خطة إعادة التمركز.. قراءة في المشهد العراقي بعد انسحاب التحالف من «التاجي»
بعد أكثر من 6 سنوات مضت على تمركز قوات التحالف الدولي في الأراضي العراقية، لمجابهة عناصر التنظيم الإرهابي «داعش»، التي سيطرت على عددٍ من المدن في البلاد آنذاك، تسلمت القوات العراقية قاعدة التاجي من قوات التحالف، وفق جدول زمني بالاتفاق بين الطرفين لإخلاء القواعد المشتركة وتسليمها بالكامل إلى القوات العراقية.
انسحاب وتسليم
أعلنت القوات الأمريكية، الأحد 23 أغسطس 2020، انسحابها من قاعدة التاجي شمالي بغداد، وتسليمها إلى القوات العراقية، مرجحة توجهها إلى قاعدتي البغدادي والحرير في أربيل، وأعلنت القوات المشتركة تسلم الموقع رقم 8 في معسكر التاجي من قوات التحالف الدولي، بحسب وكالة الأنباء العراقية الرسمية.
وقال التحالف في بيان له: «إن إعادة تموضع الأفراد العسكريين هو جزء من خطة طويلة المدى تم التنسيق لها مع حكومة العراق، وضم معسكر التاجي في السابق ما يصل إلى 2000 من أعضاء التحالف وأن معظمهم غادروا هذا الصيف».
تأتي هذه الخطوة تزامنًا مع زيارة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي إلى واشنطن، التقى خلالها مع مسؤولي الإدارة الأمريكية وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتم التباحث خلال تلك الزيارة انسحاب القوات الأمريكية من العراق، وأكد الكاظمي أهمية ونجاح المقابلة، مشيرًا إلى أن ترامب أكد أن القوات الأمريكية ستنسحب من العراق خلال الثلاثة أعوام المقبلة.
قوات التحالف
في عام 2014 عادت الولايات المتحدة للعراق وعززت قواتها، وذلك ضمن التحالف الدولي للتصدي والقضاء على تنظيم «داعش»، وساهمت في معارك كثيرة، منها؛ تحرير الموصول والأنبار وصلاح الدين، وبعد دحر التنظيم في عام 2017، تحول دور القوات الأمريكية إلى تدريب وتجهيز وتأهيل الكوادر العراقية من قبل القوات الأسترالية والنيوزيلندية والأمريكية، وتقديم المعلومات الاستخباراتية.
وقد انتشرت القوات الأمريكية على نحو 12- 14 قاعدة عسكرية في العراق، كما قدر عددهم بنحو 5 آلاف عسكري، وتوزعت القواعد الأمريكية على قاعدة التاجي شمال بغداد، وقاعدة عين الأسد في الأنبار، وقاعدة K1 في كركوك، وقاعدة الحرير في أربيل، ويذكر أنه في مارس 2020، انسحبت قوات التحالف الدولي من قاعدة القائم العسكرية الواقعة على الحدود مع سوريا، وتم تسليمها للقوات العراقية بشكل رسمي.
موقف العراق
لقد سبق وأن واجه العراق الكثير من التننظيمات التي أهلته للمواجهة والاستعداد الدائم، فالقوات العراقية أصبحت مكتسبة لخبرة عالية جراء حربها على الفلول المتطرفة والراديكالية الإرهابية، بدءًا من مواجهة تنظيم «القاعدة»، ولكنه يبقى بحاجة دائمة إلى التسليح والتطوير، خاصةً في منظومة الدفاع الجوي، التي مضت قدمًا فيما يتعلق باقتناء منظومة الصواريخ المتطورة، سواء كانت منظومة «S-400» أو منظومة الباتريوت، من شأنها أن تحفظ سيادة العراق تجاه الاعتداءات، فالانسحاب لا يعني وقف الدعم.
خطة اعادة التمركز
وقال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن إعلان التحالف الدولي تسليم قاعدة التاجي العسكرية إلى قوات الجيش العراقي، الذي تقوده واشنطن، يأتي في إطار خطة إعادة التمركز والتموضع، وتمت هذه الخطوة بفضل نجاح قوات الأمن العراقية في مواجهة تنظيم «داعش»، وهي أول خطوة في هذا الإطار، وجاء الانسحاب بعد أيام من تجديد تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب العدد المتبقي من الجنود الأمريكيين في العراق، وتم تسليم القاعدة إلى قوات الأمن العراقية وفق الجدول الزمني المعلن في هذا الإطار، بعد النجاحات التي حققتها قوات الأمن العراقية.
وبيّن أستاذ العلوم السياسية في تصريح لـ«المرجع»، أن أهمية معسكر التاجي تكمن في كونه موقعًا للتحالف وللأعضاء، يتم فيه تدريب الجيش العراقي والقوات الجوية والقوات الخاصة، وبعد خطوة الانسحاب سيؤول كل هذا للقوات العراقية في الفترة المقبلة، وسيكون له انعكاساته على وضع الاستقرار في العراق، والهدف الإستراتيجي من ذلك هو تعزيز القوات وإمكانياتها ضد التنظيم، بعد أن تعرضت القاعدة لهجمات صاروخية من عناصر مسلحة، خاصةً بعد اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني.
وأضاف «فهمي» أن خطوة الانسحاب سوف تليها إعادة انتشار القوات الأمريكية الموجودة في العراق التي تتم وفق جدول زمني، وعودة القوات الأمريكية لبعض الدول الأخرى، وهذا ما يفسر عملية الانسحاب بصورة أو بأخرى، وفق قرار البرلمان العراقي الذي طالب الحكومة بإنهاء الوجود العسكري في البلاد، ومهم أيضًا لشغل قوات التحالف مواقع كثيرة داخل القواعد العسكرية الأمريكية في مواقع مختلفة.
يذكر أن قاعدة التاجي هي القاعدة الـ7 التي يسلّمها التحالف الدولي منذ مطلع العام الحالي 2020، فهذه تطورات مهمة سيكون لها انعكاسات على الاستقرار في العراق ومواجهته لتنظيم «داعش».
وللمزيد.. عسكرة المياه وتعطيش الأكراد.. لعبة أردوغان المنافية للإنسانية في الحسكة





