القرصان.. لص البحار «بربروس» والطريق إلى قيادة الأسطول العثماني «4-4»
الأحد 19/أبريل/2020 - 04:05 م

محمود البتاكوشي
في الأجزاء السابقة من ملف القرصان، استعرض «المرجع» كواليس استيلاء النظام التركي على أموال اللاجئين وتبرعات المواطنين، فضلًا عن محاولاته المستميتة لسرقة النفط السوري والعراقي، وأن يكون له مخلب قط في غاز المتوسط، علاوةً على قرصنة السلطات التركية حسابات منتقدى النظام في الداخل والخارج، سواء أفراد أو منظمات، ونستعرض في الجزء الأخير من الملف، قصة صعود خير الدين بربروس، أول قائد للأسطول العثماني، الذي يتباهي به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي كان في بداية حياته، كبير قراصنة البحر المتوسط، هو وشقيقه عروج.

قرصان الجزائر .. البحيرة العثمانية
رغم مرور473 عامًا على وفاة القائد البحري، خير الدين بربروس، إلا أنه يصنف حتى الآن، بأحد الرموز التي أسهمت في تأسيس الإمبراطورية العثمانية، وفرض سيطرتهم على البحر المتوسط، حتى أضحى بحيرة عثمانية؛ بسبب انتصاراته البحرية، وتقنياته التي ابتكرها.
ولد قرصان الجزائر عام 1478، في ميديللي، التي استقر فيها والده صباحي يعقوب آغا، بعد فتحه للجزيرة، اسمه الأصلي هو خضر بن يعقوب، ومنحه السلطان سليم الأول، لاحقًا، اسم خير الدين، ولقب الأوروبيون شقيق خير الدين الأكبر عروج؛ بسبب ميل لحيته إلى اللون الأحمر أو البرتقالي، عند وفاة شقيقه اتخذ خير الدين باشا الاسم ذاته الذي يقابله في اللغة التركية مصطلح بربروس.
وكان الأخوان بربروس، يمارسان القرصنة في البحر الأبيض المتوسط، عندما بسطت إسبانيا سيطرتها على الأندلس بتوجيهات من كوركود، نجل السلطان العثماني بايزيد الثاني، فكانا يعطلان حركة الملاحة، ويغيران على السفن في غرب البحر المتوسط.
وفي عام 1516 شن الشقيقان بربروس هجومًا على مدينة الجزائر، التي بسط عروج سيطرته عليها.
واعترف العثمانيون بهذه التطورات الجارية على الأرض في شمال أفريقيا، وعرضوا الدعم المالي والسياسي على الأخوين، الأمر الذي مكنهما من تعزيز مكاسبهما.
ثم عرضت الدولة العثمانية منصب حاكم الجزائر على عروج، ومنصب أمير البحر في غرب المتوسط على خير الدين.

الطريق إلى رئاسة الأركان
وأرسل السلطان العثماني سليم الأول قوة من سلاح المدفعية وفرقة من قوات الإنكشارية، قوامها ألفي جندي؛ لتدخل بذلك الجزائر تحت حكم الدولة العثمانية، قبل أن يمنح السلطان اسم «خير الدين» باشا، لـ«الريس» خضر.
وفي عام 1522، استولى السلطان العثماني سليمان القانوني على جزيرة رودس، ونصب بربروس حاكمًا عليها.
وبعد استيلاء بربروس وقواته على تونس عام 1531، جعله سليمان القانوني الأدميرال الأكبر «قبطان باشا» للدولة العثمانية؛ ليصبح أول قائد للأسطول العثماني، وصار يعمل رئيسًا لأركان حرب البحرية العثمانية.
وكانت أعظم معارك بربروس البحرية، انتصاره في بريفيزا اليونان عام 1538 على أساطيل «فينيسا وجنوة وإسبانيا والبرتغال ومالطة ودولة البابا».
وكان سر انتصاره، اعتماده على السفن ذات المجاديف، بدلًا من السفن الشراعية، التي تعتمد على الرياح، فتمتعت سفنه بقدرة أكبر على المناورة، فنجح أسطوله الذي ضم 122 سفينة وحوالي 20 ألف جندي في هزيمة أكثر من 600 سفينة، و60 ألف جندي؛ حيث دمر 128 سفينة صليبية، واستولى على 29 سفينة، دون أن يفقد أسطوله أي سفينة.
ولعب بربروس باشا دورًا كبيرًا في تحديد السياسات البحرية العثمانية، كما أنشأ ترسانة بحرية ضخمة؛ لبناء السفن، تعد الأهم من نوعها في تلك الفترة.
وحسب مصادر تاريخية، فإن بربروس باشا كان يتقن لغات عدد من دول حوض المتوسط، مثل الرومية، والعربية، والإسبانية، والإيطالية، والفرنسية، ورغم مضي معظم حياته في البحار، إلا أنه بنى جامعًا، ومدرستين في إسطنبول.
وتوفي خير الدين بربروس باشا في 4 يوليو عام 1546، عن عمر ناهز الـ76 عامًا، في منطقة بيشكتاش بإسطنبول، ودفن بالقرب من مدرسة أنشأها هناك.