يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

عمائم تلطخها الدماء.. لجان الموت ومذبحة الأكراد عارٌ يطارد الملالي

الإثنين 09/أغسطس/2021 - 05:44 م
المرجع
محمد شعت
طباعة


يواصل الشعب الأحوازي انتفاضته التي انطلقت شرارتها في مطلع شهر يوليو 2021 بسبب الانتهاكات المتواصلة التي يمارسها النظام الإيراني بحق الأحوازيين والقوميات غير الفارسية بشكل عام، وذلك في ظل مخططات النظام لطمس هوية الأحواز العربية، ومخططات التغيير الديمجرافي، إضافة إلى عمليات القمع والإعدامات التي يمارسها النظام بحق الشباب الأحوازي الثائر، ما يعيد إلى الأذهان الجرائم التاريخية التي ارتكبها نظام الملالي بحق الشعب الإيراني بكل أطيافه.


ووفقًا لتقارير حقوقية، فقد تم إعدام أكثر من 5000 شخص في السجون الإيرانية في صيف عام 1988 بسبب عضويتهم أو انتمائهم إلى مجموعات معارضة يسارية في الغالب، بما في ذلك أعضاء منظمة «فدائيو الشعب» الماركسية اللينينية، وحزب «توده» الشيوعي، ومنظمة «بيكار» الماوية، ونشطاء من القوميات غير الفارسية؛ خاصة عرب الأحواز والأكراد والبلوش والتركمان.        


أحمد منتظري
أحمد منتظري

ما وراء  الكواليس


أحمد منتظري، نجل رجل الدين الإيراني الراحل، حسين علي منتظري، نشر تسجيلًا قبل 3 سنوات، يفضح فظائع ما عرف بـ «لجان الموت» التي نفذت الإعدامات عام 1988 في إيران بحق معتقلين معارضين، وحكم عليه بالسجن عدة سنوات إلا أن الحكم لم ينفذ.


منتظري كشف عن مضمون تسجیل صوتي یتعلق باجتماع والده مع مسؤولي ملف إعدامات 1988، أو ما عرف بـ «لجنة الموت»، مفيدًا بعدم السماح له ببث التسجيل الصوتي.


وأشار منتظري في مقطع مصور بثه على «تويتر»، إلى أن التسجيل يكشف تورط 4 أشخاص في تلك الإعدامات التي طالت معتقلين في السجون الإيرانية، واعتبر منتظري أن إعدامات عام 1988 هي «أكبر جرائم الجمهورية الإسلامية».


كما أوضح قائلاً: «إن مجموعة من 4 أشخاص كانوا مسؤولين عن تنفيذ أحكام إعدامات عام 1988، وقاموا في يناير عام 1989 بزيارة لوالدي، وهناك ملف صوتي مسجل لهذا اللقاء».


وبحسب «إيران إنترناشونال» فإن  السلطات القضائية والأمنية التي حضرت هذا الاجتماع مع حسين علي منتظري هم: حسين علي نيري، حاكم الشرع آنذاك، ومرتضى إشراقي، مدعي عام طهران، آنذاك، وإبراهيم رئيسي، مساعد المدعي العام، آنذاك، «رئيس الجمهورية الحالي» ومصطفى بور محمدي، ممثل وزارة الاستخبارات في سجن إيفين، آنذاك..


وبالطبع، تلقى منتظرى تهديدات من مسئولين أمنيين وقضائيين بالسجن 6 أعوام إذا نشر الملف الصوتي الذي يتعلق بالاجتماع المذكور، والملفات الأخرى التي تتعلق بإعدامات 1988.


المرشد الأعلى الخميني
المرشد الأعلى الخميني

 المرجعية للجريمة


كانت المرجعية في الجريمة فتوى للمرشد الأعلى الخميني تحت شعار «الجهاد ضد الكفار، وفي تنفيذ عملي لفتوى «الخميني» آنذاك، تشكل ما عرف بـ«لجان الموت» في طهران وفي مختلف مناطق إيران، وأعدمت خلال أشهر أكثر من 30 ألفًا من السجناء السياسيين، وكانت أغلبيتهم من مجاهدي خلق، في الوقت الذي ضمت تلك اللجان مسؤولين إيرانيين بارزين حاليًا.


