اليمين المتطرف في بولندا.. تحديات تواجه الحكومة والمجتمع
الثلاثاء 19/يوليو/2022 - 07:35 م
نهلة عبدالمنعم
شهدت أوروبا خلال المرحلة الماضية انتشارًا متزايدًا لتيارات اليمين المتطرف، بما يشمله ذلك من تهديد للأمن الاجتماعي والسلم الاجتماعي، وتعد بولندا من أبرز الدول التي تنامى بداخلها التيار وعناصره.
لم يعد اليمين المتطرف في بولندا مقصورًا على تيارات شعبية تنادي بأفضلية العرق الأبيض على غيره، ولكنه انتشر بين ساسة يواصلون سعيهم نحو السلطة عبر دعم هذه المجموعات الشعبية، ما ينذر بمواقف حادة يُحتمل تبلورها خلال المستقبل لتشكل تحديًا أمام الانفتاحين الاجتماعي والسياسي للقيم الأوروبية.
أحكام ضد اليمين المتطرف في بولندا
أصدرت المحاكم البولندية أحكام إدانة مختلفة ضد يمينيين متطرفين ما يضع تساؤلات حول توجه السلطة نحو التطرف الذي يحمله هؤلاء ومدى جدية مساعيها لسن قوانين مغلظة ضد أنشطتهم.
وأعلنت محكمة في العاصمة «وارسو» مطلع يوليو 2022 معاقبة متطرف يميني بالسجن 3 سنوات لاتهامه بالتخطيط مع شخص آخر لتنفيذ تفجيرات ضد عدد من المساجد وقادة المسلمين بالبلاد، ولكن الحكم الصادر يُمكن الطعن عليه وتخفيفه، وفقًا لدرجات التقاضي القانونية.
فيما كشفت التحقيقات أن المتهم واسمه الأول «توماس» كان ينتمي لجماعة يمينية مُنظمة منذ نوفمبر 2019، وبمطالعة حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي تبين أنه كان يبث مواد تحض على الكراهية والعنصرية الدينية والعرقية.
وفي مطلع 2022 أصدرت المحكمة حكمًا آخر على إرهابي يميني بالسجن خمس سنوات وخمسة أشهر لتخطيطه لوضع قنبلة في أحد مساجد بولندا، وذلك ضمن حملة متطرفة انضم لها تنادي بإيقاف (أسلمة بولندا) ما يعني أنهم يضطهدون أي مظهر لشعائر الدين الإسلامي بغض النظر عن الكمية والكيفية التي يمارس بها.
وذكر موقع (notes from Poland) في 4 يوليو 2022 أن عدد المسلمين بالبلاد يتراوح بين 20 و 25 ألف مسلم، أغلبهم من المهاجرين الجدد.
تحديات بين اليمين المتطرف وحكومات أوروبا
توضح الأحكام الصادرة بحق المتهمين بالتطرف اليميني قلة عدد السنوات التي سيعيشونها في السجون، ما يعني أن الحكومات لم تتجه بعد لتغليظ عقوبات أنشطة هذا التيار أو الانتماء له، وهو الذي يضع تحديًا كبيرًا أمام مصداقية القيم الأوروبية ومدى قدرتها على البقاء كمثال لاحتواء الجميع دون تفرقة عنصرية.
كما أن سن القوانين في حد ذاته يظل معضلة بالمجتمعات الأوروبية نظرًا لكثرة الجدال حول الحفاظ على حقوق الإنسان وتحقيق الأمن في آن واحد دون المساس بأحدهما، وهو ما يظهر في محاولات بعض الدول بالمنطقة تعديل قوانينها لتناسب التحديات الناشئة في ملف التكفيريين، وهو ما يُحتمل أن تواجهه المنطقة إذا أقدمت على تعديل قوانينها لتواجه تيارات اليمين المتطرف.
وتكمن هنا إشكالية خاصة؛ وهي تعاظم النفوذ السياسي لبعض الأحزاب التي تعود مرجعيتها لليمين المتطرف، مثل تحالف كونفديريشن الذي فاز بتسعة مقاعد في انتخابات أكتوبر 2019 بـ«بولندا»، ومع قلة عدد المقاعد التي حصل عليها التحالف يظهر تنامي بداخل الأروقة السياسية للتيار.
وتبقى إشكالية التعريفات كمتغير جدلي لم يحسم بعد في المنطقة الأوروبية، بمعنى أن الدول تحتاج لتعريف موحد حول الإرهاب يضمن معاقبة المنفذين لسلوكيات متطرفة بغض النظر عن المرجعية الدينية التي يحملونها.





