يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

بعد الرد على المقترح الأوروبي.. أربعة أسباب تهدد حسم الاتفاق النووي

السبت 20/أغسطس/2022 - 12:49 م
المرجع
محمد شعت
طباعة
مازالت ردود الأفعال على الاقتراح الأوروبي المتعلق بإحياء الاتفاق النووي 2015 غامضة من الطرفين الأمريكي والإيراني، فعلى الرغم من إعلان طهران أنها ردت على الاقتراح، في وقت مبكر من يوم الثلاثاء 16 أغسطس الجاري، فإنه لم يتم الكشف عن محتوى هذا الرد، والذي يبدو أنه لم يتطابق مع طلب الاتحاد الأوروبي، الذي قال إن الإجابة على الاقتراح يجب أن تكون بـ"نعم" أو "لا"، وأن الرد الإيراني مازال يتمسك بتحقيق المزيد من المكاسب الممكنة.

ونقلت شبكة "cnn" الإخبارية الأمريكية عن مصدر دبلوماسي إيراني قوله: "إن طهران تطالب بأن يتم تعويضها إذا انسحب أي رئيس أمريكي مستقبلًا من الاتفاق، وأن القضية الرئيسية التي تواجه إحياء الاتفاق هي الضمانات المطلوبة من جانب طهران، والتي تضمن تعويض إيران في حال قررت الإدارات الأمريكية في المستقبل الانسحاب مرة أخرى من الصفقة".

وتشير تصريحات الدبلوماسي إلى أن الرد الإيراني ليس حاسمًا، ولكنه يتضمن مطالب تريد طهران التأكيد عليها، خاصة أنه أكد أيضًا في تصريحاته على أنه  لم يتم طرح حل حقيقي، وأن الاتحاد الأوروبي وقطر يبحثان القضية حاليًّا مع الجانبين، وهو ما توافق مع تصريحات مستشار فريق التفاوض الإيراني في فيينا "محمد ماراندي" التي أكد فيها أن إيران تبحث عن ضمانات بأنه إذا انسحبت أي إدارة أمريكية مستقبلية من الاتفاق، فسوف يتعين على الولايات المتحدة "دفع الثمن"، متابعًا أنه "يمكن للأمريكيين الانسحاب من الاتفاق، النقطة المهمة هي أنه إذا غادروا أو انتهكوا الصفقة، فعليهم دفع الثمن".

تمهيد إيراني لعدم الحسم 

قبل إعلان إيران إرسال الرد على المقترح الأوروبي، حاولت التمهيد لإمكانية عدم الاستجابة المقترح، ما لم يتم الموافقة على طلباتها التي وصفتها بـ"الخطوط الحمر"، إذ أعلن أمين مجلس الأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، أنّه لن يتم التراجع عن خطوط إيران الحمراء بمعزل عن الوصول لاتفاق بشأن النووي من عدمه، مشيرًا إلى أن المقترح الأوروبي في المفاوضات لم يعط إجابة واضحة.

وفي إطار التمهيد الإيراني لعدم الحسم فيما يتعلق بالمقترح الأوروبي، قال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، قبل ساعات من تقديم إيران ردها، إن هناك ثلاث قضايا عالقة.

وأوضح "عبد اللهيان" أن الولايات المتحدة وافقت "شفهيا" على مطلبين لإيران في محادثات إحياء الاتفاق النووي الإيراني المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، مشيرًا إلى أن بلاده لديها ما الخطة البديلة إذا فشلت محادثات فيينا في إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين طهران وقوى عالمية.

واعتبر في تصريحات نقلها تلفزيون "برس تي في"، أن الإخفاق في إحياء الاتفاق النووي "لن يكون نهاية العالم"، وفق تعبيره، مشيرًا إلى أنه في حال كان رد الفعل الأمريكي مرنًا فسيكون هناك اتفاق قريب، محذرًا من أنه في حالة عدم حدوث ذلك سيتعين إجراء المزيد من الحوارات، أي مزيد من المفاوضات، لافتًا إلى أن واشنطن أبدت مرونة نسبية بصورة شفاهية في مفاوضات فيينا الأخيرة في مسألتين، لكنه شدد على ضرورة أن تبدي مرونة أيضًا بخصوص موضوع الضمانات.

إمكانية الحل

رغم المقترح الأوروبي الذي سعى إلى إحياء مفاوضات الاتفاق النووي بين ايران والغرب، والتي فشلت على مدار أكثر من عام منذ بدايتها في فيينا في أبريل 2021 وتوقفها في مارس 2022، إضافة إلى فشل مفاوضات الدوحة، التي فشلت أيضًا في فك الجمود، إلا أن القرار يبقى عند طهران وواشنطن.

ورغم الرد الإيراني الذي يبدو مراوغًا، يبدو الرد الأمريكي أيضًا مقيدًا ويخضع لحسابات لكثيرة لن تكون على هوى طهران، لذلك فإن حدود المقترح الأوروبي وقدرته على الحل مرهونة بحسابات أمريكية إيرانية تتمثل في:

أولًا: إعلان الولايات المتحدة أنها مستعدة للعودة على الفور إلى الاتفاق النووي مع طهران، مرهون بتخلي الإيرانيين عن مطالبهم الإضافية التي تتعدى الاتفاق الموقع عام 2015، المعروف رسميًّا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، وهو ما لم يتحقق حتى الآن، وتحاول طهران الالتفاف عليه.

ثانيًا: عدم قدرة الولايات المتحدة على تقديم أي تنازلات في هذه المفاوضات في ظل الضغوط الداخلية التي يمارسها الجمهوريون على إدارة الرئيس جو بايدن واتهامها بالتراخي أمام إيران، في ظل احتمال تزايد هذه الضغوط بعد الربط بين الهجوم على الكاتب البريطاني سلمان رشدي وأذرع إيران وحزب الله، إضافة إلى اقتراب انتخابات التجديد النصفى، وتراجع شعبية بايدن والحزب الديمقراطى، على إثر تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم.

ثالثًا: قدرة إيران مؤخرًا على بيع النفط وتكثيف مواردها منه والتحايل على العقوبات الأمريكية، ما يجعلها قادرة على المناورة، خاصة في ظل حرص الصين على شراء النفط الإيراني، حيث ذكرت وكالة "بلومبيرج" نقلا عن بيانات شركة "كبلر" لاستخبارات السوق، أن الصين ضاعفت وارداتها من الخام الإيراني والفنزويلي في عام 2021، مستفيدةً من الأنظمة التي فرضت عليها عقوبات أمريكية في ثلاث سنوات، حيث تجاهلت المصافي مخاطر فرض عقوبات على شراء النفط الرخيص، واشترت أكبر مستورد للنفط في العالم 324 مليون برميل من إيران وفنزويلا في عام 2021، بزيادة 53 في المئة عن عام السابق، وهي أكبر كميات اشترتها الصين منذ عام 2018.

رابعًا: ترى إيران أنها أصبحت أقوى تفاوضيًّا في ظل علاقاتها مع الصين وروسيا، إضافة إلى تقدمها في برنامجها النووي وتخلصها من قيود الاتفاق، وهو الأمر الذي يبرر الصلابة التفاوضية الإيرانية، وهو ما أكده مسئول إيراني كبير لـ"رويترز" حيث قال: "لسنا في عجلة من أمرنا، نبيع نفطنا ولدينا تجارة معقولة مع العديد من الدول، بما في ذلك الدول المجاورة، ولدينا أصدقاء مثل روسيا والصين على خلاف مع واشنطن.. برنامجنا (النووي) يتقدم لماذا علينا التراجع"؟

الكلمات المفتاحية

"