الاستفادة خير من التقاضي.. منطق قيس سعيد للمصالحة مع الفاسدين في تونس
في خطوة متناقضة مع كل التصريحات
التي أطلقها الرئيس التونسي، قيس سعيد، حول محاربة الفساد والفاسدين، أعلن سعيد
مطلع الأسبوع الجاري مصالحة سياسية مع رجال الأعمال الفسدة شرط مشاركتهم في مشاريع
تنموية. وقال سعيد في كلمة ألقاها في قصر قرطاج، تزامنًا مع الذكرى 66 لعيد
الاستقلال إن مجلس الوزراء سينظر في مشاريع مراسيم منها مرسوم صلح جزائي مع رجال
الأعمال الفسدة «يسترد الشعب أمواله المنهوبة عوضًا عن القضايا المنشورة أمام
المحاكم».
لماذا الآن؟
الواقع الاقتصادي المتأزم لتونس يجبر
الرئيس التونسي على إشراك رجال الأعمال في مشاريع تنموية بدلًا من مقاضاتهم وعدم
الاستفادة منهم.
وتمر تونس بموقف اقتصادي متأزم، إذ خفضت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني، تصنيفها لديون تونس السيادية إلى سي.سي.سي من
بي-. وقالت فيتش إن عجز الموازنة الحكومية الذي يبلغ 8.5 في المائة من الناتج المحلي
الإجمالي هذا العام مقارنة مع 7.8 في المائة بنهاية 2021 سيرفع نسبة ديون تونس.
عجز الموازنة
ويبلغ عجز الموازنة التونسية لعام 2022
9.3 مليار دينار، فيما بلغ إجمالي ديونها 114 مليار دينار. وتبلغ الديون بذلك
مستوى غير مسبوق، في ظل سياسات اقتصادية سيئة إلى جانب تداعيات أزمة كورونا.
ووصلت الديون الخارجية لتونس لأكثر من 35.7
مليار دولار. ويزيد من حجم الأزمة أن تونس مطالبة بسداد نحو 5.4 مليار دولار منها
في العام الجاري، أي ما يزيد على 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
بالتزامن مع كل ذلك ستجلس تونس خلال الأيام
المقبلة مع صندوق النقد الدولي للدخول في مفاوضات جديدة على أمل إقناع مندوبي
الصندوق بإقراض تونس، للإفلات من المتطلبات المالية لهذا العام.
ويعزز من تأزم الموقف، ما أعلن عنه بنك
مورجان ستانلي، أحد أكبر المؤسسات الاستثمارية المصرية في الولايات المتحدة، إذ
قال إنه من المتوقع أن تتخلف تونس عن سداد الديون المطالبة بها لهذا العام.
خطة الحكومة وانقسام داخلي
وما يزيد المشهد صعوبة هو الاعتراضات التي
تقابلها خطة حكومة رئيسة الوزراء نجلاء بودان، التي اقترحت فيها تقليل الدعم ووقف
التوظيف في القطاع العام لمدة خمس سنوات. ويرى الاتحاد العام للشغل بتونس أن خطة
الحكومة مجحفة وغير مراعية للطبقات الفقيرة، مطالبًا بإيجاد حلول بعيدًا عن
الطبقات الفقيرة.
ويعد الاتحاد العام للشغل أحد أهم القوى السياسة
في تونس، ويحظى بشعبية بسبب مواقفه الداعمة للفقراء. وترى إدارة الرئيس التونسي إن
موقف الاتحاد العام للشغل ليس في محله، إذ هو يضر بالبلاد بموقفه أكثر من إفادتها،
لأن تونس ليس لديها خيارات إلا اللجوء إلى صندوق النقد الدولي وتنفيذ شروطه.
وكانت الحكومة التونسية قد دعت
التونسيين في الخارج بالتوسع في الأموال المحولة إلى البلاد لدعم الاقتصاد الوطني،
وهو ما لقى استجابة، إذ زادت تحويلات التونسيين العاملين في الخارج 27% في
أول شهرين من العام إلى 1.175 مليار دينار.
وبفعل ذلك وإلى جانب تنشيط حركة السياحة ارتفع احتياطيات
البلاد من النقد الأجنبي إلى 8.05 مليار دولار، في يناير وفبراير الماضيين، بحسب
تصريح للبنك المركزي التونسي، مطلع مارس الجاري.
ولم ترِ الخبيرة في الشأن الاقتصادي، جنات بن عبدالله، أن في ارتفاع مستوى النقد الأجنبي فائدة طالما لم يأت نتيجة لارتفاع في الصادرات.
وتابعت في تصريحات إعلامية أن «محافظ البنك كشف
عن نصف الحقيقة واحتفظ بالنصف الثاني من الحقيقة الكفيلة بإعطاء تقييم حقيقي
للاحتياطي من العملة الصعبة».
للمزيد..
طعنات في مترو تونس.. إرهاب النهضة يثبت التوقعات القديمة بإجرام الإخوان





