ad a b
ad ad ad

المفاوضات أو الفوضى.. أمراء الحرب الأفغان يهددون بخراب شامل حال عودتهم للبلاد

الأربعاء 06/يوليو/2022 - 04:16 م
المرجع
مصطفى كامل
طباعة

تهديدات بحرق البلاد الأفغانية، والدخول في حرب أهلية، أعلنها أمراء الحرب الأفغان، الذين فرّوا من البلاد قبيل سيطرة حركة «طالبان» على مقاليد الحكم في أفغانستان، وعلى رأسهم الزعيم الأوزبكي «عبدالرشيد دوستم»، حال عودتهم للبلاد من جديد، ورفض حركة «طالبان» الدخول في مفاوضات معهم، واستعادة سلطتهم كبديل لحكم الحركة.

حرب أهلية

هدد أمراء الحرب الأفغان، وقادة الجماعات العرقية، الذين فروا من أفغانستان العام الماضي قبيل سيطرة حركة «طالبان» على مقاليد الحكم في أفغانستان منتصف أغسطس 2021، بدخول البلاد في دائرة الحرب الأهلية، حيث هدد المتحدث باسم الزعيم الأوزبكي «عبدالرشيد دوستم» قائلًا: «أفغانستان ستعيش حربًا أهلية مرة أخرى»، معلنين عن افتعال حرب أهلية إذا لم تبدأ حكومة الحركة الأفغانية بالتفاوض معهم من أجل عودتهم للبلاد من جديد، واستعادة سلطتهم كبديل لحكم الحركة التي تحمل مقاليد السلطة في أفغانستان.

وأمراء الحرب الأفغان هم قادة ميليشيات يُنظر لها كمسلحين وطنيين -حسب التصنيف الحكومي- وسرعان ما استنجد بهم الرئيس الأفغاني السابق «أشرف غني» لكن دون جدوى.

ويدرك الشعب الأفغاني معنى ذلك، فقد عاش غالبية السكان البالغ تعدادهم 38 مليون نسمة معظم حياتهم في أتون هذه الحرب، وكان أمراء الحرب وأتباعهم جزءًا من هذه الحرب، التي ابتليت بها أفغانستان لأكثر من أربعة عقود، حتى شعر هذا الشعب بالإرهاق، وبدأ يتوق إلى السلام، والآن يعود أمراء الحرب ذاتهم.

العودة لأفغانستان

قرّر أمراء الحرب الظهور مجددًا، ففي مايو الماضي، جاءت لحظة عودة الحرس القديم، عندما اجتمع 40 شخصًا، من المؤيدين لعودة أمراء الحرب، في العاصمة التركية أنقرة، للقاء الزعيم الأوزبكي «عبدالرشيد دوستم» ورجاله، حيث استخدم «دوستم» كباقي أقرانه من أمراء الحرب الأفغان، الثروة التي جمعها خلال 20 عاماً من الوجود الأمريكي في أفغانستان لجمع شبكة اتباعه، إذ كان يؤيد في هذه الفترة يؤيد إعادة البناء التي تمولها الولايات المتحدة وحلفاؤها، كما أنها شجعت تعليم النساء، وقامت بإرسال الآلاف من الطلبة الأفغان للدراسة في الخارج.

ومن بين المشاركين في اجتماع أنقرة، عطا محمد نور، الذي كان له جيش خاص به عندما كان يحكم أحد الأقاليم الأفغانية الذي يعتبر سلة خبز أفغانستان، وعيّن ابنه خليفة له، وحضر الاجتماع أيضاً قادة مجموعة «الهزارة» الشيعية، ومقاتلون سابقون، وأعضاء سابقون في حكومة أفغانستان، إضافة إلى أمراء حرب سابقين.

ولكن اجتماع أنقرة كان له الكثير من الجمهور، ومن بينهم «أحمد وليد مسعود»، عم «أحمد مسعود» رئيس جبهة المقاومة الوطنية ومن الشخصيات القليلة في النخبة السياسية الأفغانية التي لم تلطخ بالاتهامات بالفساد والأعمال الوحشية.

المجتمعون في أنقرة، قالوا في بيان لهم، إنهم قاموا بتشكيل «المجلس الأعلى للمقاومة الوطنية» لمطالبة حركة «طالبان» بالتفاوض بشأن عودتهم إلى أفغانستان كي يشاركوا في الحكومة، وإلا ستواجه الحركة المتاعب.

