يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

أوروبا في مرمى إرهابيي القوقاز

الأحد 24/يونيو/2018 - 05:57 م
المرجع
محمود رشدي
طباعة
في أوائل التسعينيات من القرن العشرين، انهار الاتحاد السوفييتي، زعيم الكتلة الشرقية، وصاحت حينها العديد من القوميات والطوائف التي أخرستها القبضة الحديدية للأمن السوفييتي، جاءت على رأس تلك القوميات الدعوات الانفصالية في جمهوريات شمال القوقاز، ومنها الشيشان وداغستان، إلا أن الشيشان حين أعلنت استقلالها اصطدمت بالرفض الروسي، وعدم الاعتراف بها كدولة مستقلة، فاشتعلت الحروب بينهما، وأسفرت الصراعات الطاحنة بين الطرفين، التي امتدت من 1992 إلى 1996، عن مئات الآلاف من الضحايا المدنيين.
أوروبا في مرمى إرهابيي
الصراع الشيشاني - الروسي 
اتخذت القضية الشيشانية في كفاحها للاستقلال عن روسيا، بُعدًا عقائديًّا إسلامويًّا، جعلها تجذب إليها الإرهابيين الأفغان والعرب؛ إذ شارك فيها بعض الشيشانيين الذين كانت لهم سابقة في القضية الأفغانية، ومشاركة المجاهدين العرب، ما أعطى القضية بُعدًا آخر، وكأنه دفاع عن الإسلام وهو ما روجته الجماعات الإرهابية.

تحول الصراع «الشيشاني - الروسي» من قضية انفصال إلى قضية لنصرة الإسلام في منطقة شمال القوقاز، وأُسست على إثرها إمارة القوقاز الإسلامية بزعامة دوكو عمروف، وعلى جانب آخر حظي التنظيم بتأييد تنظيم القاعدة في أفغانستان، وعلى مدار العقدين الماضيين دارت سجالات مسلحة ما بين مجاهدي القوقاز والقوات الروسية.
أوروبا في مرمى إرهابيي
إرهابيو القوقاز في سوريا 
ومنذ بداية الحرب الأهلية في سوريا والعراق، تم تدويل القضية لتتحول القضية السورية إلى قضية جهاد عالمية بفضل تنظيم داعش الذي دعا كل مجاهدي العالم للهجرة إلى سوريا لمعاونة إخوانهم لإنشاء دولة الخلافة المزعومة. 

ويعد إرهابيو القوقاز من أبرز الميليشيات التي اندمجت داخل الصراع السوري تحت مبدأ «الجهاد» ضد روسيا ولنصرة الدولة الإسلامية التي روج لها عن طريق تنظيم داعش، وسرعان ما اندمج إرهابيو القوقاز داخل التنظيمات الإرهابية الموجودة بسوريا، وعلى رأسها تنظيم داعش، وجبهة النصرة (فرع القاعدة في سوريا). 

ظهر إرهابيو القوقاز في الحرب السورية في مايو عام 2013، وانتشر مقاتلوهم فيما بين داعش وجبهة النصرة، وفي عام 2014، أذيع فيديو لشخص يُدعى «سيف الله الشيشاني» ليعلن فيه عن تشكيله لتنظيم مسلح يضم كل مسلحي القوقاز بعد انشقاقهم عن النصرة وداعش. 
أوروبا في مرمى إرهابيي
خطر القوقازيين على أوروبا 
ينشط الكثير من إرهابيي الشيشان داخل سوريا، خاصة في إدلب وريفها، فالعديد من إرهابيي القوقاز مازال لهم نشاطٌ بارزٌ في سوريا، سيعتمد مستقبلهم على تطور الأزمة السورية، ومع تضييق الهجوم «الروسي - السوري» على إدلب في الآونة الأخيرة وإعادة إحكام السيطرة على سوريا وتمكين الجيش السوري، قد تضطر المجموعات إلى الفرار أو الكفاح من أجل بقائها، كما هو الحال مع تنظيم داعش، وحذرت السلطات في أوروبا من أن الأفراد قد ينتقلون إلى مناطق أخرى من الصراع أو يأتون إلى أوروبا.

تخشى أوروبا من تدفق الإرهابيين المخضرمين إلى إرهابيي القوقاز، ما قد يؤدي إلى زيادة الهجمات التي يشنها المقاتلون الأجانب، وهذا أمر مثير للقلق بشكل خاص؛ لأن هؤلاء الأفراد الذين عانوا من المعارك سيكونون قادرين على استخدام خبرتهم في الأسلحة النارية وتصنيع المتفجرات لإحداث إصابات جماعية. 

لم تحدث زيادة في الهجمات من قبل الإرهابيين القوقاز، ومع ذلك، فمن الممكن حدوث سيناريو على غرار ما حدث في أعقاب حرب البلقان والحروب الأهلية الجزائرية، وبالتحديد إنشاء شبكات جديدة وزيادة تطرف الأفراد عن طريق عودة المقاتلين الأجانب، بدعم من الروابط التي تشكلت في سوريا والعراق. 

ومما يزيد السيناريو تطبيقًا على أرض الواقع، حينما اعتقل أحد القوقازيين يُدعى «بومباتالييف» في إيطاليا يونيو 2017، بتهمة استقطاب أفراد لتشكيل خلية إرهابية. 

على سبيل المثال، في عام 2016 اعتقلت السلطات البلجيكية 16 شخصًا متهمين بالانتماء إلى مجموعات شيشانية، ويشتبه في أن بعضهم شاركوا في النزاع المسلح في سوريا مع النصرة وإمارة القوقاز، وكانت الشخصية المركزية للتحقيق جهاديًّا قيل إنه عاد إلى أوستند ببلجيكا لتلقي العلاج من الجراح التي أصيب بها في سوريا.
"