ad a b
ad ad ad

«الفريضة الملغية».. لا صلاة جمعة في دين «قطب»!

الجمعة 27/يوليو/2018 - 10:18 م
المرجع
دعاء إمام
طباعة
صباح الجمعة، منذ أسابيع متفرقة، توجه أصحاب الرايات السوداء، إلى مساجد يصفونها بـ«الضِرار»، يطوقون الأبواب ويعتلون المآذن؛ استعدادًا لاستهداف المصلين في بيوت الرحمن، وكان الأمر اللافت في كل حادث ينفذه تنظيم «داعش»، سؤال يتبادر إلى الأذهان: «لِمَ لا يصلون الجمعة؟».

توالت وقائع هدم المساجد في عواصم عربية متفرقة، وقتل الركع السجود، الأمر الذي فسره مراقبون، برغبة التنظيم في وقوع أكبر عدد من الضحايا، لكن الحقيقة أن أولئك حين أسقطوا فريضة الصلاة، ولم يجدوا حرجًا في هدم بيوت الله، كان ذلك بسندٍ يبررون به أفعالهم.

أبو بكر البغدادي
أبو بكر البغدادي
دستور أبناء «البغدادي» 
في تفسيره لسورة الأنعام، أورد سيد قطب، منظّر جماعة الإخوان (1928) في كتابه «الظلال» نصًا يتخذه أتباع «أبوبكر البغدادي»، زعيم تنظيم «داعش»، دستورًا لهم، يستندون إليه في تفجير المساجد واستهداف المصلين، إذ قال: «لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بلا إله إلا الله، فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد، وإلى جور الأديان، ونكصت عن لا إله إلا الله، وإن ظل فريق منها يردد على المآذن: «لا إله إلا الله » دون أن يدرك مدلولها، ودون أن يعي هذا المدلول وهو يرددها، ودون أن يرفض شرعية «الحاكمية» التي يدعيها العباد لأنفسهم -وهي مرادف الألوهية- سواء ادعوها كأفراد، أو كتشكيلات تشريعية، أو كشعوب».

ويزعم أن أولئك الذين يقيمون شعائر الله هم الأشد إثمًا وعذابًا: «البشرية بجملتها، بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات: «لا إله إلا الله» بلا مدلول ولا واقع، هؤلاء أثقل إثمًا وأشد عذابًا يوم القيامة؛ لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد - من بعد ما تبين لهم الهدى- ومن بعد أن كانوا في دين الله».

وقال: «لابد من اعتزال معابد الجاهلية واتخاذ بيوت العصبة المؤمنة مساجد تحس فيها بانعزال عن المجتمع الجاهلي وتزاول عبادتها لربها على نهج صحيح وتزاول بالعبادة ذاتها نوعًا من التنظيم في جو العبادة الطهور».
سيد قطب
سيد قطب
إسقاط فريضة الجمعة
في كتابه «التاريخ السري لجماعة الإخوان»، يقول علي عشماوي، أحد تلامذة «قطب وآخر قادة النظام الخاص (نظام سري عسكري): «جاء وقت صـلاة الجمعة، فقلت له: دعنا نقم ونصلي وكانت المفاجأة أن علمت -ولأول مـرة- أنه لا يصلي الجمعة، وقال: إنه يرى- فقهيًا أن صلاة الجمعة تـسقط إذا سقطت الخلافة، وأنه لا جمعة إلا بخلافة».

واعترف «عشماوي» بأن إسقاط الفريضة كان أمرًا صادمًا له، لكنه _بموجب السمع والطاعة_ لم يناقش «قطب» فيما أفتى به، فأردف: «كان هذا الرأى غريبًا ولكنى قبلته لأنه -فيما أحسب- أعلم مني».
سيد قطب
سيد قطب
«قطب» والشيعة
مدّ «قطب» حبال وداده لرموز الشيعة في إيران، منذ خمسينيات القرن الماضي، إذ وثقت الجماعة لقاءات جمعت بين منظّر الإخوان سيد قطب، ونواب صفوي، مؤسس جماعة «فدائيان إسلام» الشيعية، وعقب إعدام «قطب» عام 1966، وقيام الثورة الإيرانية عام 1979، استقبلت إيران آلاف النسخ من كتاب «في ظلال القرآن» وتمت ترجمته إلى الفارسية.

