ad a b
ad ad ad

بين تأييد الاحتجاجات وانتقاد القمع.. ضغوط الداخل والخارج تحاصر النظام الإيراني

الأربعاء 25/مايو/2022 - 02:42 م
المرجع
محمد شعت
طباعة
 تشهد إيران منذ أيام احتجاجات متواصلة على مدار أكثر من أسبوعين، وذلك بعدما انطلقت شرارة الغضب الشعبي بسبب ارتفاع الأسعار وتراجع مستوى المعيشة، خاصة في ظل القرارات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الإيرانية بخفض الدعم على القمح المستورد، ما أدى لزيادة الأسعار 300 بالمائة لمجموعة من السلع الغذائية القائمة على الطحين، ويتزامن ذلك مع ما عُرف بأزمة الدقيق في إيران، إضافة إلى ارتفاع معدل التضخم إلى 40%، وامتدت الاحتجاجات إلى نحو عشر محافظات من أصل 31 محافظة إيرانية الأسبوع الماضي، بعدما أعلنت الحكومة رفع سعر أربع سلع غذائية هي؛ الزيت والألبان والدجاج والبيض.

وتزداد التوترات الداخلية في إيران بالتزامن مع توترات خارجية، خاصة مع قوى الاتفاق النووي الذي توقفت مفاوضات إحيائه بسبب المطالب الإيرانية التي اعتبرتها واشنطن بعيدًا عن الاتفاق، وهو الأمر الذي دفع قوى خارجية إلى توظيف التوترات الداخلية باعتبارها ورقة ضغط على إيران، خاصة في ظل تنامي الاحتجاجات الشعبية بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة وتفشي البطالة وارتفاع أسعار المواد الغذائية حتى الضروري منها.

وتزداد وتيرة الاحتجاجات بعدما بدأت الحكومة الإيرانية تنفيذ خطتها بوقف الدعم المخصص للدولار من أجل شراء السلع الغذائية، وذلك وسط محاولات حكومية باحتواء موجة الغضب الشعبي، حيث أكد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أن الحكومة ستحاول الإسراع في إصلاح نظام دفع المعونات الحكومية، إضافة إلى تصريحات محمد مخبر نائب الرئيس الإيراني التي نقلتها وكالة «مهر الإيرانية» والتي قال فيها: «علينا أن نطمئن الناس بأننا نتحكم في الأسعار».

توظيف الأزمة

ويبدو أن الجانب الأمريكي يسعى إلى توظيف التوترات الداخلية للضغط على إيران التي تواصل تطوير برنامجها النووي، حيث أبدت الخارجية الإيرانية تأييدها لاحتجاجات الغلاء في إيران، وقال المتحدث باسم الخارجية نيد برايس في تغريدة على تويتر، :«إن المتظاهرين الإيرانيين الشجعان يدافعون عن حقوقهم، كما أن للشعب الإيراني الحق في محاسبة حكومته، ونحن ندعم حقوقهم في التجمع السلمي وحرية التعبير عبر الإنترنت وخارجه - دون خوف من العنف والانتقام.

وجاءت التصريحات الأمريكية لتغضب الجانب الإيراني الذي اعتبر أن هذه التصريحات تكشف القلق الأمريكي من تحرير الاقتصاد الإيراني، حيث انتقد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، تصريحات «نيد برايس» واعتبرها تحمسًا مبالغًا فيه، مشيرًا إلى أن الموقف الأمريكي يكشف مدى القلق من تحصين الاقتصاد الإيراني وجعله قائمًا على الشعب، مشددًا على استمرار مسار إبطال مفعول العقوبات وفصل الاقتصاد الإيراني عن الدولار وحماية الاقتصاد الإيراني، وأن إيران ستستمر في هذا النهج مهما كان مؤلمًا للولايات المتحدة.

لم تقتصر ردود الفعل الإيرانية الغاضبة من التأييد الأمريكي للاحتجاجات في إيران على تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة، حيث هاجمت تقارير نشرتها منصات تابعة لمؤسسات إيرانية تصريحات نيد برايس، معتبرة أن هذه التصريحات بمثابة تدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية، ويبدو أن الغضب الإيراني ناتج عن إدراك أبعاد الدعم الأمريكي والتصريحات الرسمية الأمريكية التي دعمت حق الإيرانيين في التظاهر، باعتبارها ورقة ضغط ضد النظام.

إدانات دولية

لم يتوقف الضغط على النظام الإيراني عند التصريحات الأمريكية المؤيدة للمتظاهرين الإيرانيين، إذ تعرض النظام الإيراني للهجوم من منظمات دولية حقوقية ترفض تعامل النظام مع المظاهرات، واعتبرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية أن السلطات الإيرانية اعتقلت نشطاء بارزين باتهامات «لا أساس لها» - وفق تعبير المنظمة – واصفة الاعتقالات الأخيرة بالمحاولة اليائسة لكبح دعم حركات اجتماعية شعبية متنامية.

واعتبرت المنظمة أن النظام الإيراني ارتكب العديد من الانتهاكات، خاصة بعدما قيّدت السلطات الإيرانية الوصول للإنترنت في عدة محافظات منذ بدء الاحتجاجات في السادس من مايو الجاري، كما أشارت المنظمة إلى تقارير قالت إنها منقولة عن مصادر غير رسمية، عن وفاة 5 أشخاص خلال الاحتجاجات، دون أن تتمكن المنظمة من تأكيد هذه التقارير.

وأشار تقرير المنظمة إلى أنه على مدى السنوات الأربع الماضية كان هناك تصاعد في الاحتجاجات الواسعة النطاق في إيران، التي نظمتها النقابات الكبرى، على التفاوتات الاقتصادية الناجمة عن تدهور مستويات المعيشة، لافتة إلى أن قوات الأمن ردت على الاحتجاجات بالقوة المفرطة والقاتلة، واعتقلت الآلاف، مستخدمة الملاحقة والسجن بتهم غير مشروعة كأداة رئيسية لإسكات المعارضين البارزين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
"