المتحدث باسم «دوستم»، قال إن المشاركين باجتماع أنقرة طالبوا بالمشاركة في حكومة «طالبان»، المشكّلة حاليا بمعظمهما من الباشتون السنة، كما أن أعضاء الحكومة جميعا من الرجال، حيث أكد «عمر شريفي» الأستاذ بالجامعة الأمريكية في أفغانستان، أن هذا الطلب الذي يقدمه أمراء الحرب ليس مستحيلاً، فقد أثبت هؤلاء أنهم قادرون على التأقلم مع الزمن والظروف، حيث انتقلوا من الكفاح المسلح إلى النظام الديمقراطي، وقاموا بإنشاء نفوذهم وسلطتهم، وثروتهم، قائلًا: «إن أخطاء الحركة الأفغانية هي التي جعلت أمراء الحرب يبدون جذابين».

وعمل أمراء الحرب خلال تسعينيات القرن الماضي على تفتيت أفغانستان، إذ ستعود هذه المجموعة من جديد إلى تدمير البلاد كما فعلت في الماضي، فبخلاف تلك المرحلة يبدو هذا الوقت ملائماً بالنسبة لأمراء الحرب، بالنظر إلى الوضع التعيس في أفغانستان في ظل حكم «طالبان» منذ شهر أغسطس الماضي.

ويؤكد الكاتب الأمريكي «ليم أودونيل»، في تقرير له نشره بمجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، أن هؤلاء الأشخاص الذين يشكلون المقاومة الجديدة ليسوا مخلصين للشعب، إذ إن «دوستم» على سبيل المثال كان متهمًا عام 2016 بالخطف والاغتصاب، والتعذيب لأعدائه، وفي عام 2001 اتهم باعتقال مسلحين من «طالبان» وحبسهم في حاوية حتى اختنقوا، وعندما كان نائبًا للرئيس الأفغاني السابق «أشرف غني»، كان المسلحون التابعون له يقومون بأعمال البلطجة في شوارع كابول كاستعراض للقوة.

وبحسب «أودونيل»، فإنه بعد نحو عام على الحرب، وإثر انسحاب القوات الأمريكية، فإن عودة القادة السياسيين والهزارة، بجيوشهم الخاصة، يضيف الزيت على المشهد القابل للاشتعال أصلًا، ويؤجج المخاوف من أن أفغانستان يمكن أن تتورط في معارك ضروس من أجل السلطة والأراضي، لافتًا إلى أن تلك المجموعات تقاتل في الشمال لإخراج «طالبان»، بالنظر إلى أن أمراء الحرب يؤكدون لهم أنهم سيحظون بدعم شعبي وغربي كبير.

ونوه الكاتب إلى أن الولايات المتحدة والائتلاف الدولي حاربوا لمدة 20 عامًا، ليس لديهم أي نية للعودة إلى الصراع في أفغانستان، ولا تريد الدول المجاورة لأفغانستان تمويل أو تسليح مجموعات المقاومة، وهي تشعر بالارتياح لأن الصراع على حدودها قد انتهى، متمنيين أن يتمكن الفرقاء الأفغان من التعايش، وإن كان ذلك ليس سهلًا مع «طالبان».

ويؤكد مراقبون في الشأن الأفغاني، أنه بالنظر إلى حالة المجاعة التي يعانيها الملايين في أفغانستان، والاقتصاد المتدهور نتيجة العقوبات الاقتصادية الأمريكية، يبدو أن ثمة عوامل عدة تصب إلى جانب أمراء الحرب، ليس أقلها عدم نجاح «طالبان» في تشكيل حكومة وطنية فاعلة، ولكن وسط قرع طبول الحرب الأهلية، محذرين من أن التاريخ يعيد نفسه بأعمال وحشية أخرى على شاكلة هجمات 11 سبتمبر، إضافة إلى انضمام العشرات من المجموعات الإرهابية المعادية للغرب إلى «طالبان»، منوهين إلى أن هذا المشهد المفكك يعطي مجموعة أمراء الحرب متنفسًا من أجل عودتهم.

للمزيد: طالبان تحت الأنقاض.. زلزال أفغانستان يفضح الحركة ويؤكد عدم صلاحيتها للحكم

"