السينما الأمريكية و11 سبتمبر.. اتباع السلطة في التأييد والنقد
الأحد 12/سبتمبر/2021 - 11:02 م

محمد عبد الغفار
تُعد هجمات 11
سبتمبر 2001، واحدة من أبرز الأحداث المفصلية التي شهدها العالم، والتي ساهمت في تغيير
تكتلاته السياسية وآليات التعامل ما بين الدول، إذ سارعت الولايات المتحدة
الأمريكية إلى تقسيم العالم إلى دول مؤيدة لها في حربها ضد الإرهاب ودول مؤيدة
للإرهاب ضدها.
كما سارعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تبني سياسة جديدة بالتعاون مع حلفائها في دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) ودول جنوب شرق آسيا وغيرها، تعتمد بصورة أساسية على تعزيز التواجد العسكري الأمريكي في الدول المختلفة.

التأثير كبير.. السينما نموذجًا
لم تؤثر هجمات 11 سبتمبر 2001 على الحياة السياسية والعسكرية فقط، لكن امتد تأثيرها السلبي إلى كافة صور ومناحي الحياة، ومن ضمنها الأعمال السينمائية، التي سارعت إلى محاولة تجسيد الوضع الراهن آنذاك، وركز النظام السياسي على ذلك باعتبار أن هوليود تعد واحدة من أبرز القوى الناعمة التي تمتلكها واشنطن للتأثير على الرأي العام العالمي.
ويظهر هذا الاستغلال السياسي لتأثير هوليود العالمي، عندما حضر 40 من أبرز صناع السينما الأمريكية، في أكتوبر 2001، اجتماعًا بالبيت الأبيض استغرق قرابة ساعتين، ثم اجتماعًا آخرًا في 8 نوفمبر 2001، في بيفرلي هيلز، وكلاهما ركز على كيفية دعم هوليود للحرب الأمريكية ضد الإرهاب باعتبارها واجبًا قوميًّا.
وتم الاتفاق على 7 نقاط أساسية يجب أن تركز عليها الأفلام التي تتعامل مع هذه القضية، وهي أن الحرب ضد الإرهاب فقط وليست ضد الأبرياء، ودعوة الشعب الأمريكي لأداء الخدمة العسكرية، وطمأنة الأبرياء، ودعم القوات الأمريكية، وحث دول العالم على المشاركة في الحرب العالمية الأمريكية ضد الإرهاب، والتأكيد على أن هذه الحرب مواجهة مع الشيطان الذي يريد أن يؤثر على العالم، ومحاولة إظهار السرد بصورة أكبر خلال الحرب.
وحتى عام 2003، ركزت السينما الأمريكية على إظهار دور الضحية الذي تم مهاجمته بقوة وبصورة غير إنسانية، مع التركيز على بسالة الجيش الأمريكي في مواجهة الحدث لحظة وقوعه، وهو ما مهد لأهمية التدخل العسكري في دول خارجية، ويظهر ذلك في فيلم خلف خطوط العدو Behind enemy lines، وكنا جنود We were soldiers.
وحتى تمهد الحكومة الأمريكية لأهدافها العسكرية المستقبلية، والتي كان أبرزها مهاجمة العراق وإسقاط نظام الرئيس الراحل السابق صدام حسين، وأهداف عسكرية وسياسية أعقبت ذلك، لعبت السينما على تعزيز فكرة الوطنية وضرورة الانتقام للشرف الأمريكي باعتبارها من الدول العظمى، وهو ما ظهر في عدة أفلام مثل النهر الغامض Mystic River ورجل على نار Man on fire وغيرها من الأفلام.

تحول مثير
لم تتعامل السينما الأمريكية مع أحداث 11 سبتمبر بوتيرة واحدة، حيث تغيرت نظرة بعض صناع هوليود للأحداث مع مرور الوقت، وظهور بعض الحقائق الأخرى، وربما طول أمد الحرب الأمريكية في العراق، التي أظهر الرئيس الأمريكي حينذاك جورج دبليو بوش ورئيس الوزراء البريطاني حينذاك أيضا توني بلير أنها عملية عسكرية بسيطة سوف تنتهي بسرعة.
حيث بدأ فيلم سيريانا Syriana بتسليط الضوء على عمليات الفساد التي تحدث في الإدارة الأمريكية، وأعقبه فيلم أسود وخرفان Lions and lambs والذي ركز على فساد الرئيس الأمريكي جورج بوش، واتهمه بأن المواطن والجندي الأمريكي هما من يدفعان ثمن سياساته وطموحاته الفاشلة، والتي قامت على معلومات استخباراتية خاطئة أو أغفلت الحقائق الفعلية.
ومن ضمن الأفلام التي هاجمت جورج بوش بقوة فيلم دبليو W، والذي تناول قصة حياة بوش وتأثير طفولته وحياته الخاصة على سياساته كرئيس للدولة، وهو ما أثر بصورة مباشرة على قراراته التي أدت إلى حدوث الحرب الخاطئة ضد العراق.
ومع وصول الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما إلى سدة الحكم في البلاد، زادت حدة الهجوم على سلفه بوش في السينما الأمريكية، وكانت البداية مع فيلم Fair Game، والذي يتناول قصة حياة عميلة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وزوجها السفير، ويعرض المواجهة القاسية لهما مع الحكومة الأمريكية، التي رفضت المقال الذي كتبه السفير بأنه لا توجد أسلحة دمار شامل في العراق.
وهناك فيلم 30 دقيقة بعد منتصف الليل Zero Dark thirty، وهو الفيلم الذي رشح لخمسة جوائز أوسكار، ويعرض فشل نظام بوش في الوصول إلى العقل المدبر لعملية 11 سبتمبر رغم كافة العمليات العسكرية التي قام بها نظامه، ونجاح أوباما في قتل بن لادن.
كما حصل فيلم خزانة الألم Hurt Loacker على جائزة أوسكار أفضل مخرجة، وتناول المعاناة التي واجهها الجندي الأمريكي في خلال الحرب ضد العراق، وأنه الطرف الأساسي الذي تحمل مسؤولية الخطأ الكبير للسياسة الأمريكية في التعامل مع ملف الإرهاب.
تعاملت السينما الأمريكية مع أحداث 11 سبتمبر عبر مرحلتين، كلاهما توافق مع اتجاهات النظام الحاكم، كانت الأولى في عهد الرئيس جورج بوش ودعمت بقوة حربه ضد الإرهاب وعززت مفهوم الانتقام لدى الشعب الأمريكي، بينما كانت الثانية في عهد خلفه باراك أوباما وركزت على الأخطاء التي وقع بها نظام بوش في التعامل مع الإرهاب نتيجة معلومات استخباراتية خاطئة.