أسباب التركيز على الدعاية لداعش والقاعدة في شبه القارة الهندية
منذ مطلع العام الجاري، بدأ تركيز الآلة الإعلامية لكل من تنظيمي القاعدة وداعش والكيانات الشبيهة على شبه القارة الهندية، وخصص أغلبها أعدادًا بل دوريات خاصة بالهند، مستغلين أزمة المسلمين في كشمير، وهي البيئة المناسبة لنمو هذه الجماعات التي تخلط الأوراق بتوجيه الأزمة دائمًا لصالحها بعيدًا عن المصالح الحقيقية للمسلمين، الأمر الذي يزيد الأزمة، وليس حلها، وفي كثير من الأحيان توجه هذه الجماعات أسلحتها للمسلمين أنفسهم الذي يرفضون أفكارهم.
داعش.. توحيد الآلة الإعلامية
زاد نشاط الآلة الإعلامية لتنظيم داعش في شبه القارة الهندية خلال العام الماضي، وشهد شهر رمضان تحركات غير مسبوقة لأبواق التنظيم الإعلامية، ففي يوم 13 أبريل الماضي الموافق 12 رمضان أعلن حسابات داعش على مواقع التواصل الاجتماعي انضمام جميع القنوات والجماعات السابقة المرتبطة بما يطلق عليه التنظيم «ولاية الهند الإسلامية» في كيان مركزي جديد باسم «ناشير الهند»، وأشار حسابات التنظيم إلى أن الكيان الموحد سيركز نشاطه بالكامل على الهند بما في ذلك كشمير.
ومنذ إعلان القناة الدعائية «ناشر الهند» تسير بوتيرة سريعة نحو توجيه رسائل لأتباع التنظيم من ناحية ومحاولة جذب عناصر جديدة، ويترجم التنظيم كل محتويات داعش الإعلامية إلى الهندية بما في ذلك مجلة النبأ الأسبوعية التي أصدرت نسخة من العدد 334 منها باللغة الهندية.
صوت الهند
ولم تقف الآلة الإعلامية للتنظيم عن توحيد آلتها الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي إلى «ناشر الهند»، أو ترجمة النبأ الأسبوعية، فعملت أيضًا على استئناف مجلتها «صوت الهند» الصادرة بالهندية، وكان آخرها العدد رقم 27، والذي تصدرت واجهته العملية الإرهابية التي تبناها التنظيم في 19 أبريل الماضي، والتي استهدفت ثكنة للشرطة الهندية في سريناغار وجامو وكشمير في إطار ما أطلق عليه التنظيم الإرهابي «غزوة الثأر للشيخين»، كما حمل قصيدة أيضًا بعنوان «أرض هند» للجهادي الهندي الملقب أبي تراب.
القاعدة والهند
بعد اختفاء دام قرابة العامين كان أول ظهور لأيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة في تسجيل مرئي ليلعن أنه لايزال على قيد الحياة، كان اختيار الظواهر الحديث عن الهند، وخصص التسجيل الذي دام قرابة 9 دقائق تحت عنوان «حرة الهند».
تحدث الظواهري خلاله عن واقعة فات عليها ما يقرب من شهرين قبل ظهوره، وهي واقعة منع الطالبات من ارتداء الحجاب في الهند في الثلث الأول من فبراير الماضي، والذي أدى إلى موجة من الغضب في أوساط المسلمين في الهند، وتداولت وسائل الإعلام وقتها تسجيلًا مصورًا لفتاة مسلمة اسمها «مسكان خان» تتحدى السلطات الهندية، وتبلغ الفتاة 19 عامًا وانتشر التسجيل المصور على شبكات التواصل الاجتماعي بشكل كبير وتظهر فيه الفتاة وهي تدخل مدرستها، بينما يقترب منها حشد من الرجال، يرتدي كل منهم وشاحًا أحمر مائلًا إلى البرتقالي فوق كتفيه؛ وهو لون يرتبط بالديانة الهندوسية والجماعات القومية الهندوسية، وهم يهتفون «المجد للإله رام»، وظلت مسكان ثابتة في وجوههم، صائحة الله أكبر مرتدية عباءة سوداء وحجابًا أسود إلى أن تدخلت إدارة المدرسة لاصطحابها إلى الداخل.
قضى زعيم القاعدة أيمن الظواهري 9 دقائق وهي كل مدة التسجيل المصور في الثناء على الفتاة «مسكان خان» وكأنه يتغزل في الفتاة التي لم تبلغ العشرين من عمرها، وعلى غير عادة التنظيم في إخفاء وجه النساء خلال تسجيلاتهم المرئية لكن الرجل ظل يكرر مشهد الفتاة التي سقط قناع وجهها عدة مرات وظهرت ملامحها أكثر من مرة في مشهد غير معتاد لدى التنظيم.
نسج الرجل المسن قصيدة طويلة يمدح فيها الفتاة وصنيعها، الذي لا يعدو كونه مجرد تعبير عن رأيها في حالة انفعال، لم تستغرق سوى لحظات، ولم تسجل أية بطولة- بحسابات التنظيم القديمة- سوى الظهور والاعتراض، وأطلق على تسجيله «حرة الهند» على غرار ما تفعله جماعة الإخوان المسلمين التي تصف نساءها بالحرائر، ومع ذلك فكان محور حديث الظواهري حول هذه الفتاة التي اختفى إثر فعلها بعد لحظة واحدة من تصويرها، وظل فقط يدغدغ عواطف المتعاطفين معها على مواقع التواصل الاجتماعي.





