خريف السلطان.. عائلة «أردوغان» إسراف وبذخ رغم الأزمة الاقتصادية «2-7»
السبت 14/نوفمبر/2020 - 12:01 م

محمود البتاكوشي
تناولنا في الجزء السابق من ملف «خريف السلطان»، اقتراب تركيا من الإفلاس بسبب السياسات الفاشلة التي تبناها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سواء داخليًّا أو خارجيًّا، ما أدى إلى انهيار الاقتصاد.

ونستعرض في الجزء الثانى من الملف، إهدار أردوغان أموال الشعب التركي في سبيل رفاهيته، فعندما وصل حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم، كانت رئاسة الجمهورية في عهد رئيس الجمهورية آنذاك أحمد نجدت سيزر، تمتلك سيارتين متبقيتين من فترة حكم سابقه سليمان دميرال.
أما الآن فتمتلك الرئاسة وحدها 268 سيارة فارهة، أما الطائرات فقد كان «سيزر» يسافر على متن طائرة من طراز «Gulf-4» تابعة للقوات الجوية التركية، التى كانت تمتلك طائرتين من هذا الطراز، أي أن رئاسة الجمهورية لم تكن تمتلك طائرات خاصة VIP، قبل أن يتولى حزب العدالة والتنمية مقاليد الحكم، في عام 2004 أراد شراء طائرة أكبر حجمًا، واشترى طائرة من طراز Airbus A319 Corporate Jet ذات 40 مقعدًا الخاصة برئيس وزراء إيطاليا سيلفيو بيرلسكوني، بعدها بدأت عملية تضخيم أسطول الطائرات، الذي وصل إلى 16 طائرة بالإضافة إلى 3 مروحيات من طراز skorsky، تجاوزت مصاريف تشغيله 38 مليون ليرة تركية.
هوس «أردوغان» بالطائرات يشابهه هوس آخر بالسيارات الفارهة المخصصة للجهات الحكومية، والذي أصبح كالسرطان المنتشر في أركان الدولة من قمة هرم السلطة إلى سفحه، إذ وصل عدد السيارات المخصصة للجهات الحكومية في تركيا إلى 125 ألف سيارة، بالإضافة إلى 268 سيارة فارهة مخصصة لرئاسة الجمهورية.
كما تجاهل «أردوغان» أزمات بلاده الاقتصادية، وشرع في بناء القصور الفخمة، التي تقدر تكلفتها بملايين الدولارات، من بينها قصر فخم شيده مباشرة على ضفاف بحيرة فان، يشبه قصر السلطان السلجوقي الأناضولي علاء الدين كيقباد الأول، أما موقع تشييده فهو حسبما أعلنت الحكومة التركية، فقد شيد بالضبط في المكان الذي نصب فيه السلطان السلجوقي ألب أرسلان خيمته أثناء موقعة ضد البيزنطيين انتصر فيها عليهم.
وذكرت تقارير إعلامية تركية أن ميزانية هذا القصر تقدر بـ14,4ملايين يورو، بينما كانت الميزانية التي أعلن عنها قبل انطلاق المشروع لا تتجاوز 3.4 ملايين يورو، رغم انتقادات المعارضة التي نجحت في إيقاف البناء في يوليو 2019، بقرار من قبل المحكمة الدستورية التركية بسبب إعاقته لوصول الناس إلى الشاطئ والمنطقة المحيطة بالبحيرة، لكن النظام التركي التف على القرار بتغيير القانون ليتم في نهاية المطاف إبطال الحظر المفروض من قبل المحكمة العليا.
بعدها وبنبرة من التحدي ردّ الرئيس أردوغان على منتقدي خطط البناء قائلًا: «يمكنك أن تقلب نفسك رأسًا على عقب كيفما تشاء، هذا القصر سوف يتم بناؤه».
وإلى جانب الإقامة على بحيرة فان يمتلك أردوغان قصرًا صيفيًّا رائعًا آخر شيّد في خليج أولوغول قرب مدينة مارماريس المتوسطية، ويشار إلى إن مشروع البناء كان مكلفًا للغاية وغير صديق للبيئة، ووصلت تكلفة بنائه أكثر من 37 مليون يورو، وتم اقتلاع 50 ألف شجرة لتوفير المجال لتشييد مقر الإقامة الصيفية لـ«أردوغان».
كما شيد «أردوغان» قصرًا جديدًا في أنقره وسط محمية طبيعية، بلغت تكاليف بنائه نصف مليار يورو، إذ يمتلئ بالحواف والقطع الذهبية، التي استنزفت خزينة الدولة المنهارة.
كما أهدر «أردوغان» المليارات على بناء المساجد الضخمة في الخارج، وعلى سبيل المثال؛ المسجد الذي جرى افتتاحه في مدينة كامبريدج البريطانية ويشرف عليه يوسف إسلام، بالإضافة إلى مسجد موسكو الجامع الذي تصل القدرة الاستيعابية له نحو 10 آلاف شخص يمكنهم الصلاة في نفس الوقت، وغيرها من المساجد بتكلفة ضخمة تتعدى حاجز النصف مليار دولار، في وقت يعاني فيه الأتراك من أزمة اقتصادية خانقة، وحالات انتحار جماعية نتيجة الظروف المعيشية المزرية، لا لشيء سوى تحقيق ما يسعى إليه من أطماع.
كما تعيش عائلة «أردوغان» في بذخ ورفاهية مبالغ فيهما، وتنفق الملايين من دون حساب، في وقت يعاني فيه الشعب التركي من الفقر وأزمات اقتصادية حادة، فالسيدة الأولى أمينة زوجة رئيس الجمهورية أردوغان، تشارك في المؤتمرات الدولية الخاصة بالفقر، وتلقي كلمة وفي يدها حقيبة من ماركة Hermes بقيمة 50 ألف دولار أمريكي، وفي عنقها قلادة بقيمة 70 ألف دولار أمريكي، وبسبب إدمانها للشراء اضطرت العديد من المتاجر الفاخرة في بروكسل إغلاق أبوابها أمام الزبائن للسماح لسيدة تركيا الأولى بالتسوق على راحتها.
كما تحرص عائلة «أردوغان» على شراء احتياجاتها من أماكن متفرقة بتكلفة باهظة للغاية، وعلى سبيل المثال، تُفضِّل نوعًا معينًا من الشاي يأتي من ساحل البحر الأسود بـ500 يورو للكيلو.
وأمام هذا السفه فإذا حاول أحد الصحفيين انتقاد إسراف العائلة الحاكمة يتم تقديمه للمحاكمة، كما حدث مع الصحفي التركي إندر إيمريك، الذي يخضع للمحاكمة في إسطنبول بسبب تحقيق نشره عن حقيبة يد زوجة أردوغان.