ad a b
ad ad ad

على خلفية حادث باريس.. قراءة في دوافع التطرف وتكريس الكراهية

الثلاثاء 20/أكتوبر/2020 - 04:01 م
المرجع
نهلة عبدالمنعم
طباعة

أثار حادث ذبح المدرس الفرنسي الكثير من الاستهجان العالمي، أحاط بالواقعة ودوافعها والنتائج المترتبة عليها، إذ تأتي الحادثة كحلقة متعاقبة لسلسلة هجمات إرهابية وقعت مؤخرًا بالبلاد، ما يطرح تساؤلات حول الأسباب والدوافع التي أعادت باريس لتصدر لائحة الأهداف الإرهابية بأوروبا.


مضافًا إليها تأثيرات الواقعة على الاتجاهات الفكرية المثارة حاليًّا بفرنسا حول مصطلحات أطلقها ساستها ربطت العنف بالإسلام في توصيف اعتُبر خاطئًا من قبل المسلمين، لاسيما شيخ الأزهر الشريف، فضيلة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، وإلى جانب ذلك فإن وقوع مسؤولية تنفيذ الواقعة على مهاجر من أصل شيشاني قد يعقد مسارات الهجرة والنزوح إلى أوروبا، في ظل مجتمعات ترزح بعنف تحت وطأة العوز الاقتصادي والإنساني والسياسي.

على خلفية حادث باريس..

قطع الرأس.. جريمة نكراء

نفذ شخص من أصل شيشاني يبلغ من العمر 18 عامًا هجومًا عنيفًا على مدرس فرنسي بالقرب من العاصمة باريس في 16 أكتوبر 2020 قاطعًا رأسه بسبب عرضه كاريكاتير للنبي الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) على تلاميذه بالمدرسة، ما أثار غضب أولياء الأمور، ومن ثم انتشرت الواقعة بالمنطقة ليقرر الشاب نحره في عملية إرهابية.


تأتي الحادثة بعد أيام قليلة من حادثة الطعن التي شهدتها باريس في 25 سبتمبر 2020، حينما نفذ متطرف هجومًا بآلة حادة ضد اثنين بالقرب من المقر القديم لصحيفة شارلي إبيدو، بعد تهديدات أطلقها تنظيم القاعدة باستهداف العاملين بالصحيفة مجددًا لإعادتهم نشر الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، والتي عرضت أول مرة في 2015، واستغلها التنظيم لتنفيذ هجوم مسلح ضد المجلة ما أسفر عن مقتل 12 شخصًا.


فيما تتشابه حادثة طعن باريس مع حادثة قطع الرأس الأخيرة، من حيث الدوافع المستغلة، على الرغم من استنكار الرموز الدينية الإسلامية للواقعة، فمن جهتها تستغل الجماعات المتطرفة أفعال الكراهية، والإساءة لتبرير عمليات القتل، على الرغم من استنكار الرموز الدينية الإسلامية لهذه الوقائع بأكملها.

على خلفية حادث باريس..

بيان الأزهر

في بيان رسمي نشره الأزهر الشريف على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أدان الحادث معتبرًا إياه إرهابيًّا، مؤكدًا أن جرائم القتل لا يمكن تبريرها تحت أي سبب، مشددًا على رفضه لواقعة المدرس الفرنسي واستنكاره إياها.


وطالب الأزهر باحترام كافة المقدسات الدينية ورموزها، والبعد عن خطابات الكراهية لما تولده من أحقاد تثير العنف بين الفئات المختلفة، داعيًا إلى ضرورة وجود تشريع دولي يجرم الإساءة للأديان ورموزها، وفي ذات السياق أكد شيخ الأزهر أحمد الطيب في 18 أكتوبر 2020 على أن الدين الإسلامي لا يدعو للعنف، مشيرًا إلى أن وصمه بالإرهاب يعد جهلًا بتعاليم الدين الحنيف، وأن ربط الدين بالتطرف هو دعوة واضحة للحثِّ على الكراهية والطائفية.


ويتضح من ردود الأزهر وشيخه باعتبارهما المرجعية الإسلامية الأكثر تأثيرًا في العالم الإسلامي، وجود رفض قاطع واستنكار للعمليات الإرهابية التي ينفذها بعض الذئاب المنفردة، والتي تنال أساسًا من سمعة الدين، وبالتالي تبقى حوادث التطرف مرتبطة بأسباب بعيدة عن الدين وفقًا لعلمائه.

على خلفية حادث باريس..

فرنسا.. التوقيت والفكرة

تطرح الوقائع الأخيرة تساؤلات حول ماهية الدوافع التي ربطت التوقيت الحالي الذي تتصاعد فيه حدة الخطاب الفكري بين ساسة فرنسا ممن وصفوا الإرهاب بـ«الإسلامي» في تغاضي عن مصطلح الإسلاموية المعروف محددًا باستخدام الدين لتبرير أعمال عنيفة بغية أهداف سياسية، وهو ما يُعرف بالإنجليزية بمصطلح «Islamism»، وبين رجال الدين الإسلامي ممن رفضوا هذا الوصف.


يُحتمل مع ذلك أن الجماعات المتطرفة تسعى لتسليط مزيد من الضوء على وجودها على الساحة الإعلامية لتعويض خسائرها، سواء كانت داعش أو القاعدة، فالاثنان تتوالى عليهما الضربات في أماكن متفرقة من ولاياتهم المزعومة، وفي تصريح سابق للمرجع قال العميد خالد عكاشة مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية: إن باريس تحظى بتغطية إعلامية كبرى تريد الجماعات المتطرفة استثمارها.


ولا ينفي ذلك فرضية التصاعد الراديكالي على الأراضي الفرنسية، وبالأخص مع توازي العمليات الهجومية، وكذلك الشبكات المكتشفة مؤخرًا، والتي تدير التمويلات الكبرى عبر العملات المشفرة لعناصر التنظيم في سوريا، ما يؤجج الصراع الإسلاموي واليميني المتطرف بالغرب، استغلالا لحوادث كراهية متبادلة قد تؤدي لعرقلة التعايش السلمي للاجئين.


للمزيد.. فرنسا تقوض تمويل القاعدة المتنامي على أرضها

الكلمات المفتاحية

"