مكان للقتل المجاني.. «داعش» يحول مخيم الهول لجحيم يهدد المنظمات الإنسانية
الأحد 23/يناير/2022 - 07:02 م

مصطفى كامل
بات مخيم الهول الذي تقبع فيه عناصر وعوائل تنظيم «داعش» الإرهابي، مصدر خطر كبير، يهدد المنظمات الإنسانية بسبب الوجود الداعشي المكثف فيه، إذ تعمل خلايا التنظيم على إثارة البلبلة وتنفيذ العمليات الإرهابية بحق العاملين داخل المخيم واللاجئين، حيث أكد مسؤولو الإدارة الذاتية أن ثمة خللًا أمنيًّا وتهديدًا جديًا في المخيم بسبب الخلايا الداعشية، وذلك في وقت تبحث فيه الجارتان السورية والعراقية سبل تأمين الحدود المشتركة، وملف مخيم الهول الحدودي.

خلل أمني
نبه مسؤول في الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا، إلى أن تهديد المنظمات الإنسانية العاملة في مخيم الهول يشكل «سابقة خطيرة»، بعد أيام من مقتل مسعف على يد عناصر تابعة لتنظيم «داعش»، وفقًا لوكالة «فرانس برس».
ويؤوي مخيم الهول نحو 56 ألف شخص، أكثر من نصفهم دون 18 عامًا، وفق آخر بيانات الأمم المتحدة، إذ يضم نحو عشرة آلاف من عائلات الإرهابيين الأجانب بتنظيم «داعش» ممن يقبعون في قسم خاص قيد حراسة مشددة.
ويشهد المخيم بين الحين والآخر حوادث أمنية تتضمن عمليات فرار أو هجمات ضد حراس أو عاملين إنسانيين أو جرائم قتل تطال القاطنين فيه.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، قُتل المسعف على يد مسلحين تابعين لتنظيم «داعش» تمكنا من دخول النقطة الطبية باستخدام هويتين مزورتين.
وتعمل عشرات المنظمات غير الحكومية، المحلية والدولية، على تقديم المساعدات داخل المخيم، ومنذ مطلع العام 2021 وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقتل 91 شخصًا في المخيم، غالبيتهم لاجئون عراقيون، على يد عناصر متوارية من التنظيم، وبين القتلى عاملان اثنان في المجال الإنساني.
وخلال بيان مشترك، أكد «عمران ريزا» المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا، و«مهند هادي» المنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، أن منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى لا تزال ملتزمة بحشد وتقديم المساعدات المنتظمة المنقذة للحياة والمساعدات الأساسية للمخيم، محذرين من أنه لا يمكنها القيام بذلك بشكل فعال إلا عندما يتم اتخاذ خطوات لمعالجة قضايا السلامة المستمرة.
وقال «شيخموس أحمد» مسؤول المخيمات في الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، إن هناك خللًا أمنيًا وتهديدًا جديًا في المخيم، حيث خلايا «داعش» ما زالت موجودة، مؤكدًا أن تهديد المنظمات الإنسانية والنقاط الطبية يشكل سابقة خطيرة، موضحًا أن إدارة المخيمات بعد الحادث الأخير ستواصل تقديم الخدمات الإنسانية لكن ليس بالشكل المطلوب.
وحذرت الأمم المتحدة مرارًا من تدهور الوضع الأمني في المخيم، إذ يخشى خبراء من أن يشكل المخيم «حاضنة» لجيل جديد من عناصر التنظيم، وسط استمرار أعمال الفوضى والعنف وانسداد الأفق الدبلوماسي بإمكانية إعادة القاطنين فيه إلى بلدانهم.
ومنذ إعلان القضاء على التنظيم في مارس 2019، تطالب الإدارة الذاتية، ذات الإمكانات المحدودة، الدول المعنية باستعادة مواطنيها المحتجزين في سجون ومخيمات أو إنشاء محكمة دولية لمحاكمة العناصر الإرهابية في سوريا، لكن مناشداتها لا تلقى آذانًا صاغية، واكتفت فرنسا وبضع دول أوروبية أخرى باستعادة عدد محدود من الأطفال اليتامى.

