بسكين القمع.. قطر تقطع ألسنة مواطنيها منعًا لانتقاد النظام الحاكم
السبت 12/ديسمبر/2020 - 02:19 م
مصطفى كامل
قضت قطر على آخر متنفس لحرية التعبير داخليًّا، حيث أصدرت قانونًا تعاقب على إثره بالحبس والغرامة على من يتناول بإحدى طرق العلنية في الداخل أو الخارج الشأن العام للدولة أو أذاع أو نشر أو أعاد نشر أخبار أو بيانات أو شائعات كاذبة أو مغرضة أو دعاية مثيرة، الأمر الذي دعا منظمة العفو الدولية على التأكيد بأن الدوحة حدت من حرية التعبير، وقضت عليها نهائيًّا.
الحد من حرية التعبير
كشفت
منظمة العفو الدولية عن صدور قانون جديد لدى قطر يجرم من نشر بيانات أو
تصريحات «كاذبة أو مغرضة» قد يؤدي إلى الحد بشكل كبير من حرية التعبير،
مؤكدة أن القانون الجديد يعد تراجعًا مقلقًا عن الالتزامات التي قطعتها قطر
على نفسها في 2018، عندما صدقت على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية
والسياسية، وصدقت عليه في المجمل 173 دولة.
فيما
ذكرت لين معلوف، مديرة البحوث ببرنامج الشرق الأوسط في منظمة العفو
الدولية، أن قطر لديها بالفعل مجموعة من القوانين القمعية، لكن هذا التشريع
الجديد يوجه ضربة مريرة أخرى لحرية التعبير في البلاد، ويعد انتهاكًا صارخًا
لقانون حقوق الإنسان الدولي، قائلة: «من المقلق للغاية أن يوافق أمير قطر
على تشريع يمكن أن يستخدم لإسكات المنتقدين السلميين، منوهة إلى أن البند
الذي نشر في الجريدة الرسمية لقطر تضاعف العقوبة.. إذا وقعت الجريمة في
زمن الحرب».
وخلال
تقرير لمؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، قالت إنه تأكيد للدور
الذي تلعبه دولة قطر في التدخل في شؤون العديد من الدول تحت ستار حقوق
الإنسان، وإبراز حرصها على تعزيز أوضاع حقوق الإنسان، والدفاع عن الحريات في
مختلف دول العالم، أصدرت الدوحة تشريعًا جديدًا برقم (2) لسنة 2020، بتعديل
بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم (11) لسنة 2004، ليقضي
تمامًا على ما بقي من حرية الرأي والتعبير داخل قطر أو لمواطنيها في الخارج،
ويمحو ما تدعيه الدوحة من دعمها حرية الرأي والتعبير في مختلف الدول،
لتصبح شعارات جوفاء.
لا حريات
وأضافت
ماعت في تقرير لها تحت عنوان: «قطر تشريع جديد يقضي على آخر متنفس لحرية
التعبير» أن القانون يقضي بتجريم كل قَول أو فِعل قد يعارض أو يخالف
بطريقة أو بأخرى سياسة الدوحة بشكل عام، ويضع مجموعة من العقوبات من بينها
الحبس لمدة تصل إلى خمس سنوات، وبغرامة تصل إلى مائة ألف ريال قطري (نحو 27
ألف دولار) لكل من مارس حقه في التعبير سواء داخل قطر أو خارجها تحت ستار
«إثارة الرأي العام»، وعبر مجموعة من المصطلحات الفضفاضة التي تشمل تقريبًا
كل قول مخالف لتوجهات الدولة.
تحايل قطري
وأوضحت
ماعت فى تقريرها أن هذا القانون يؤكد تحايل الدستور القطري على حماية
حرية الرأي والتعبير، مضيفًا أنه في الوقت الذي يشير الدستور القطري في
مواده 46، 47، 48 إلى حرية الفرد في مخاطبة السلطات العامة، وكذلك كفالة
حرية الرأي والبحث العلمي وحرية الصحافة والطباعة والنشر، إلا أن الدستور
نفسه تلاعب في كفالة هذه الحقوق بوضع نص وفقًا للشروط والأحوال التي يحددها
القانون، أي أن حرية الري والتعبير التي يكفلها الدستور القطري غير مُفعلة؛ لأنها ترتبط بقوانين أخرى، ومن ضمنها قانون العقوبات القطري، والذي تم
تعديله في مطلع عام 2020 ليفرض قيودًا واسعة على هذا الحق، كما تم كتابة
القانون بصياغة فضفاضة، تفتقر إلى أدنى ضمانات حرية التعبير، ووُضع خصيصا
للتنكيل بالمعارضين ومنع أية آراء قد تُعارض بصورة أو بأخرى لسياسات أمير
قطر، فمن بين العبارات التي وردت في التعديلات وأثارت مخاوف القطريين، تناول الشأن العام، دعاية مثيرة، زعزعة، مغرضة، إثارة الرأي العام، المساس
بالنظام وجميعها مصطلحات فضفاضة يمكن استغلالها في التنكيل بالمعارضة، فلا
يوجد تفسير دقيق لمصطلح، تناول الشأن العام للدولة، على سبيل المثال، سوى
أن القانون يتيح للسلطات الأمنية التنكيل بكل شخص يتحدث عن الشأن العام
للدولة، ويُصبح عُرضة للعقوبة المقررة في القانون، دون أن يتم تحديد ماهية
الشأن العام للدولة، ولم يتم وضع أية ضمانات لهذا الحديث، وبالتالي هي أخطر
المواد التي ذكرها القانون، وتقضي تماما على مفهوم حرية الرأي والتعبير
داخل قطر.
وفد أوروبا
أثار
وفد الاتحاد الأوروبي، خلال مؤتمر أقيم في الدوحة حول دعم الحريات، مخاوف
بشأن قانون منع الجرائم الإلكترونية بقطر وأعرب ممثل الاتحاد الأوروبي
لحقوق الإنسان عن قلقه بشأن قوانين قطرية متعلقة بالصحافة وحرية التعبير.
دعا
إيمون غيلمور، ممثل الاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان، قطر إلى الغاء العديد
من القوانين التي تحد من حرية التعبير، وذلك في مؤتمر في الدوحة يدعو إلى
حماية النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث قال غيلمور: «أنا قلق بشأن
بعض القوانين المتعلقة بحرية التعبير والصحافة»، مشيرًا إلى قانون الصحافة
لعام 1979 الذي ينظم ترخيص المطبوعات، ويسمح للمسؤولين بطلب إدخال تصحيحات
على الأخبار.
وبموجب القانون يمكن تعليق صدور المطبوعات لمدة تصل إلى ثلاثة
أشهر في حال نشرت أخبارًا تعتبر أنها تتعارض مع المصلحة العامة، وقال
غيلمور إنه أثار تلك المخاوف مع وزارة الخارجية واللجنة الوطنية لحقوق
الإنسان في قطر.





