ad a b
ad ad ad

مجلس شورى الإخوان .. «خيال مآتة» صنعته ديكتاتورية المرشد

الإثنين 18/يونيو/2018 - 11:19 ص
المرجع
حور سامح
طباعة
ظروف سياسية معقدة شهدها الداخل المصري في نهايات العقد الثاني من القرن العشرين، أهمها احتلال البلاد وعدم استقرار الحكومة على وزارة واحدة، وتزامنًا مع تعسف اللوردات الإنجليز والمندوب السامي البريطاني مع الملك فؤاد الأول وسراي الحكم الشرفي، فضلًا عن الحراك الطلابي الوطني سعيًا لنيل الاستقلال التام ودونه الموت الزؤام.
في ظل تلك التعقيدات السياسية أسس حسن البنا جماعة الإخوان 1928، ووضع الميثاق واللوائح الحاكمة لجماعته، مستغلًا تلك الظروف السياسية سالفة الذكر، وتطويعها لخدمة أهداف الجماعة الناشئة، بل استغل كل تفسخ وإحباط وزعزعة الآمال الوطنية حيال الاستقلال، ليمرر للمجتمع المصري -عبر الجماعة- فكرة شيطانية مفادها أن الوطن لا حدود له، لأن وطن المسلم أكبر من مجرد أرض، وأوسع بكثير من حدود مصر!
كان هذا مدخله لتداول فكرة الخلافة بتكرار المفردة مطاطة المعنى هلامية التفاصيل، ليجد من يتساءل وكيف تكون تلك الخلافة، فتأتى الإجابة مجانية ومرسلة، تكون الخلافة بالعدل والحرية والمؤاخاة، ولن تتحقق إلا بتمكين جماعة الإخوان وبتحقيق التمكين في مصر تنطلق الجماعة لتطبيق الفكرة في دول الجوار ومنها تعبر القارات حتى تصل الجماعة لأستاذية العالم، هكذا تتحقق الخلافة.
وبالطبع وبديهي جدًا، أن يكون الدين هو الوسيلة المضمونة سهلة الانتشار قوية التأثير سريعة البلوغ لكل الفئات المستهدفة.
وكلما اصطدمت الجماعة مع صخرة سياسية تعرضها لخطر الانكشاف، وسقوط قناع متاجرتها بالدين للتوغل في ثنايا المجتمع، كانت تتلون كالحرباء مع الظرف السياسي، أيًا كان، تدعم هذا على حساب ذاك، وتساند أولئك في مواجهة هؤلاء، تارة تنادي بالدين والخلافة والتمكين، وتارة تدعو لاحتراف السياسة فقط ولا دخل للثوابت الدينية في لعبة السياسة المتغيرة، تؤيد الملك صباحًا، وتدعم الحراك الوطني في الظهيرة، وتنافق الوفديين في المساء، وفي الليل ترتمي على سرير المندوب السامي البريطاني كفتاة ليل سياسية لا وسائل لها سوى المتاجرة والممالأة والمداهنة والرياء في سبيل حصد أكبر قدر ممكن من المصالح والمكاسب السياسية.
ومن باب المتاجرة بالدين، ومن أجل تجميل شكل الجماعة وسط الأوساط السياسية، وحتى أمام عوام المجتمع، أسس حسن البنا داخل جماعته مجلسا سماه مجلس شورى الجماعة، على غرار مجلس النبى (صلى الله عليه وسلم)، ولكن فى بداية تأسيس الجماعة لم يعقد المجلس أى اجتماعات «تشاورية»، بل انفرد البنا بقيادة الجماعة، وفى يوم 15 يونيو 1933م، عقدت أولى جلسات مجلس شورى الجماعة، المزعوم، ولم توضح مذكرات أو كتب الإخوان، ما دار خلال تلك الجلسة، لكن المجلس من المفترض ان له عددًا من الشروط الواجب توافرها في أعضائه والتي حددها الإخوان حديثا على الورق فقط، لأن الإخوان يأخذون من حسن البنا قدوة، والبنا اختار أعضاء المجلس بناء على الثقة وليس الكفاءة، بناء على الولاء والسمع والطاعة، فاختار البنا أعضاء المجلس بناء على الثقة.
ويعد أحمد السكري من أبرز الشخصيات في المجلس الذي أسسه البنا، لكونه انفصل عن الجماعة وكان ناقمًا عليها بالرغم من كونه مقربًا من البنا، وهاجم الجماعة في العديد من المقالات في «مصر الفتاة»، لأنه فقد الثقة في مثله الأعلى حسن البنا.
يقوم مجلس الجماعة عقب أزمة عبدالحكيم عابدين، الذى تورط فى عدد من وقائع التحرش بنساء الجماعة، والتي أثبتت اللجان التي شكلها البنا من مكتب الإرشاد تورطه وصحة الوقائع التي نسبت إليه، وقتها حدث عدد من وقائع الفصل والانشقاق عن الجماعة، ومن وقتها لم يعقد البنا مجلس شورى، كان يعقد جلسات مع عدد من الأعضاء، ولكنه لم يكن يمثل مجلس شورى الجماعة.


