ad a b
ad ad ad

مستغلًا الأزمات.. «داعش - خراسان» شبح يهدد أفغانستان في حكم طالبان

الجمعة 02/سبتمبر/2022 - 08:59 م
المرجع
مصطفى كامل
طباعة

منذ أن غادرت القوات الأمريكية أفغانستان، يواصل فرع تنظيم داعش ما يعرف بـ«داعش خراسان»، عملياته في ضرب استقرار البلاد، مستغلًا الأزمات التي تمر بها والتوترات العرقية والخلافات الداخلية في صفوف حركة «طالبان»، التي سيطرت على الحكم في أغسطس 2021، حيث خلّف مغادرة التحالف الدولي لأفغانستان أزمات متعددة في الداخل الأفغاني، سواء إنسانية أو أمنية، لكن على الرغم من كل هذا، تبقى أفغانستان بمثابة الأرض الخصبة التي يمكن أن ينمو فوقها التنظيم في خراسان في السنوات المقبلة، وما يعزز هذا التحليل هو استمرار الخلافات العرقية والأزمات الإنسانية الخانقة إضافة إلى تردي الوضع الأمني.


شبح داعش


على الرغم من تباهي الحركة الأفغانية، بالقضاء نهائيًّا على فرع التنظيم الإرهابي بأفغانستان، لكن تهديدات هذه الحركة لم تتوقف طيلة هذه المدة، بل صعّدت وضاعفت من هجماتها التي طالت سكان مدنيين ومسؤولين دينيين، إذ يبقى الاعتداء الخاطف على مطار كابول في 26 أغسطس 2021 الأكثر دموية، إذ قام انتحاري من التنظيم الإرهابي بتفجير نفسه قرب مدخل تابع للمطار، تلاه إطلاق كثيف للنيران، ما أدى إلى مقتل 185 شخصًا من بينهم ثلاثة عشر عسكريًّا أمريكيًّا.


وفق الإحصائيات التي نشرتها البعثة الأممية في أفغانستان، فإن الاعتداءات التي استهدفت المجموعات الدينية والعرقية والتي تنتمي إلى أقليات في أفغانستان، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 700 وإصابة نحو 140 آخرين منذ منتصف أغسطس 2012 وحتى منتصف يونيو 2022.


وقدّم التنظيم الإرهابي نفسه في منطقة «خراسان»، على أنه القوة القادرة على حماية قبائل «الطاجيك» ضد قبائل «البشتون» الحاكمة في العاصمة الأفغانية، والتي تنشط تحت حماية حركة «طالبان»، إذ يلعب التنظيم الإرهابي على وتر الانقسامات العرقية في الداخل الأفغاني، لإقناع مقاتلين جدد بالانضمام إليه، وذلك عبر بث أشرطة فيديو دعائية تستهدف في المقام الأول قبائل «الطاجيك» وهي المجموعة العرقية الثانية في البلاد، والتي تمثل ربع سكان أفغانستان.


ويتمركز ما يسمى بـ«داعش-خراسان» الذي تم تأسيسه من قبل مسؤولين سابقين في الحركة الأفغانية وباكستانيين، منذ 2015 في أقاليم ننجرهار، وكونار بالقرب من الحدود الباكستانية.


ويسعى تنظيم «داعش-خراسان» خلال الآونة الأخيرة، إلى استغلال الخلافات الداخلية الموجودة في صفوف الحركة الأفغانية من جهة، وبين المنظرين الإيديولوجيين المناهضين لأي تقارب مع الغرب والمسؤولين الذين يناصرون فكرة تقديم تنازلات من جهة أخرى، لتعزيز مصداقيتهم دوليًّا.

 

عودة محتملة


على الرغم من الخسائر الضخمة التي تكبدها التنظيم الإرهابي في أفغانستان، من قبل القوات العسكرية التابعة للحكومة السابقة بمساعدة الولايات المتحدة، ومن قبل الحركة الأفغانية أيضًا، لكن هذا الأمر لم يمنعه في الوقت نفسه، من استرجاع عافيته وقوته بشكل تدريجي، لا سيما في شمال شرق البلاد حيث يشكل التحدي الأكبر بالنسبة لأسياد كابول الجدد.


ولمنع ظهور ملاذات إرهابية على أبوابها، تراقب القوى الإقليمية تطور الوضع في أفغانستان وتسعى إلى نسج علاقات مقبولة مع حركة «طالبان» منذ عودتهم إلى السلطة، ففي أكتوبر 2021 احتضنت موسكو قمة دولية واسعة شاركت فيها نحو 10 دول، من بينها الصين وإيران وباكستان، كان الهدف إدماج الحركة الأفغانية في اللعبة الدبلوماسية وذلك توازيًا مع المحادثات التي نظمت بين زعماء الحركة والولايات المتحدة الأمريكية في الدوحة.


ويؤكد مراقبون، أن تنظيم «داعش خراسان» بات في الوقت الحالي يتمتع بحرية أكبر لتنفيذ عملياته الإرهابية في أرجاء البلاد بعد مغادرة القوات الأمريكية منتصف أغسطس 2021، خاصة عقب التحاق بعض العسكريين القدماء الذين عملوا في القوات الخاصة التابعة للنظام الأفغاني السابق للتنظيم الإرهابي وغيروا ولاءهم وانضموا له، وهم مقاتلون تدربوا على يد القوات الأمريكية والفرنسية، وأشاروا إلى أن الحركة الأفغانية استطاعت أن تضع حدًا لعميلات التمرد التي يقوم بها التنظيم، لكن الحركة تعاني بشدة عندما يتعلق الأمر بمحاربة الإرهاب في المناطق الحضرية.


ويرى المراقبون أنه في حال أراد التنظيم الإرهابي فرض نفسه على أرض الواقع، فهو يحتاج إلى انهيار الدولة الأفغانية، وأيضًا في حال أدت المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الأفغان إلى سقوط نظام «طالبان»، فهذا يعني بأن هناك إمكانية حقيقية أن تلتحق قوى أكثر تطرفًا بالتنظيم وأن الشيء الأكثر خطرًا الذي يمكن أن يحدث في السنوات المقبلة، هي ولادة جديدة لـ«داعش»؛ إذ ينظر المجتمع الدولي إلى حركة طالبان على أنها أقل شراسة مقارنة بالإرادة التوسعية التي أظهرها تنظيم «داعش-خراسان».

 

للمزيد: حصاد الأشواك.. عام على انهيار أفغانستان على أيدي طالبان

 

 

"