القارة السمراء.. ساحة النفوذ الأخيرة لتنظيم داعش
الخميس 06/مايو/2021 - 01:37 م
مصطفى كامل
بعد هزيمة تنظيم «داعش» وسقوط «خلافته» المزعومة في سوريا والعراق، كانت أفريقيا الملاذ الذي وجدت فيه الفلول ما تبحث عنه، إذ نجحت من خلال عقد تحالفات مع جماعات مسلحة محلية في توفير منصة جديدة تمد التنظيم بما يحتاجه من مال وإرهابيين، الأمر الذي دفع التنظيم الإرهابي، بعد خسائره التي مني بها في كل من سوريا والعراق، إلى استغلال هجمات المسلحين المحليين بالقارة السمراء واستخدمها كدليل على أنه لا يزال على قيد الحياة.
محاولات العودة
منذ يناير 2020، وقع ما يقرب من خُمس الهجمات التي أعلن عنها «داعش» في جميع أنحاء العالم في أفريقيا جنوب الصحراء. وتُخلّف هذه الهجمات ما يقرب من خمسة أضعاف عدد القتلى والجرحى من العمليات في أماكن أخرى.
ويظهر المنتسبون للتنظيم الآن على الصفحة الأولى من منفذه الأسبوعي الرسمي، «النبأ»، أكثر من النواة الأساسية في سوريا والعراق، ما يدل على قيمة هذه الجماعات التابعة لقيادة التنظيم الإرهابي.
وفي أواخر مارس 2021، استولى عناصر التنظيم الإرهابي على بلدة «بالنا» الساحلية الواقعة شمال شرق موزمبيق، قبيل استعادة الجيش الموزمبيقى للبلدة، حيث أثارت العاصفة الإعلامية التي تلت الهجوم نقاشًا واسع النطاق حول طبيعة تورط التنظيم الإرهابي وما إذا كان العنف في موزمبيق ظاهرة محلية أم عابرة للأوطان.
وخلق الانتماء لـ«داعش» مزايا تكتيكية واستراتيجية للجماعات التي كانت ستركز في الغالب على الأهداف المحلية وستتطور تدريجيًّا من خلال التحسينات التكتيكية المحلية، وكانت العلاقة مفيدة للطرفين، حيث تتمتع الجماعات المحلية المتطرفة بعلامة «داعش» والموارد التي تأتي معها، مثل التمويل والتدريب ومنصة دعاية عالمية قائمة على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يبقى «داعش» تنظيمًا قادرًا على الترويج لنجاح فروعه حتى في الوقت الذي يكافح تنظيمه الأساسي في العراق وسوريا وفروعه في أماكن مثل ليبيا وأفغانستان للانتعاش من النكسات.
وأبرز هجوم «بالما»، ثبات ما يسمى بولاية وسط أفريقيا ونموها بمرور الوقت، حيث هاجمت بلدات في شمال موزمبيق واستولت على بعضها، بالإضافة إلى بلدات في جنوب تنزانيا.
وصعّدت نظيرتها ولاية غرب أفريقيا التابعة لـ«داعش» في الساحل من هجماتها على القوات المالية والنيجيرية والبوركينية .
كما أوضحت ولاية غرب أفريقيا في المنشورات كيف قدم «داعش» المشورة للجماعة بشكل استراتيجي بشأن الأساليب الأكثر فاعلية لشن حرب العصابات، بما في ذلك متى تهاجم المناطق المأهولة ومتى تنسحب، إضافة إلى انطلاق التنظيم في غرب أفريقيا في بناء مركبات مدرعة لتفجيرات انتحارية.
تهديد مختلف
لم تستقبل ما تسمى بولاية غرب أفريقيا التابعة لتنظيم «داعش» الإرهابي، سوى عدة وفود من المدربين الأساسيين من ليبيا، ولكنها دربت القادة النيجيريين الرئيسيين في ليبيا خلال ذروة قوة التنظيم هناك.
وبينما نجح التحالف العالمي لهزيمة تنظيم داعش الإرهابي في نهاية المطاف في تدمير خلافة التنظيم المادية في العراق وسوريا، لا توجد استراتيجية منسقة بشأن ما إذا كان سيتم التعامل مع العديد من المنتسبين والفروع من شمال أفريقيا إلى جنوب شرق آسيا، إذ يبدو تهديد «داعش» في 2021 مختلفًا كثيرًا حتى عما كان عليه قبل عامين فقط، عندما سقط آخر معاقل التنظيم في بلدة الباغوز السورية الذي كان رمزًا لنهاية مشروع بناء الدولة المزعومة، وأعطى التحالف الدولي الأولوية بشكل صحيح لجوهر التنظيم والمنتسبين من الدرجة الأولى مثل تلك الموجودة في ليبيا.





