السلفيون يُحَرِّمُون الاحتفال بـ«شم النسيم»
الأحد 08/أبريل/2018 - 04:02 م

إسلام محمد
يُثير الاحتفال بيوم «شم النسيم» (مناسبة يتم الاحتفال بها في مصر، خلال فصل الربيع من كل عام، وعطلة رسمية في البلاد)، جدلًا فقهيًّا، بدءًا من جواز أكل أسماك الفسيخ المملحة (إحدى الأكلات المصرية الموسمية، يتناولها المصريون في يوم شم النسيم)، وصولًا إلى الاحتفال باليوم نفسه بأي صورة من الصّور.
ويُصرُّ رموز ودعاة التيار السّلفي على عدم جواز الاحتفال بهذه المناسبة الفرعونية الأصل، على اعتبار أن الأعياد في الإسلام هما عيدا «الفطر والأضحى» فقط، أما أكل أسماك الفسيخ بحد ذاتها، وتلوين البيض وغيرهما من الطقوس الاحتفالية المرتبطة بهذا اليوم، وأفتى بعضهم بجوازها، لكن بعيدًا عن الظرف الاحتفالي المرتبط بها، وبشرط عدم إضرارها بصحة آكليها؛ فتحرم بسبب الضرر.
ويتداول أبناء التيار السّلفي في مصر قصة تاريخية مفادها أنّ أحد علماء المغرب ألّف كتابًا يحرم فيه أكل أسماك الفسيخ بدعوى أنّها ميتة منتنة، وسمّاه «القول الفصيح في تحريم أكل الفسيخ»، فرد عليه الفقيه المصري جلال الدين السيوطي (عاصر السلطان المملوكي قايتباي المحمودي)، وألف كتابًا بعنوان «ألف سيخ في عين مَن حرّم الفسيخ»، استدلّ فيه بأدلة شرعيّة على أنّ ميتة السمك لا خلاف في جواز أكلها.
ويكمن منبع الأزمة لدى دعاة التيار السّلفي في أنّ إحياء هذا العيد الفرعوني أو غيره من الأعياد المأخوذة عن الأديان الأخرى، يخالف الهوية الإسلامية، وفي هذا السياق قال الداعية السلفي أبوإسحق الحويني، في خطبة له: «حرّم جميع العلماء مشاركة المشركين في أعيادهم، وأثّموا فاعله»، ويقول الداعية السلفي مصطفى العدوي، في لقاء تلفزيوني له على قناة «الناس»: «الاحتفال بـ«شم النسيم» بدعة منكرة ليست في ديننا، فليس عند أهل الاسلام عيد يقال له شم النسيم، هذا من أعياد الكفار وليس من أعياد المسلمين».
ويوافقهم الرأي الدكتور ياسر برهامي (نائب رئيس الدعوة السلفية)، فيقول: «شم النسيم ليس من أعياد أهل الإسلام بل من أعياد المشركين؛ أما أنه من أعياد الفراعنة كما يذكر البعض، وأنه كان يوم الزينة.. ولا يجوز للمسلمين أن يتخذوا يوم الكفار المشركين عيدًا، خصوصًا أنه يأتي بتقويم مختلف.. فلا يجوز أن يُتخذ هذا اليوم عيدًا بأي حال من الأحوال».
ويستدل السلفيون على صحة موقفهم، بتداول فتوى علي محفوظ (عضو كبار هيئة كبار العلماء ورئيس قسم الوعظ بالأزهر سابقًا)، التي وردت في كتابه «الإبداع في مضار الابتداع»، وفتوى رسمية قديمة ذُكرت في الجزء العاشر من كتاب فتاوى دار الإفتاء المصرية، الّذي قدّم له الشيخ جاد الحق علي جاد الحق (شيخ الأزهر الراحل)، وبقلم عطية صقر (رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقًا)، التي تؤكد على أنّ «الإسلام فيه احتفال بعيدين فقط هما عيد الفطر وعيد الأضحى، وأن الله نهانا عن الاحتفال بغيرهما؛ حيث إن النبي (صلى الله عليه وسلم) لمّا قدم من المدينة وجدهم يحتفلون بيومين، فقال: «إن الله قد أبدلكم بهما خيرًا منهما؛ يوم الفطر ويوم الأضحى».
وتشير الفتوى إلى أن «شم النسيم» هو من الأعياد المرتبطة بعقائد الفراعنة وشعائرهم، فهم أول من احتفل به عام 2700 قبل الميلاد؛ اعتقادًا منهم أن إلههم «رع» خلق في هذا اليوم الخليقة، ثم انتقل الاحتفال بهذا العيد من الفراعنة إلى اليهود، وأطلقوا عليه «عيد الفصح» وهو رأس السنة العبرية إلى يومنا هذا، ثم انتقل إلى المسيحيين وجعلوه موافقًا لعقيدتهم فى أن المسيح قام من موته، وشم نسيم الحياة في هذا اليوم؛ حيث يعتقدون أنه قُتل وصُلب يوم الجمعة، ثم قام من موته يوم الأحد -وهو عيد القيامة عندهم- ثم يأتي شم النسيم يوم الإثنين فيفطرون فيه على بعض ما حرّموه على أنفسهم فى صيامهم، مثل البيض والسمك المملح، وبهذا يظهر أنه عيد قوميّ فرعونيّ، ثم صار عيدًا دينيًّا عند اليهود والنصارى، وتخلص الفتوى الرسمية لتحريم الاحتفال بـ«شم النسيم»؛ لمخالفته الدين الإسلامي.