يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

يعجز عن تصنيفها «إرهابية».. شبكة الإخوان المالية تزعزع الأمن الأوروبي

الجمعة 20/نوفمبر/2020 - 12:07 م
المرجع
نهلة عبدالمنعم
طباعة

يواجه التنظيم الدولي للإخوان في أوروبا ظروفًا معقدة إزاء تزايد المطالبات بحظر الجماعة، وإعلانها إرهابية، أسوة ببعض دول الشرق الأوسط، وبالأخص مع موجة العنف الأخيرة التي ضربت دول الاتحاد الأوروبي على يد متطرفين تابعين للجماعات الإسلاموية، كما حدث في كل من فرنسا والنمسا وألمانيا.

يعجز عن تصنيفها «إرهابية»..

دور الإخوان في ظهور الحركات المتطرفة

تعد جماعة الإخوان هي التنظيم الأم للتيار الإسلاموي منذ نشأتها في 1928 على يد حسن البنا، وهي المسؤولة عن انبثاق التنظيمات العنيفة ذات الطابع الدولي المنتشرة حاليًّا، لاسيما تنظيم «القاعدة» الذي ارتبط زعيمه الحالي أيمن الظواهري بكتابات المنظرين الأوائل للجماعة مثل سيد قطب، ويندرج تحت هذا المتغير حزب التحرير المحظور في عدة دول أوروبية كألمانيا، والذي تأثر مؤسسه تقي الدين نبهاني (1914: 1977) بعمل الجماعة، وطبيعة الأسر بداخلها إبان فترة دراسته بمصر.


وعلاوة على قيادة الإخوان أو بقائها كملهم للتيارات الإسلاموية العنيفة التي ظهرت بعدها، فهي تمثل بأفكارها وطريقة تعاملها الداخلية تعارضًا كبيرًا مع قيم المجتمعات الأوروبية من حيث الديمقراطية والتعددية السياسية، على الرغم من أن المجتمعات الأوروبية في حد ذاتها تقبل الاختلاف، ولكن الجماعة تستغل هذا المدخل لتكوين أسر تدين بالولاء لأفكارها.

يعجز عن تصنيفها «إرهابية»..

التشابك المؤسسي لإخوان أوروبا

تتجه أفكار الجماعة المرتبطة بما تعرف بـ«أستاذية العالم» نحو الحكم المبني على نوع السلطة غير المحددة بجغرافية أو حدود وطنية، فيما يعرف باستحداث الخلافة، وتختلف جماعة الإخوان عن باقي الجماعات التي انبثقت عنها من حيث الوضوح والاعتراف بحقيقة توجهها، فهي تنكر بالعلن أي ارتباطية بهذا الفكر، وتصبغ رؤيتها بالمنهج الإسلامي، فضلًا عن إنكار صلتها بالمؤسسات التابعة لها بأوروبا، ما يعقد التعامل مع الملف.


المؤسسات التابعة للتنظيم تُنكر العلاقة بالجماعة، فاتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا «FIOE» الذي يجتمع دوريًّا لبحث أمور التنظيم بالقارة يتواصل مع مرشد الجماعة في روسيا –على الرغم من حظرها هناك- ويدعى «وسام البردويل»، وحين تواصل «المرجع» إلكترونيًّا مع المدعو وسام لتحديد صلاته بالاتحاد أنكر علاقته بالإخوان وبالاتحاد، على الرغم من ظهوره فيما بعد في الاجتماع السنوي لبحث أوضاع المؤسسات التابعة للاتحاد «FIOE» بالمنطقة، وعُقد هذا الاجتماع في أكتوبر 2018.


المزيد..«إخوان روسيا».. جاسوس يخترق حظر بلاد الثلج بقيادة «البردويل»

يعجز عن تصنيفها «إرهابية»..

الإخوان الجماعة الأخطر على أوروبا

تتعامل الاستخبارات الأوروبية مع جماعة الإخوان باعتبارها الأخطر على المجتمع من تنظيمي «داعش» و«القاعدة» لفكرها الأيديولوجي الممتدد ومنظماتها المتشعبة بالمنطقة، فمن جهتها حذرت الاستخبارات الألمانية من الإخوان، وفي أغسطس 2020 ذكر رئيس هيئة حماية الدستور بولاية شمال الراين، وستفاليا بغرب البلاد، «بوكهارد فرير» أن تزايد نفوذ جماعة الإخوان في المنطقة أصبح خطرًا أكبر من «داعش» و«القاعدة».


كما أشار «بوكهارد» إلى أن الإخوان جماعة خطيرة على قيم المجتمع، وتمثل تهديدًا للأمن والديمقراطية عن طريق أفكارها المعتمدة على أيديولوجيا خاصة، لا تتوافق مع طبيعة ألمانيا أو أوروبا، ولكنها تتكيف مع الوضع الحالي حتى تصل إلى ما تريده من أهداف سلطوية.

يعجز عن تصنيفها «إرهابية»..

شبكة الإخوان  المالية في أوروبا

تتسم شبكة الإخوان في أوروبا بالتشابك وتعددية المهام سواء على المستوى الاقتصادي أو الثقافي أو الديني، ما يعظم من المخاطر الناشئة عنها تجاه المجتمع، فهي تعمل غير معلنة انتماءها للجماعة، ولكنها تدير أمورها بتفاهمات داخلية خاصة، وتأتي المؤسسات الخيرية المعتمدة على جمع التبرعات كأحد أبرز المنظمات الخارجية للتنظيم، فضلا عن شبكة العلاقات التجارية.