وكان لعلاقات «قطب» بالشيعة وتأثره بفكرهم، دور كبير في مسألة إسقاط فريضة الجمعة؛ لاسيما أن الشيعة عطلوا «الجمعة» في الكثير من مناطقهم، واشترطوا إقامة الصلاة على يد السلطان العادل ونائبه، الأمر ذاته الذي اعتقد فيه «قطب»:«لا جمعة بغير خلافة».
الدكتور ثروت الخرباوي
الدكتور ثروت الخرباوي
وبحسب الدكتور ثروت الخرباوي، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، والقيادي المنشق عن جماعة الإخوان، فإن كتاب «الظلال»، كان له رواج كبير وسط الشيعة، فلم يعرف أحد كتابًا صادرًا من كاتب سُني لقى هذا الانتشار والشعبية في دولة شيعية مثل هذا الكتاب.

وقال «الخرباوي»: إن روح الله الخميني، قائد الثورة الإيرانية، في فكرته عن ولاية الفقيه وكتابه «الحكومة الإسلامية» تأثر بسيد قطب، ووصفه بـ«المفكر المجاهد» وكتب مقدمة للترجمة جاء فيها: «بهذا الكتاب في فصوله المبوبة تبويبًا ابتكاريًا يعطي أولًا صورة حقيقية للدين، وبعد أن بيّن أن الدين منهج حياة، وأن طقوسه لا تكون مجدية إلا إذا كانت معبرة عن حقائقه، أثبت بأسلوب رائع ونظرة موضوعية أن العالم سيتجه نحو رسالتنا وأن المستقبل لهذا الدين».
صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
العبادات ليست وظيفة حياة
أفتى «قطب» بأن العبادة ليست وظيفة حياة، منافيًا قول الله تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ)، فقال في كتابه «معركة الإسلام والرأسمالية: إن الإسلام عدو التبطل باسم العبادة والتدين، فالعبادة ليست وظيفة حياة، وليس لها إلا وقتها المعلوم، وتمضية الوقت في التراتيل والدعوات، بلا عمل منتج ينمي الحياة أمر لا يعرفه الإسلام، ولا يقر عليه الألوف المؤلفة في مصر التي لا عمل لها إلا إقامة الصلوات في المساجد أو تلاوة الأدعية والأذكار في الموالد.

وفي تفسير سورة «الماعون»، هوّن «قطب» من العبادات مجددًا، فقال:«قد يصف الإنسان نفسه بأنه مسلم ومصدق بهذا الدين وقضاياه، وقد يصلي، ويؤدي شعائر أخرى لكن حقيقة الإيمان وحقيقة التصديق بالدين تظل بعيدة عنه ويظل بعيدًا عنها، لأن لهذه الحقيقة علامات تدل على وجودها وتحققها. وما لم توجد هذه العلامات على الواقع فلا إيمان ولا تصديق مهما قال اللسان، ومهما تعبد الإنسان».

واحتوت أغلب أعماله على تأكيد مسألة أن العبادات ليست ذات أولوية في الإسلام؛ فهي وسيلة لتحقيق غاية كلية كبرى، وهي إخضاع البشرية لمنهج الحكم الإسلامي، وبحسبه، فإن العبادات والطقوس الدينية، ليست ذات أهمية ويمكن إلغاء أثرها وبطلانها إن لم تؤد إلى تحقيق الغاية الكبرى وهي «الخلافة».

وفسر آية غاية خلق البشر (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ) بأن مدلول العبادة أوسع وأشمل من مجرد إقامة الشعائر قائلًا: «الجن والإنس لا يقضون حياتهم في إقامة الشعائر والله لا يكلِّفهم هذا، وهو يكلفهم ألوانًا أخرى من النشاط تستغرق معظم حياتهم.. إننا نعرف حدود النشاط المطلوب من الإنسان، نعرفها من القرآن من قول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَة} فالغاية التعبدية الكبرى هي الخلافة في الأرض، هي عمل هذا الكائن الإنساني».

وأردف سيد قطب: «ومن ثم يتجلَّى أن معنى العبادة -التي هي غاية الوجود الإنساني- أوسع وأشمل من مجرد الشعائر.. فمن مقتضيات استقرار معنى العبادة أن يقوم بالخلافة في الأرض، وينهض بتكاليفها، ويحقق أقصى ثمراتها».

الكلمات المفتاحية

"