«وقف النار» يجمع «طالبان» والحكومة الأفغانية على طاولة المفاوضات
الأحد 10/يونيو/2018 - 01:21 م

محمود عبدالواحد رشدي
في خطوة غير مسبوقة منذ الاحتلال الأمريكي لأفغانستان عام 2001، أعلنت حركة طالبان الأفغانية، السبت التاسع من يونيو 2018، وقف إطلاق النار بأيام عيد الفطر الثلاثة، بدءًا من يوم الجمعة الموافق الخامس عشر، إلى السابع عشر من يونيو 2018، مضيفة أن الإعلان لا يشمل حربها ضد القوات الأجنبية الموجودة على الأراضي الأفغانية، في إشارة إلى قوات حلف الناتو، وأنها ستخرق الهدنة حال تعرضها لأي هجوم.
وأوضحت الحركة في بيان لها: «على كل المجاهدين وقف الهجوم ضد القوات الأفغانية خلال الأيام الثلاثة الأولى لعيد الفطر».
وجاء إعلان الحركة، ردًّا على تصريح الرئيس الأفغاني، أشرف عبدالغني، الخميس السابع من يونيو؛ إذ صرح بوقف إطلاق النار من السابع والعشرين من رمضان –الثاني عشر من يونيو- حتى الخامس من عيد الفطر الموافق التاسع عشر من يونيو، مطالبًا جميع القوات الأفغانية في جميع أنحاء البلاد، بوقف العمليات العسكرية ضد «طالبان» مع استمرارها ضد تنظيم «داعش» و«القاعدة».
• دوافع مبادرة الرئيس الأفغاني
وبمبادرة من الرئيس الأفغاني لتوحيد الجهود الوطنية، دعا لمؤتمر إقليمي في فبراير الماضي إلى حثِّ «طالبان» على الاعتراف بدستور 2004، وأن تنخرط داخل العملية السياسية مرة أخرى بإنشائها حزبًا سياسيًّا، والتخلي عن ممارستها للعنف ضد القوات الأفغانية؛ لتوحيد الجهود ضد التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم «داعش».
وفي هذا الإطار، أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في أغسطس 2017، تكثيف الغارات الجوية على «طالبان»؛ بهدف إرضاخها للجلوس على طاولة المفاوضات مع الحكومة الأفغانية ومبادرات الرئيس الأفغاني للتوصل إلى اتفاق سياسي.
وتأتي أسباب الرئيس الأفغاني لبدء المفاوضات مع حركة طالبان، التي يمكن حصر أهمها في:
- إنهاء حركة العنف في البلاد، وتوحيد الجهود نحو مواجهة تنظيم «داعش».
- تزايد الهجمات الإرهابية على المدنيين، وبخاصة «الشيعة»، هدد عرش الحكومة الراهنة؛ إذ أصبحت شرعيتها قابلة للنقاش، وصَرَّحت طوائف شيعية بعد تعرضها لعدد من الهجمات بإمكانية تسليحها للدفاع عن نفسها، وهو ما يكون أولى خطوات الوقوع في مستنقع الحرب الأهلية.
- توجيه الجهود المحلية نحو التنمية الاقتصادية، التي تتطلب حالة من الاستقرار والأمن بالبلاد، ومن أهمها المشروع الإقليمي لمدِّ خطوط الغاز من أوزبكستان مرورًا بأفغانستان إلى أوروبا.
- اقتناع كل من الحكومة الأفغانية والولايات المتحدة، بأنه لا سبيل إلى الاستقرار في أفغانستان بإقصاء حركة طالبان، التي فشلت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة في إنهاء وجودها على مدار أكثر من 15 عامًا.
• ردُّ الفعل الدولي
ولاقى إعلان كلٍّ من الحكومة الأفغانية و«طالبان» الهدنة، ترحيبًا من قوى المجتمع الدولي والإقليمي، فرحبت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان «اليوناما» بالهدنة، ووصفتها بالتطور الإيجابي، معربةً عن أملها في أن تشكل خطوة جدية للبدء في حلِّ المشكلة الأفغانية.
وأعلن مبعوث الأمم المتحدة في بيان له أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للصراع الأفغاني، وأن الهدنة جاءت لتشكل منعطفًا مهمًّا نحو إنهاء العنف والحرب بالبلاد، فيما وصف السفير الأفغاني في باكستان عمرو وال، الهدنة بأنها خطوة مهمة تجاه عملية إحلال السلام، آملًا أن تمتد الهدنة لبقية العام ليصبح عيدًا أفغانيًّا متكللًا بعدم إراقة الدماء.
• الحل السلمي هو الأمثل لتجاوز الأزمة
دخلت حركة «طالبان» في مواجهات مسلحة مع الحكومة النظامية في البلاد، منذ الإطاحة بها عقب التدخل الأمريكي بعام 2001، بعد أن استحوذت على السلطة عام 1996 بخروج السوفييت، ومضت في انتهاج نظام الخلافة الإسلامية للحكم في «كابل»، زاعمةً استعادة الأمن، والاستقرار إلى الولايات الأفغانية.
ولكن أحداث 11 سبتمبر 2001، مثلت منعطفًا تاريخيًّا في حياتها؛ إذ رفضت تسليم «أسامة بن لادن» زعيم تنظيم «القاعدة» السابق، المتهم في تفجيرات 11 سبتمبر، للولايات المتحدة؛ ما دعا الولايات المتحدة لشنِّ الحرب على أفغانستان.
ومن المرجح أن تكون الحركة استجابت للضغوط للجلوس على طاولة المفاوضات مع الحكومة الأفغانية، والانصهار داخل العملية السياسية، ووقف إراقة دماء الشعب الأفغاني؛ جراء العمليات المسلحة والمواجهات العسكرية بين الجانبين.
وسواء كانت الخطوة بضغط أو دون، فإنها تُعتبر خطوة إيجابية نحو إنهاء العنف والحرب داخل البلاد، ومن الصعب أن تنصهر الحركة داخل صفوف العمل السياسي، دون أي إيضاحات لقوات التحالف نحو الخروج من أفغانستان، وفتح باب النقاش والتفاوض نحو وثيقة المطالب التي عرضتها الحركة في فبراير، واستعدادها لحلِّ الأزمة الأفغانية.
ومن أهم الشروط التي وضعتها الحركة لبدء الحوار السلمي:
- وقف إطلاق النار وبناء الثقة الانتقالية بين الطرفين، وتمهيد الطريق لإجراء انتخابات واسعة النطاق، وتنقيح دستور أفغانستان، وتحقيق العدالة، ومراجعة الشكاوى وتنفيذ القانون.
- الإفراج عن السجناء وإزالة الحركة الأفغانية من قائمة العقوبات.
وختامًا، من الممكن القول أن ما ينقص الأزمة الأفغانية هو التنفيذ لمبادرة وقف العنف، والدعوة لحوار جاد، تقوم به الولايات المتحدة، بمناقشة شروط الحركة، وأن تتيح الفرصة لتشكيل حزب سياسي يمثل الحركة، ومن ثم الإعلان عن انتخابات تشارك بها جميع القوى السياسية.