تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية على أزمة الصين وتايوان
الخميس 14/يوليو/2022 - 09:20 م
محمود البتاكوشي
ألقت الحرب الروسية الأوكرانية، ظلالها على أزمة الصين مع تايوان، وظهر ذلك جليًّا في التهديدات التي أطلقها وي فنغي وزير الدفاع الصيني، في 12 يونيو 2022، على هامش مؤتمر شانغري-لا، وأكد خلالها أن بلاده ستستمر في قتالها حتى النهاية حال إعلان تايوان انفصالها عن بكين.
هذه التهديدات أثارت مخاوف الولايات المتحدة الأمريكية من قيام الصين بالسير على درب روسيا في حربها مع أوكرانيا عبر السعي لضم تايوان باستخدام القوة المسلحة، خاصة مع نجاح موسكو في ضم أجزاء واسعة من جنوب وشرق أوكرانيا، وذلك يفسر أسباب المساعدات العسكرية الغربية لكييف، بالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية، كي تردع الصين عن تبني سياسات موسكو نفسها.
الحرب الروسية الأوكرانية، زادت من جرأة التحركات العسكرية الصينية ضد تايوان، خصوصًا انتهاك المجال الجوي لتايوان، فقد دأبت المقاتلات العسكرية الصينية على اختراق المجال الجوي التايواني، كما زادت بكين من معدلات التحركات والمناورات العسكرية الصينية حول تايوان، ما يزيد الضغط على تايبيه التي بدأت في التفكير لمد الخدمة العسكرية الإلزامية كرد احترازي على تحركات بكين، حيث سعت تايوان للاستفادة من التكتيكات التي اتبعها الجيش الأوكراني ضد الجيش الروسي، خاصة في الدونباس، والتي ساهمت في إبطاء وتيرة التقدم العسكري الروسي، وذلك في محاولة لمحاكاتها ضد الصين، في حال قررت الصين ضم تايوان بالقوة العسكرية، وأعلنت أنه في مناوراتها السنوية هان كوانج اعتمدت على تنفيذ تدريبات معتمدة على تقنيات الحروب الغير متماثلة، فضلاً عن دمج الدروس المستفادة من التجربة الأوكرانية وتنفيذها في هذه المناورات، وذلك للرد على أي محاولة صينية للاعتداء على الجزيرة.
كما تبنت الصين مؤخرًا عددًا من السياسات، التي هدفت من خلالها إلى التأكيد على أن الصين لن تتردد في تبني أي سياسات، بما في ذلك القوة المسلحة، في حالة إقدام تايوان على إعلان استقلالها من جانب واحد، حيث أعلن وزير الدفاع الصيني، أن بلاده ستستمر في قتالها حتى النهاية حال إعلان تايوان انفصالها، كما أكد بقاء القتال كخيار وحيد في هذه الحالة، وجاءت هذه التصريحات في خضم زيادة التوترات مع الولايات المتحدة الأمريكية بشأن الجزيرة، مؤكدا أن أي دولة تساعد تايوان في استقلالها لن تصل إلى نتائج جيدة، وأن على الجميع إدراك قدرات القوات المسلحة الصينية وقدرتها على تحقيق أهدافها في حماية وحدة أراضيها، وذلك في رسالة تهديد ضمنية إلى واشنطن.
كما عززت القوات الصينية من انتشارها العسكري في جنوب المحيط الهادئ، وهو ما وضح في اتفاقاتها الأمنية مع جزر سليمان، بالإضافة إلى بنائها حاملة الطائرات الجديدة فوجيان لتصبح حاملة الطائرات الثالثة للبحرية الصينية، والتي تسعى الصيني من بنائها إلى تقليص الفوارق العسكرية الكبيرة بينها وبين الولايات المتحدة، إذ تمكنها من الخروج من حاجز الجزر الأولى البحري والذي تشكله تايوان، واليابان، والفلبين.
كما شهدت الفترة الأخيرة زيادة التقارب الصيني الروسي، مما يعني تحالفًا ثنائيًّا في مواجهة واشنطن، ويؤكد ذلك تصريحات الرئيس الصيني، شي جي بينج، لنظيره الروسي، فلاديمير بوتين، عن استمرار مساعي زيادة التعاون بينهما على جميع الأصعدة، وخصوصًا علاقاتهم الاستراتيجية، وعن استعداد بكين لتطوير التعاون الثنائي على المستويات كافة، فضلًا عن استعداده تقديم مساعدات في شؤون الأمن القومي الروسي، تحت ما أسماه الرئيس بمراعاة المصالح الرئيسية للجانبين فيما يتعلق بالسيادة والأمن القومي، وأصبحت الصين أكبر مستورد لموارد الطاقة الروسية، وهو ما يعوض موسكو عن أي كميات قد تراجعت عن تصديرها إلى أوروبا، تحت ضغط العقوبات الغربية، كما تم افتتاح أول جسر بري بين البلدين في بلاجوفيتشينسك.
كما أعلنت الصين رفضها محاولات تدويل قضية تايوان مؤكدة أنها شأن داخلي لا يحق لأحد التدخل فيه، ولاسيما الولايات المتحدة الأمريكية التي طالما أكدت دعمها لتايوان، حيث أرسلت وزير الدفاع، لويد أوستين، لمساندة تايبيه في حوار شانجري – لا، وأكد اهتمام واشنطن باستتباب الأمن والسلام في مضيق تايوان، مطالبًا الصين بالكف عن استفزازاتها المستمرة والمتزايدة المتمثلة في انتهاك طائرتها العسكرية المجال الجوي التايواني.





