوريا في 2011 ، وبدأ تشكل الجماعات المتشددة هناك،
تحتل تونس المركز الأول في قائمة الدول المصدرة للعناصر من الجنسين.
هذا
الأمر كان جديدًا على تونس التي خاضت مراحل طويلة من الانفتاح والتحرر،
إلا أن التفسير دائمًا كان لدى معارضي حركة النهضة الذين حملوها مسؤولية
سفر الشباب التونسي إلى سوريا والعراق، مشيرين إلى أنها سهلت عملية خروجهم
من البلاد، بل وتنظيمهم وتدريبهم أحيانًا.
وبغض
النظر عن مدى دقة هذه الاتهامات إلا أن حركة النهضة كانت من وقت لآخر تعلن
دعمها للميليشيات المسلحة في ليبيا، فضلًا عن معارضتها الشديدة للنظام
السوري، مسمية ما يدور في سوريا بـ"الثورة الشعبية".
ويعتبر مراقبون تونسيون أن تحرك القضاء في هذا الملف جاء متأخرًا كثيرًا بعدما التحق آلاف الشباب بالميليشيات المتشددة.
تورط النهضة
ويقول
الكاتب السياسي التونسي، نزار الجليدي، في تصريحات خاصة لـ"المرجع" إن كل
الشواهد تقول إن حركة النهضة متورطة في هذا الملف، مستشهدًا بوفاة الضابط
محمد العديلي الذي عُثر على جثته معلقة بسقف منزله منتصف يناير الماضي، قبل
ساعات من إدلائه بشهادته في قضية تسفير الشباب التونسي، وتسهيل عودتهم إلى
المجتمع مرة أخرى.
وكان
العديلي ضابط بحرس المرور بمنطقة بن عروس، وخلال خدمته رصد استخراج رخص
لإرهابيين تونسيين عائدين من سوريا، لمساعدتهم في العمل كسائقي تاكسي.
ويفيد
"الجليدي" وهو صديق العديلي أن الأخير أخبره أن عملية دخول الإرهابيين إلى
تونس تمت برعاية قيادات بحركة النهضة، مشيرًا إلى أنه كان يملك الأوراق
التي تثبت ذلك.
واعتبر
الكاتب السياسي التونسي، ان ملف تسفير الشباب إذا حُسم فسيكون مكسبًا جديدًا يضاف لمكاسب مسار 25 يوليو الذي أطاح بحركة النهضة باعتباره المكسب
الأبرز.
وشدد
على أن الإطاحة بالحركة الإخوانية غير كافٍ، معتبرًا أن محاسبتها على كل
الملفات العالقة من قضية تسفير الشباب أو الاغتيالات السياسية أو غيره من
قضايا الفساد خطوات ضرورية.
وكانت
الأمم المتحدة رصدت الظاهرة في 2015، إذ توصل فريق عمل من خبراء الأمم
المتحدة إلى أن التونسيين هم الأكثر انضمامًا إلى التنظيمات الإرهابية في
ليبيا وسوريا والعراق، وقدر الفريق عدد التونسيين المنظمين بالتنظيمات
المتطرفة آنذاك بحوالي 5500 شاب.
ودعت الأمم المتحدة المسؤولين التونسيين إلى منع التحاق مزيد من مواطنيها بهذه التنظيمات.
وقدر
التقرير عدد التونسيين الملتحقين بتنظيمات بسوريا بأربعة آلاف، تلاهم ما
بين 1000 و1500 في ليبيا، و200 في العراق، و60 في مالي، و50 في اليمن، فضلًا
عن 625 عائدين من العراق.