هذه الاعترافات أدلى بها أحد القضاة الإيرانيين المتورطين في تصفية آلاف المعارضين السياسيين نهاية ثمانينيات القرن الماضي في سجون نظام ولاية الفقيه، باعترافات جديدة تؤكد أن الخميني مرشد إيران السابق أمر بتنفيذ مجزرة 1988.


وقال علي رازيني، أحد المسؤولين القضائيين البارزين في طهران سابقًا، إن محاكمات هؤلاء المعارضين تمت على نحو «سريع جدًا» في صيف عام 1988، بناء على أوامر من المرشد الإيراني السابق الخميني.


القاضي الإيراني السابق قال أيضًا، إن الخميني طالبهم خلال تلك الفترة بضرورة التصدي لأنشطة كوادر منظمة مجاهدي خلق (المعارضة)، والتي تتخذ من باريس مقرًا لها حاليا، وتمثل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، خلال بقائهم رهن الاعتقال بسجون طهران.


وشدد رازيني على أن الأوامر التي صدرت إليهم فيما عرفت بـ«محاكم الموت» من قبل رأس النظام الإيراني انطوت على ضرورة التعجيل في وتيرة التقاضي تجاه هؤلاء السجناء الذين جرى إعدامهم لاحقًا داخل المعتقلات، حيث وصلت حصيلة الضحايا إلى نحو 30 ألف شخص.


وفي تنفيذ عملي لفتوى «الخميني» آنذاك، تشكل ما عرف بـ«لجان الموت» في طهران وفي مختلف مناطق إيران، وأعدمت خلال أشهر أكثر من 30 ألفًا من السجناء السياسيين، وكانت أغلبيتهم من مجاهدي خلق، في الوقت الذي ضمت تلك اللجان مسؤولين إيرانيين بارزين حاليًا.


علي خامنئي
علي خامنئي

قائمة الجلادين


كانت المعارضة الإيرانية قد أصدرت بيانًا، وفق ما ذكرت «سكاي عربية»، يشير إلى أن «معلومات مجاهدي خلق»، تؤكد أن «معظم المؤسسات الرئيسية للنظام يديرها مسؤولون متورطون في المجزرة».


وتمكنت المعارضة «من استقاء أسماء ومعلومات عن 59 من كبار المسؤولين عن هذه المجزرة الذين كان سجلهم الإجرامي مخفيًا طوال 3 عقود، وهم الآن يحتلون مناصب سيادية في مختلف أجهزة النظام».


وأضاف البيان أن «هؤلاء الأفراد كانوا قد اشتركوا في «لجان الموت» بطهران و10 محافظات في البلاد»، مشددًا على أن «التحقيقات بشأن كشف أسماء بقية المجرمين مازالت متواصلة».


ومن أبرز الشخصيات الـ59 التي وردت في تقرير المعارضة، «مرشد النظام أي الولي الفقيه، علي خامنئي، الذي كان آنذاك «تاريخ المجزرة» رئيس الجمهورية للنظام وكان أحد المعنيين الرئيسيين في اتخاذ القرار».


بالإضافة إلى خامنئي، كشفت المعارضة عن تورط «4 أعضاء في مجمع تشخيص مصلحة النظام»، هم «علي أكبر رفسنجاني رئيس المجمع، الذي كان آنذاك رئيس البرلمان، ونائب القائد العام للقوات المسلحة».


و«علي فلاحيان كفيل وزارة المخابرات، أثناء المجزرة ووزير المخابرات تباعًا، وغلام حسين محسني ايجئي، ممثل القضاء في وزارة المخابرات، ومجيد أنصاري، رئيس هيئة السجون أثناء المجزرة»، وفق التقرير.


واشار التقرير إلى أن «رسالة حسين علي منتظري، نائب خميني الذي عزله عام 1988 بسبب معارضته للمجزرة»، تؤكد أن خامنئي ورفسنجاني كانا مع المرشد الراحل في اتخاذ قرار إعدام المساجين.


وشملت لائحة الأسماء المتورطين بالمجزرة، مسؤولين في مجلس الخبراء والسلطة القضائية «وزير العدل الحالي ووزراء سابقين» ومجلس صيانة الدستور ورئاسة الجمهورية والأجهزة الإدارية والجيش والمؤسسات المالية.


