الأبعاد السياسية لزيارة مدبولي لتونس.. القاهرة تتوسط في خلافات قيس سعيد والقوى السياسية
تزيد زيارة الوفد المصري رفيع المستوى الذي وصل إلى العاصمة التونسية، الخميس 12 مايو 2022، برئاسة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، لحضور أعمال الدورة السابعة عشرة للجنة العليا المشتركة المصرية التونسية، الضوء على العلاقات المصرية التونسية، وتحظى علاقات الدولتين بخصوصية على خلفية عد مسار 25 يوليو الذي بدأته تونس منتصف 2021، وتسير فيه على الوصفة المصرية في تحجيم جماعة الإخوان وإخراجها من المشهد السياسي.
ووفقًا
للبيانات الصادرة عن الطرفين فالدورة الحالية للجنة العليا المشتركة المستمرة حتى
اليوم الجمعة، تتناول توقيع 11 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مختلف مجالات التعاون
الثنائي، من اقتصاد إلى ثقافة وغيرها. ومع عدم تطرق أي من المسئولين الرسميين
إلى الأوضاع السياسية للبلدين أو الانسجام الواضح بين القاهرة وتونس في الإدارة
الداخلية والمواقف الإقليمية، إلا أن الزيارة لا يمكن قراءتها بعيدًا عن هذا
التقارب، إذ تعد الدورة الحالة الأولى بعد توقف دام خمس سنوات في إشارة إلى
استعادة علاقة الدولتين عافيتها.
وتبدو القاهرة
العاصمة الأقرب لتونس منذ قرر الرئيس التونسي قيس سعيد التخلص من حركة النهضة جناح
جماعة الإخوان بتونس، والتعامل معهم على إنهم فصيل إرهابي، وتسعى القاهرة من خلال
الدورة الحالية للجنة المشار إليها تقدم الدعم الاقتصادي لتونس في حدود القدرات
المصرية، إذ تمر كلتا الدولتين بظروف تضخم سببها أزمة فيروس كورونا، والحرب الروسية
الأوكرانية، مع ذلك تبقى القاهرة في وضع أفضل من تونس التي تواجه تحديات ضخمة بفعل
السياسات الاقتصادية الفاشلة التي اتبعتها البلاد على مدار العشر سنوات منذ 2011.
هل
تفض القاهرة الاشتباك بين قيس سعيد واتحاد الشغل؟
بخلاف الأوضاع
الاقتصادية المتردية فتسير تونس في ملف التخلص من الإخوان بخطوات مهزوزة، إذ تعجز
الدولة حتى الآن عن التعامل مع حركة النهضة الإخوانية أو محاسبتها، متوقفة عند
محاولة تطهير المؤسسات منها مؤسسة القضاء من الإخوان والمستفيدين منهم حتى يتثنى
محاكمة الحركة، ويزيد الموقف تأزم الخلاف القائم بين الرئيس قيس سعيد وداعميه وعلى
رأسهم الاتحاد العام للشغل، أكبر جهة نقابية في المجتمع التونسي، على خلفية تفاوت
الرؤى في كيفية إدارة المرحلة بين الطرفية، وفيما يرى سعيد أن اختصار الصلاحيات في
يد مع تجاهل القوى السياسة والأحزاب في هذه المرحلة أمر مقبول باعتبارها
استثنائية، يرى الاتحاد العام للشغل أن لا غنى عن الحوار الوطني، ولا تضحية بمكاسب
الديمقراطية التي نجحت تونس في جلبها.
ويصيب هذا الاختلاف المشهد التونسي بالشلل، الأمر الذي يساعد النهضة في المراوغة وإقامة الحجة على الرئيس التونسي.
وفي ظل هذا الوضع
تعالت أصوات عن ضرورة استعانة تونس بالتجربة المصرية لاستكمال ما بدأتها من مسار
حصار الإخوان، وهنا يكون السؤال هل تساهم زيارة رئيس الوزراء المصري إلى تونس في
التقارب بين الرئيس ومخالفيه من القوى الوطنية؟
يتفق محللون
تونسيون على الاهتمام المصري بتونس من منطلق المصلحة الوطنية المصرية، إذ ترى
القاهرة في استبعاد الإخوان من تونس نجاح لمشروعها الإقليمية (القضاء على
الإخوان)، من هذه المنطلق يقول المحلل التونسي رابح بوراوي، في تصريحات إعلامية،
إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يدعم الرئيس التونسي في مساره السياسي الجديد، ويعتبره خطوة في طريق الإصلاح، ولفت إلى أن مصر تسعى لمساعدة تونس في تجاوز عقبات
المرحلة، مستدلًا بالتعاون الاقتصادي المرتقب بموجب الإحدى عشر اتفاقًا المقررين.
يشار إلى أن الرئيس
المصري عبد الفتاح السيسي، أعلن في 17 فبراير الماضي، دعم بلاده لإجراءات وجهود الرئيس
التونسي قيس سعيّد، لتجاوز التحديات وتحقيق الاستقرار في بلاده، وذلك خلال لقائهما
على هامش انعقاد قمة أوروبية- إفريقية، في العاصمة البلجيكية بروكسل.
تقارب
لافت
منذ 25 يوليو
2021، وشهدت العلاقات المصرية التونسية لقاءات متعددة جمعت مسئولي البلدين على
هامش دورات ومؤتمرات إقليمية ودولية، في إشارة إلى حرص الطرفين على التواصل. وكان وزير
الخارجية المصري، سامح شكري قد التقى في 22 مارس الماضي، بنظيره
التونسي عثمان الجراندي، على هامش الدورة الـ48 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون
الإسلامي بالعاصمة الباكستانية إسلام آباد، وبحثا تعزيز التعاون بين الجانبين في
عدة مجالات.
قبلها في فبراير 2022 التقى
الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الرئيس قيس سعيد، رئيس الجمهورية التونسية، وذلك بمقر
إقامته بالعاصمة البلجيكية بروكسل، وخرج الطرفان ببيانات أكدت تطرق اللقاء
إلى سبل تعزيز أطر التعاون الثنائي بين
البلدين، وتبادل الرؤى بشأن عدد من الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، دون
تسميتها.
في نوفمبر 2021، التقى الرئيس عبد
الفتاح السيسي مع نجلاء بودن، رئيسة الوزراء التونسية، على هامش انعقاد المؤتمر الدولي حول ليبيا في العاصمة الفرنسية باريس، وفي سبتمبر
2021، التقى سامح شكري بوزير الخارجية
بعثمان الجرندي، على هامش اجتماعات الدورة ٧٦ للجمعية العامة للأمم المتحدة
بنيويورك.
وفي أغسطس وعقب تسعة أيام من قرارات 25 يوليو، زار سامح شكري، تونس لنقل رسالة تحية ودعم من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الرئيس قيس سعيد.
وأكد شكري
آنذاك تضامن مصر لجهود سعيد الرامية للاستجابة للتطلعات المشروعة للشعب التونسي.
للمزيد.. تونس.. خلافات الرئيس والاتحاد العام للشغل تهدد مسار 25 يوليو





