صيد رخيص في ماء عكر.. تركيا تبحث عن موطئ قدم في أفغانستان
الخميس 02/سبتمبر/2021 - 07:24 م
محمود البتاكوشي
تسعى تركيا للتغلل داخل أفغانستان، وإطالة فترة وجودها فيها لتحقيق عدة مصالح، فهي ترتبط بالشرائح التركية من الشعب الأفغاني والمتمثلة في الطاجيك والتركمان والأوزبك، والعلاقات التجارية والاقتصادية، وعمل الشركات التركية، وحالة التنافس بين القوى الإقليمية والعالمية فيها وعليها، لذا يبحث النظام التركي عن موطئ قدم في أفغانستان، لاسيما بعد سيطرة حركة طالبان على العاصمة كابول مؤخرًا، مستغلة حاجة طالبان للانفتاح على المجتمع الدولي والتطلع إلى اعتراف دولي بشرعيتها في الحكم الأفغاني الجديد الذي لم يتشكل بعد.
رغم الفوضى
يشار الى أن تركيا لم تسارع لسحب قواتها من أفغانستان، بل بقيت سفارتها في كابول تعمل رغم حالة الفوضى التي ضربت البلاد في إشارة صريحة بعدم القلق أو الاستعجال، فضلًا عن أولوية إجلاء المواطنين الأتراك وإعادتهم لوطنهم، عكس ما فعلت الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية.
وتظهر رغبة تركيا في المكوث في أفغانستان جليًا عبر تصريح وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن بلاده ستبقى مع الشعب الأفغاني طالما أراد ذلك، وأعقب ذلك تصريح آخر للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن حركة طالبان عرضت على تركيا تشغيل مطار حامد كرزاي الدولي في كابول.
على مدار الفترة الماضية، أرسلت تركيا عدة رسائل إيجابية لحركة طالبان أبرزها تصريح أردوغان بأن الحركة معتدلة وبلاده مستعدة للتعاون معها والاعتراف بها، كما يلعب الجانب التركي على وتر الدين والمشتركات الثقافية بين تركيا وأفغانستان مما يجمل صورة حركة طالبان أمام العالم، وأكبر دليل على ذلك تصريحات المتحدث باسم الحركة سهيل شاهين، إن طالبان تتوقع علاقات جيدة مع تركيا لأنها تسعى إلى التكيف مع النظام العالمي، وأن تركيا دولة شقيقة إسلامية عظيمة، ولا يخفى على أحد حاجة طالبان الماسة إلى اعتراف دولي بها بعد وصولها إلى السلطة بالقوة.
في الماء العكر
ومثل هذا الأمر يزداد أهمية وضرورة مع غياب ثقة المجتمع الدولي في الحركة، خاصة في ظل ممارساتها الدموية خلال المراحل السابقة وعقيدتها المتشددة، نظرًا لعلاقات تركيا وعضويتها في الناتو، وكذلك فيما يتعلق بعمل الشركات التركية، وخبرة أنقرة في التنمية والإعمار والبنى التحتية، مما يسهل لها التقارب مع الحركة والحصول على مكتسبات منها، فضلًا عن العلاقات الجيدة التي تجمع بين باكستان وقطر وحركة طالبان، فالأخيرة كانت عرابة المفاوضات بين الإدارة الأمريكية وطالبان في الدوحة طوال الفترة الماضية، وتعد باكستان الحديقة الخلفية لطالبان، ودعمتها عسكريًّا ولوجيستيًّا وتنظيميًّا منذ هزيمتها على يد القوات الأمريكية قبل عقدين، مما يسهل من مهمة تركيا بحسب قوة علاقتها مع الدوحة وإسلام آباد.
أوردت صحيفة حريت التركية، نقلًا عن مصدر لم تسمّه، أن تركيا تتواصل مع طالبان نفسها من خلال ثلاث قنوات، بحيث تجري مباحثات مع جناحها السياسي عبر قطر، وجناحها العسكري عبر باكستان، ومباحثات مباشرة معها بواسطة جهاز الاستخبارات.
ومن المتوقع أن تجري تركيا حوارات مباشرة مع حركة طالبان، وبشكل أدق مع النظام الجديد الذي سيتشكل في أفغانستان، إذ تؤكد أنقرة في تصريحات مختلف مسؤوليها على ضرورة إشراك كل الأطراف في العملية السياسية في هذه المرحلة.
لكن الوجود التركي في أفغانستان سيكون أمامه مواجهة عددٍ من التحديات أبرزها:
رفض طالبان وجود قوات أجنبية على أراضي أفغانستان، وأعلنت ذلك أكثر من مرة، وكان آخرها عندما قدمت تركيا في وقت سابق مقترحها للإدارة الأمريكية بتأمين الحماية لمطار حامد كرزاي، كان جواب طالبان بالرفض القاطع، لاسيما أن تركيا دولة في حلف شمال الأطلسي «الناتو»، كما تخشى تركيا من مغبة التحرك خارج حلف «الناتو» إذ من الممكن أن تواجه بمفردها حركة طالبان أو غيرها من التنظيمات المتشددة في أفغانستان، والتي من الصعب ضمان أفعالها في المرحلة المقبلة.
ومن أبرز العقبات التي قد تواجه تركيا في أفغانستان هى الصدام مع روسيا وإيران والصين؛ لأسباب طائفية وتنافسية على مناطق الجوار الجغرافي، حيث إن التحركات التركية تثير الريبة والحساسية؛ خاصة أنه يصب في دعم التيارات الإسلامية المتشددة، لاسيما أن مثل هذا الدور قد يقوي؛ ولو بطريقة غير مباشرة، من جماعات الإيغور في الصين، فضلًا عن أنه يصعد النزاع بين الهند وباكستان، في ظل الجماعات الإسلامية الرافضة لحكم الهند في كشمير.