عمائم تلطخها الدماء..


مذبحة الأكراد


تعد مذبحة الأكراد من أكبر الجرائم في سجل الملالي، خاصة أنها جاءت بعد شهرين من نجاح ما يعرف بـ«الثورة الإسلامية» في إيران، ليكشف النظام عن دمويته سريعًا من خلال هذه المذبحة ، والتي راح ضحيتها الكثيرون.

من المعروف أن القوميات غير الفارسية في إيران سواء «أحوازيين أو بلوش أو آذريين أو أكراد» يمثلون صداعًا مزمنًا في رأس النظام، يحاول النظام دائمًا خنقهم والتنكيل بهم وطمس هويتهم، وهو الأمر الذي بدأه مبكرًا وفور وصوله للحكم، لكنه لم ينجح حتى الآن في تحقيق هدفه حتى الآن، ولم يستطع تدجين هؤلاء وإخضاعهم.


كان من بين الفئات المغدور بها أكراد إيران الذين انخرطوا في الثورة ضد الشاه ودخلوا في مفاوضات مع النظام الجديد للحصول على حقوقهم القومية. ومع سيطرة الخميني على مفاصل البلاد مطلع الثمانينيات - حينما طالب عبر الإذاعة الرسمية الجيش بالتوجه نحو سنندج (عاصمة المحافظة الـ31) لقمع من وصفهم بالأشرار- حتى يومنا هذا، ما زال مسلسل مواجهة النشطاء الأكراد مستمرًا.

وبعد نجاح ما يعرف بالثورة الإسلامية، طالب الأكراد الخميني بتنفيذ وعوده لهم، إلا أنه انقلب على هذه الوعود وبدأ رحلة التنكيل بالأكراد، وارتكبت قوات الحرس الثوري مجازر بحق سكان المدن الكردية في إيران؛ تنفيذًا للفتوى التي أطلقها «الخميني».

 

واعتبرت الفتوى الأحزاب الكردية التي كانت قد حررت مدنها بعد سقوط نظام الشاه، «مرتدة» ينبغي تصفيتها، مما أسفر عن مقتل أكثر من 10 آلاف كردي مدني، تم إعدامهم في الشوارع دون محاكمات.


وقال زعيم حزب سربستي الكردي المعارض، عارف باوجاني: «إن فتوى الخميني كانت ذات غايات طائفية ومذهبية، أراد من خلالها تأليب أبناء القوميات الأخرى ضد الكرد وقواهم السياسية، بعدما شعر بدورهم المؤثر في رسم المشهد السياسي المستقبلي للبلاد، وقد دشنت تلك الفتوى المشؤومة حربًا طائفية بغيضة ضد شعبنا ما زالت مستعرة، وحصدت أرواح عشرات الآلاف من أبنائنا».


ويرى الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي اغتال نظام «الخميني» زعيمه عبدالرحمن قاسملو، أن عدم توقيع نظام طهران على المواثيق الدولية، يحول دون تحريك دعاوى قضائية ضده في المحافل الدولية، ووفق مصادر المعارضة الكردية، فإن حصيلة خسائر الأكراد من الصراع الدائر منذ أربعة عقود، قد تجاوزت 50 ألف قتيل.


مصطفى هجري
مصطفى هجري

العدوان مستمر


حتى الآن لم يتوقف النظام عن استهدافه للأكراد، حيث أكد مصطفى هجري، المسؤول التنفيذي للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني في حوار لـ«اندبندنت عربية» :«أن عدوان النظام ما زال مستمرًا ففي عام 2018، بلغ عدد السجناء السياسيين من الأكراد نحو 467 سجينًا كرديًّا من إجمالي 1152 سجينًا سياسيًّا، 93 سجينًا كرديًّا اتهموا بمحاربة الله وأعدم 63 منهم».


وأوضح أن تهمة «محاربة الله» بحسب ما يصفها القضاء الإيراني هي عقوبة لمن يقاتلون الله في تعريف نظام الجمهورية الإسلامية، ويعاقب مرتكبها بالإعدام، لكن التقارير الحقوقية تتحدث أن ما تصفه إيران «بمحاربة الله» هي تهمة تستخدمها طهران لدغدغة المشاعر الدينية بهدف القضاء على كل من يعارضها.


 

"