خريطة أفغانستان.. مستقبل مجهول وعلاقات مشبوهة بين كابل والمتطرفين

لا يزال الاتفاق بين واشنطن وحركة طالبان يلقي بظلاله على الأقاليم المجاورة لكابول، لا سيما باكستان التي تحاول حكومتها التربح سياسيًّا من الوساطة بين الكتل الفاعلة في المشهد الأفغاني، وتُبرز تلك الصورة عدة تجاذبات داخلية تؤثر على حقيقة السلام المنشود في المنطقة.

تسعى الحكومة الباكستانية الحالية برئاسة عمران خان للعب دور محوري في إطار المعاهدة المبرمة بين واشنطن والحركة المتشددة طالبان والموقعة في فبراير 2020، إلا أن التيارات السياسية الداخلية تدفع باتجاه انعدامية الأثر، لكل الجهود المبذولة في ظل العنف المستمر دون توقف بما يخلفه من ضحايا وخسائر مادية وبشرية، إلى جانب ارتكاز الحكومة الأمريكية على متغير واحد في المنظومة، وهو قادة طالبان، وغض الطرف عن إعطاء باقي الكتل ذات الدور لتوقيع المعاهدة التاريخية.

دور باكستان في دعم الجماعات المتطرفة
أن أهم البنود المدرجة في اتفاق السلام المزعوم هو توقف حركة طالبان عن دعم تنظيم القاعدة أو التعاون معه بشأن تنفيذ الهجمات في البلاد أو في الخارج، وكذلك منع تحول أفغانستان لمعسكر إرهابي كبير لشن هجمات ضد المصالح الأمريكية، وهو البند الذي يشكك في جديته الإعلام الأمريكي والساسة أيضًا.
فمن جانبه، أشار عضو البرلمان الباكستاني السابق ورئيس لجنة حقوق الإنسان وعضو حزب عوامي سابقًا، أفراسياب ختك، إلى أن طالبان لا تزال تدعم تنظيم القاعدة ماليًّا، وتدرب مسلحيه على القتال والمعارك العسكرية، مضيفًا بأن باكستان تدعم كلا التنظيمين لتحقيق أهدافها الإقليمية في المنطقة.
وشدد البرلماني المخضرم على أن الصراع الأفغاني لا يرتبط فقط بالداخل، ولكنه متجذر في الخارج، فالدول الإقليمية لديها مصالح مع القضية ومع الأطراف اللاعبة على الساحة، وتطرق ختك إلى الاتفاق الموقع في فبراير بين الإدارة الأمريكية وطالبان بشأن انسحاب القوات العسكرية للأولى من الساحة الأفغانية مقابل ضمانات بانقطاع العلاقة بين طالبان والقاعدة، قائلا: إن هذا الاتفاق مخالف للقواعد الدولية، إذ لجأت واشنطن لمجموعة تفاوضية غير حكومية متجاهلة الحكومة غير أنها قدمت تنازلات كبيرة للحركة المتشددة من أجل البقاء في أفغانستان لإدارة حرب باردة إذا احتاجت الأمور إلى ذلك.

باكستان والعلاقات المتشابكة
على الرغم من كثرة الأطروحات حول دور باكستان في فاعلية طالبان على الأرض فإن الرأي الممثل للمعارضة يبقى جديرًا للأمريكيين وبالأخص في ملامسته لمخاوفهم بشأن العلاقة بين القاعدة والحركة الأفغانية المتشددة.
وهنا تكمن أيضًا آراء مختلفة، فمن جهتها قالت الباحثة في العلوم السياسية بجامعة القاهرة والمتخصصة في الملف الآسيوي، نورهان الشيخ في تصريح سابق لـ«المرجع»: إن العلاقة بين التنظيمات الإرهابية في أفغانستان وتمددها أو انحسارها يرتبط برغبة القوى الدولية الكبرى، فمن وجهة نظرها كانت تستطيع الولايات المتحدة بما تملك من جيش وأجهزة استخبارات من إنهاء وجود التنظيم في المنطقة، ولكنها تجاهلت ذلك لمصالح اقتصادية وسياسية.
ويتجه هذا الرأي في إطار ما تدلو به القيادات السياسية بباكستان كختك الذي يرى بأن الجماعات المتطرفة تتعاون مع بعضها البعض تحت مرأى ومسمع من الولايات المتحدة وباكستان أيضًا، وتأتي هذه التصريحات في إطار الاجتماعات التي جرت مؤخرًا بين قادة الفريق التفاوضي لطالبان ووزير خارجية باكستان شاه محمود قريشي في إسلام آباد حول وساطة الأخيرة لتقريب وجهات النظر بين الحركة وواشنطن في بعض الملفات، وعلى رأسها خفض التصعيد المسلح.
كما أن إسلام آباد كانت تريد بالمباحثات التي جرت في 16 ديسمبر 2020 تأطير مصالحها في الخريطة السياسية الجديدة للمنطقة وتحديدًا إذا ما اعتلت حركة طالبان سدة الحكم في البلاد بعد التسهيلات التي قدمتها إدارة الرئيس دونالد ترامب للحركة بالتعاون مع تحالف قطر وباكستان.
المزيد.. في مهمة ثانية.. باكستان مرشحة للوساطة بين واشنطن وطالبان