تأثير استيراد طالبان للنفط من روسيا على مصالحها مع واشنطن
نقلت وكالة رويترز عن حكومة طالبان في 28 أغسطس 2022 اقترابها من
إتمام التعاقد على صفقة لاستيراد النفط من روسيا، وذلك بعد أسابيع قليلة من صفقة لشراء
المحروقات من إيران، ما يلقي بظلاله على التداعيات السياسية والاقتصادية لتوطيد العلاقات
بين طالبان وشركائها الإقليميين.
إذ أعلن المتحدث باسم وزارة التجارة والصناعة في حكومة طالبان، حبيب الرحمن حبيب زيارة وفد رسمي من الوزارة لموسكو من أجل إنهاء عقود بين الطرفين لتوريد الغاز والنفط والقمح من روسيا لأفغانستان، معربًا عن تطلعه لتوطيد العلاقة بين بلاده والحكومة الروسية.
تداعيات التعاون الآسيوي الأفغاني
تأتي الصفقة المعلنة مؤخرًا بين روسيا وكابول في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة الأمريكية خفض التداول العالمي على المحروقات الروسية لمحاولة التأثير على نفقاتها على حربها ضد أوكرانيا وتقويضها اقتصاديًّا.
ومن ثم تظهر الاتفاقية كمحاولة من طالبان لبناء روابط دولية قوية بعيدًا عن واشنطن وقبضتها الاقتصادية، وكانت الحركة تلجأ لهذا الأسلوب قبل اتفاقها المبرم مع حكومة دونالد ترامب في فبراير 2020 للضغط السياسي على واشنطن لتمرير بعض شروطها وإثبات أن لها حلفاء آخرين وكذلك يحملون العداء والندية للحكومة الأمريكية.
فيما أعلنت حكومة طالبان في 23 يوليو 2022 اتفاقها مع إيران لاستيراد 350 ألف طن من النفط، بهدف التحكم في ارتفاعات الأسعار حيث يبلغ سعر لتر البنزين في أفغانستان حوالي 99 سنتا، إلى جانب اتفاقًا بين الطرفين لتشييد خط لأنابيب الغاز.
لجوء طالبان لروسيا وإيران كحلفاء في ظل الظروف الدولية الحالية من عداء بين واشنطن وموسكو وطهران، وكذلك استقطابات حادة تلقي بظلالها على المشهد يفرض تساؤلات مهمة عن مستقبل العلاقة بين الولايات المتحدة والحركة، وكذلك مستقبل المطالبات التي تقدمها الحركة لحكومة بايدن من أجل الإفراج عن أموال أفغانستان لتحسين الأوضاع الاقتصادية في الداخل.
وكانت الولايات المتحدة قد فرضت حظرًا على أموال أفغانستان المودعة في بنوكها كعقاب لطالبان على الطريقة التي استولت بها على السلطة ما أسهم في زيادة الأعباء الاقتصادية الداخلية بالبلاد، ما يؤثر بدوره على قدرة الحركة على إحكام قبضتها على الشارع.
الاعتراف الدولي بطالبان وملفات الاستقطاب الضمني
إن التعاون بين طالبان وروسيا وإيران وكذلك الصين يمهد للاعتراف بها دوليًّا، ولو على الأقل جزئيًّا، فتلك الدول تعبر عن قوى عظمى في شرق العالم، ولهم حلفاء قد يتبعونهم في هذا القرار، وحول هذا المتغير يقول الكاتب في مجلة السياسة الدولية، ونائب رئيس البرنامج الآسيوي في مركز ويلسون الدولي للأبحاث في واشنطن، مايكل جوكلمان في تصريح لـ«المرجع» إن الصين وروسيا هما الأقرب للاعتراف دوليًّا بطالبان.
مشيرًا إلى أن الدولتين لديهما علاقات ممتدة بالحركة ومصالح مشتركة ويمكن لطالبان استغلال هذه العلاقة لصالحها، لأن الدول الأوروبية سيكون لها متطلبات أصعب من أجل الاعتراف بالحركة وعلى رأسها ملف حقوق الانسان وحقوق المرأة.
تمثل العلاقات الاقتصادية والاستراتيجية أساسًا للتعاون بين الدول، ومن ثم فأن إعادة فتح العلاقات على هذا المنوال بين طالبان وجيرانها الإقليميين سيؤثر على مستقبل مصالحها مع واشنطن إما بالاتساع أو النقصان، على الرغم من متطلبات المشهد الدافع باتجاه التوازن مع استغلال الفرص الناتجة عن الصراعات الدولية بين القوى العظمى.





