يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

«من أجل المسلمين».. كتاب يكشف مواقف التيارات السياسية الفرنسية من «الإسلاموفوبيا»

الأربعاء 11/أغسطس/2021 - 09:27 م
المرجع
محمد عبدالغفار
طباعة

لم يكن ظهور اليمين المتطرف خلال السنوات الأخيرة وليد اللحظة، إذ إن هذا الفكر القائم بصورة أساسية على التخويف من الآخرين، يتواجد منذ القدم، إلا أن بعض الأحداث السياسية والاجتماعية الأخيرة مثل ظاهرة المهاجرين ساهمت في زيادة تواجد جماعات اليمين المتطرف في الدول الأوروبية.


مجال خصب للدراسة

نجح اليمين المتطرف في جذب انتباه وأنظار العالم إليه خصوصًا مع زيادة أعداد المؤمنين بأفكاره، وتحولهم إلى قوة سياسية واجتماعية لا يمكن إنكارها، خصوصًا وأن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، كان مؤيدًا لأفكار اليمين المتطرف بقوة.


وقوبل هذا النفوذ المتزايد لليمين المتطرف بزيادة واضحة في عدد الدراسات والتحليلات والكتب التي تتناول نشاط هذا التيار وقدراته وتواجده، بهدف عقد مقارنات بين التيار اليميني القديم والحديث، وفهم أساليب تحرك هذه الجماعات وموقفها من مختلف القضايا.


من أجل المسلمين

كان للكاتب الفرنسي «إيدوي بلينيل» دور في هذا الشأن، إذ أصدر في عام 2014 كتابه المعنون «من أجل المسلمين»، والذي ركز بصورة أساسية على تحليل الخطاب السياسي لمختلف التيارات السياسية الفرنسية سواء كانت أحزاب أو هيئات او جماعات تجاه مفهوم «الإسلاموفوبيا»، وهو المصطلح الذي يغذيه تيار اليمين المتطرف.


ولم يتوقف الكتاب عند دراسة موقف اليمين المتطرف من مصطلح «الإسلاموفوبيا»، لكنه امتد إلى دراسة اليسار الراديكالي والثوري، محاولًا إثبات تأثر كافة هذه الاتجاهات السياسية بمفهوم اليمين المتطرف عن مصطلح «الإسلاموفوبيا».


وينصب بلينيل نفسه مدافعًا ومحاميًا خلال الكتاب عن حقوق المسلمين المهاجرين إلى أوروبا، وبالنظر إلى نشأته، فهو عاش في مجتمعات متنوعة الفكر والاتجاه، ما ساهم في تقبله لتواجد المسلمين إلى جانبه في فرنسا، لذا يظهر هجومه الكبير على تيار اليمين المتطرف وأذرعه السياسية في الداخل الفرنسي.


واتهم الكاتب، زعماء اليمين المتطرف بالخلط بين الهجرة والإجرام والتنافر الحضاري الواقع بين الفكر الإسلامي وبين القيم الفرنسية، معتبرًا أن ذلك يتم بصورة مقصودة متعمدة، بهدف خلق حالة عامة لدى المواطن الفرنسي ضد المهاجر المسلم، معتبرًا أن استغلال وسائل الإعلام في نقل هذه التصريحات أمر مؤسف.


وأضاف الكاتب الفرنسي «إيدوي بلينيل»، أن الاتجاه الاشتراكي الفرنسي لا يختلف كثيرًا عن نظيره في اليمين، إذ إن أبرز قادة هذا التيار وهو مانويل فالس، والذي اشترك مع الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند لفترة من الفترات في قيادة فرنسا كوزير أول، أدلى في عام 2013 عندما كان وزيرًا للداخلية بأن فرنسا تواجه 3 مشكلات كبرى، موضحًا أن من بينها الإسلام، خصوصًا وأن قدرته على التعامل والتلاؤم مع القيم الديمقراطية أمر محل شك، واصفًا ذلك بالعدو الداخلي.


وعقب الكاتب بالقول: «إن كان لهذه الكلمات من معنى فإنها تعنى الاستعداد للحرب، حرب لفرنسا ضد أخرى، حرب ضد ديانة وضد حارات وضد معتقد، أي أنه تنازل عن القواعد والممارسات السليمة للحياة الديمقراطية».


وأشار الكاتب إلى أن هذا الفخ الذي نصبه اليمين المتطرف وقع به كافة الاتجاهات بما في ذلك اليسار الثوري الراديكالي، والذي كان من المفترض أن يعمل وفقًا لمقولة ماركس «الدين أفيون الشعوب»، إلا أنهم فهموها فهمًا خاطئًا وفقًا للكاتب، حيث اعتنقوًا تدريجيًا الخطاب الصادر عن اليمين الفرنسي المتطرف.


اقتباسات واضحة

رغم أن الكتاب يأتي في 11 عنوانا فقط تشغل أقل من 150 صفحة، إلا أنه يعد بمثابة وجبة دسمة واضحة المعالم تفسر مفهوم الإسلاموفوبيا لدى التيارات السياسية الفرنسية وموقفها منه، ونجح الكاتب في أن يستخدم كلمات واضحة ودقيقة تجاه هذه القضية، نبرز بعضًا منها في الآتي، ففي الفصل الثاني المعنون «مشكلة فرنسا» قال الكاتب: «أمام عجز الطبقة العليا عن المعرفة والتفكير والتصرف لم يعد بمقدورهم أن يقترحوا سوى انفعالات قاتلة تغلفها هواجس الإسلاموفوبيا، الانفعالات البئيسة لعدم المساواة والتراتيبية والتمييز، انفعالات مدمرة لن تستثني في نهاية المطاف أحدًا ما دامت تؤدي حتمًا إلى الفرز والتمييز والانتقاء بين أفراد جماعتنا البشرية».


ويضيف في موضع آخر: «لقد أصبح بلدنا استثناءً أوروبيًّا مع يمين متطرف يتموقع في قلب النقاش السياسي إلى الحد الذي يجعله يتهيأ للإمساك بالسلطة ويمين متحلل أخلاقيًا يعصف به الضياع الإيديولوجي والمنافع المادية، ويسار في وضعية مزرية وضعف لم يسبق لهما مثيل، وتشتت غير مسبوق، والأدهى من كل ذلك كله أنه تائه».


في موضع ثالث يقول: «فرنسا تريد مسلمين شفافين، منعزلين ومتخفين ومنصهرين، وذلك حسب الخطاب المتداول، أي أنهم غير موجودين في حقيقة الأمر، فرنسا تريد صهرهم بالكامل، وهذا الانصهار إكراه مرعب، كما كان الشأن مع الاستعمار لا سيما الفرنسي، أن لا نقبل الآخر إلا إذا تخلى عن ذلته، أن لا نحفل به إلا إذا قرر أن يشبهنا، أن لا نوافق عليه إلا إذا ما تنازل عن كل ما كان، ليس لهذا أدنى علاقة بما يقتضيه الاندماج».

الكلمات المفتاحية

"