تأمين الحدود من «داعش»
في المقابل، بحث «قاسم الأعرجي» مستشار الأمن القومي العراقي، مع «صطام جدعان الدندح» سفير سوريا في بغداد، التعاون في تأمين الحدود بين البلدين، وملف مخيم الهول الحدودي، حيث أكد الأخير أن اللقاء بحث موضوع الخندق الذي أقيم على طول الحدود السورية العراقية وتعزيزه بالأسلاك الشائكة، ووسائل الرصد الحديثة ومنها الكاميرات الحرارية، مشيرًا إلى أن الجانبين حريصان على تشديد أمن الحدود المشتركة ومنع تسلل الإرهابيين عبرها وتبادل المعلومات الأمنية بين البلدين حول هذا الموضوع.
بينما قالت مستشارية الأمن القومي العراقي، إن «الأعرجي» والدندح بحثا آخر مستجدات الأوضاع والتعاون المشترك في تأمين الحدود بين البلدين وملف مخيم الهول للاجئين، قائلًا: «إن سوريا جزء من الأمة العربية وامتداد للعمق العربي وأن شعبها أثبت صموده بوجه كل المؤامرات»، وفق وكالة «سانا» السورية.
في الجهة المقابلة، أعلن التحالف الدولي ضد «داعش»، أن التنظيم لا يزال يشكل تهديدًا حقيقيًا لاستقرار وأمن سوريا والعراق، حيث قال الجنرال «كارل هاريس» نائب القائد العام لقوات التحالف الدولي، إن التنظيم الإرهابي لا يزال يشكل تهديدًا حقيقيًّا لأمن واستقرار العراق وسوريا.
ووفق بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئاسة حكومة إقليم كردستان العراق «مسرور بارزاني»، عقب لقائه هاريس، الثلاثاء 18 يناير 2022، بحثًا الوضع العام في العراق ومكافحة التهديدات الإرهابية، حيث أكد «هاريس» على دعم التحالف لقوات البيشمركة (القوات المسلحة لإقليم كردستان) في مواجهة إرهابيي تنظيم «داعش»؛ بحسب شبكة «رووداو» الكردية.
نائب القائد العام لقوات التحالف الدولي، شدّد على ضرورة تعزيز ومواصلة آليات التنسيق بين الجيش العراقي والبيشمركة، ولاسيما في المناطق الكردستانية خارج إدارة الإقليم، للقضاء على تهديدات إرهابيي «داعش» من خلال تفعيل مراكز التنسيق الأمني المشتركة وإنهاء الثغرة الأمنية في تلك المناطق.
وكان العراق قد أعلن رسميًا استكمال خروج جميع القوات القتالية للتحالف الدولي من البلاد، حيث قال «مصطفى الكاظمي» رئيس الوزراء العراقي، في 29 ديسمبر2021: «انتهت المهام القتالية للتحالف الدولي، وتم استكمال خروج كل قواته ومعداته القتالية خارج العراق.. أصبح دور التحالف يقتصر على المشورة والدعم حسب مخرجات الحوار الاستراتيجي».
وقادت واشنطن في 2014، تحالفًا دوليًّا ضد التنظيم الإرهابي في العراق لتقديم الدعم الجوي والاستخباري للقوات العراقية في حربها ضد التنظيم الإرهابي، لكن قوى سياسية وفصائل مسلحة عراقية ضغطت من أجل انسحاب القوات الأجنبية من البلاد بعد إعلان هزيمة «داعش» أواخر عام 2017، واستعادة السيطرة على كامل الأراضي العراقية بما فيها الشريط الحدودي مع سوريا، إلا أن مسألة الخلايا النائمة التابعة للتنظيم ما زالت تعكر صفو الحياة في بعض المناطق العراقية.