فى خمسينيات وستينيات القرن العشرين وقعت عناصر الإخوان تحت طائلة القانون المصري، الذي عوقبوا بموجبه بالسجن لمدد متفاوتة، وحاول مكتب الإرشاد أن يجعل لمجلس شورى الجماعة نصيبًا من اسمه، وشهد عام 1978 انعقاد أول مجلس شورى بعد سنوات من الأحداث المتلاحقة التي فجرت الخلافات والأزمات الكبرى بين الجماعة والرئيس الراحل جمال عبدالناصر ما أدى لحلها في عهده.
وضع عمر التلمساني شروط مجلس الشورى، أهمها أسس ومعايير اختيار المرشد، وتشير كتب الإخوان إلى أن مجلس الشورى يمثل السلطة التشريعية لجماعة الإخوان وقراراته ملزمة، ولم تتغير اللائحة التى وضعها التلمساني إلا عام 1990 بوضع بنود وشروط مفصلة وأحكام، وعام 2009، كما أن أهم مهام هذا المجلس وضع أهداف وسياسات الجماعة.
وجدير بالذكر أن مكتب الإرشاد هو الذى رشح محمد مرسي للرئاسة بديلًا لخيرت الشاطر المرشح الأساسي للجماعة، عقب خروج الأخير من السباق الرئاسي لموانع قانونية حالت دون استكمال مخطط الجماعة بالدفع بأحد كوادرها والفوز بمنصب رئيس الجمهورية، بداية للتمكين وأستاذية العالم، وهما المصطلحان اللذان زخرت أدبياتهم بالتحدث عن تفاصيلهما الدقيقة.
الدفع بـ«مرسي» خلق عددًا من الانقسامات داخل مكتب الإرشاد، حسمها المرشد محمد بديع بفرض رأيه على الجميع في تنافٍ واضح مع مبدأ الشورى، جوهر المجلس وأساس عقده! وهو ما يشير بقوة إلى أن مجلس شورى الإخوان مجلس شكلي فقط، لا علاقة له بالشورى أساسًا، لكنه لتجميل صورة الجماعة فقط، فالحقيقة أن هذا المجلس له رئيس ديكتاتوري هو المرشد بصفته ومنصبه وشخصه، رأيه نافذ على الجميع إعمالًا بالقاعدة الإخوانية الراسخة في وجدان أعضاء الجماعة: «خطأ المرشد أفضل من صوابك أنت».


وبعد عزل مرسي وفض الدولة لاعتصامي رابعة والنهضة، برز مجلس شورى الإخوان بشدة خصوصًا في تصريحاته وقراراته، ففي البداية جعلوا محمود عزت القائم بأعمال المرشد العام، وإبراهيم منير نائبًا له، وبالتالي جعلوا من قادة التنظيم الدولي المحركين للجماعة من الخارج.
وولد ذلك انقسامًا فى صفوف الجماعة، بين بيانات يصدرها مجلس الشورى فى مصر بدون حضور كل الأعضاء وبين تكذيب من قبل جبهة محمود عزت بوجود اجتماع، ليصدر بيان عن جماعة الإخوان بوجود عدد من الانقسامات بداخلها نتيجة عدم وضوح الرؤية وتضارب المصالح، وصعوبة عقد اجتماعات في الوقت الذي تتعرض له الجماعة للتضييق في مصر على وجه الخصوص، لتصنف بعد ذلك كجماعة إرهابية في عدد من الدول.
لتنتهى الجماعة بقوامها المزيف الذى تخدع به من لا يراها على حقيقتها، وبقيت الإشارة إلى أن من يتجرأ ويخالف رأي المرشد، أو يحاول تصويب رؤية الأعضاء داخل مجلس الشورى، يفصل نهائيًا، ويحرم من أدنى حقوقه داخل الجماعة، وتشن ضده حملات تشويه للطعن في ما قد يفشيه من أسرار وتفاصيل تخص حقيقة الجماعة.
"