المؤسسات الخيرية: فمؤسسة الإغاثة الإسلامية والتي تنتشر فروعها في أكثر من دولة أبرزها المملكة المتحدة وفرنسا، تعد أبرز كيانات الجماعة، وتأسست في برمنجهام ببريطانيا في 1984، بينما بدأ فرعها في فرنسا بالانتشار منذ مطلع التسعينيات، وهو الفرع الداعم لإخوان مصر المصنفين كإرهابيين بالقاهرة.


أما ائتلاف الخير فيمثل القوة الثانية للتنظيم بعد الإغاثة من حيث جمع التبرعات، والتوجيه السياسي للمال، وتأسس في 2001، ويترأسه يوسف القرضاوي، وأدرجت الولايات المتحدة الائتلاف على قوائم الإرهاب بدعمه جماعات متطرفة منذ 2008، فيما صنفت الولايات المتحدة في 2003 الصندوق الفلسطيني للإغاثة والتنمية «Interpal» كمنظمة إرهابية لدعمها المالي للمتطرفين، وقد أنشئ في 1994.


شبكة التجارة والتربح المالي: يضطلع الإخوان بملف «التجارة الحلال» في أوروبا على نطاق واسع، فأغلب أذرعهم الاقتصادية تعتمد على هذا النوع من التجارة، كما أنها تتربح من منح شهادات ترخيص للمصانع التي تريد العمل في هذا المجال، مثل اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا.


وكون الدوحة أحد أبرز داعمي التنظيم، تتزايد فرص الاستثمار القطري بفرنسا، فعن طريق ناصر الخليفي الذي يحاكم حاليًّا بتهم رشوة وفساد مالي تستثمر الإمارة الخليجية الصغيرة في نادي باريس سان جيرمان الشهير، إلى جانب بعض الفنادق والمباني العقارية التي تضم إحداها مقر جريدة لوفيجارو الفرنسية الشهيرة.


وفي بريطانيا يتهم «بنك الريان القطري» بإدارة عمليات غسيل أموال لصالح جهات مشبوهة؛ ما أدى إلى التحقيق في صحة سير عمليات الإيداع والسحب لحساباته في أغسطس 2019.


وتمثل شركة «نيل شور تراست» «Nile shore trust»، أبرز المؤسسات المالية الحديثة نسبيًّا للجماعة، وتأسست في أغسطس 2010 بالعاصمة البريطانية لندن، ويديرها «إبراهيم منير» بالتعاون مع رجال الجماعة الفاعلين في العواصم الأوروبية؛ ما يشكل تمثيلًا واضحًا لتشابك المال الإخواني.

يعجز عن تصنيفها «إرهابية»..

متغيرات التأخر الأوروبي في إعلان إرهابية الإخوان

تنادي الكثير من الجبهات الداخلية في أوروبا بتصنيف الإخوان جماعة إرهابية، بينما تتردد الحكومات في تنفيذ تلك الخطوة لعدة أسباب قد يكون أبرزها الرؤية المختلفة لتيارات الإسلام الحركي، وتعد المملكة المتحدة أبرز الأمثلة في هذا الإطار، فمن جهتها تتعدد منظمات ومراكز جماعة الإخوان بالبلاد، وتتنوع بين ما هو ثقافي، وما هو تجاري لإمداد الجماعة بما تحتاجه من أموال، بيد أن لندن لا تعتبر الجماعة خطرًا على قيمها، ويظهر الأمر جليًّا في رفع الحظر عن «الجماعة الليبية المقاتلة» باعتبارها معارضة مسلحة.


فعدم التفرقة بين التيارات التي تمتلك أجنحة مسلحة وبين العمل السياسي لايزال يتسبب في تردد أوروبا في إدراج الإخوان على لائحة الإرهاب، ومن جهة أخرى فإن القوانين الأوروبية تُظهر تراجعًا نسبيًّا في معالجة الإشكاليات الحديثة المتعلقة بالتطرف، وهو ما ظهر مؤخرًا في دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمراجعة قوانين الاتحاد بما فيها اتفاقية الشنجن للتعامل مع الجماعات المتطرفة وآثارها.


كما أن وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتل، دعت إلى تشديد القوانين البريطانية في ملف الإرهاب، ففي يناير 2020 قدمت الوزيرة حزمة من القوانين للبرلمان من أجل إقرارها في هذا الإطار، وتتضمن عدم الإفراج المبكر عن الإرهابيين المسجونين، إلى جانب استخدام أجهزة لكشف الكذب حين التحقيق مع المتطرفين المدانين.


ومن جهته، قرر مستشار النمسا، سيباستيان كورتس في 11 نوفمبر 2020 تعديل قوانين التعامل مع الإرهابيين ومناقشتها برلمانيًا لإقرارها، وتتعلق بعدم الإفراج عن الإرهابيين حتى انتهاء مدة حبسهم المقررة، وكذلك معاقبة دعاة التطرف، ومن يشتركون في التجنيد للجماعات العنيفة.


المزيد.. إخوان أوروبا.. شبكة التنظيم الدولي في القارة العجوز

"