استقالة «الجلاصي».. صفحة جديدة في انشقاقات «النهضة» التونسية
تمر حركة النهضة في تونس -امتداد جماعة الإخوان- بسلسلة من الانقسامات والانشقاقات التي ضربت صفوفها خلال الآونة الأخيرة؛ ما يفتح الباب للتساؤل حول أسباب ذلك؛ خاصة أن الحركة دائمًا ما كانت تتباهى بتماسكها.
في يوم الأربعاء 4 مارس 2020، قدم عبد الحميد الجلاصي، نائب رئيس حركة النهضة السابق، استقالته من الحزب، ووفق إذاعة «موزاييك» التونسية، جاءت الاستقالة لعدم رضاه عن توجهات الحركة في السنوات الأخيرة؛ خاصة فيما يتعلق بتسيير مؤسسات النهضة وخياراتها السياسية.
ويشار إلى أن «الجلاصي» تخلى في عام 2015 عن منصب نائب رئيس الحركة، قبل أن يوجه في الفترة الأخيرة سلسلة انتقادات حادة علنية في وسائل الإعلام لطريقة تسيير الحركة.
ومن ضمن الانتقادات التي وجهها «الجلاصي» في مداخلة له على القناة التاسعة، إن الأحزاب التي تسقط في الديكتاتورية وتدير ظهرها للديمقراطية تصبح خطرًا على البلاد، في إشارة منه إلى حركة النهضة.
ويعتبر «الجلاصي» مهندس التنظيم السري للنهضة في مرحلة المواجهة مع الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، ويمتلك نفوذًا قويًّا، وولاءات شخصية في الحركة.
وأشارت صحف تونسية إلى أن استقالته لها سبب آخر، هو خسارة نفوذه، إذ يعتبر نفسه من الجيل المؤسس للحركة أمام أجيال جديدة لا علاقة لها بالعمل السري، وأغلبها تنتمي إلى مرحلة ما بعد الثورة؛ وربما يعبر هذا عن صراع حقيقي داخل النهضة.
كما تسلط تلك الاستقالة -بحسب صحف تونسية- الضوء على حدة الخلافات والانشقاقات التي تشهدها الحركة؛ إذ لم يتوقف الأمر عند نائب الغنوشي بل امتد إلى أعضاء مجلس شورى النهضة الذين لوحوا باستقالات جماعية في حال عدم إجراء المؤتمر المقرر في مايو 2020، في إشارة منهم إلى أن تأجيله يعد انحرافًا في المسار الديمقراطي للنهضة.
وسبق أن قدمت قيادات من الصف الأول للحركة استقالتها؛ احتجاجًا على ما وصفوه بـ«ديكتاتورية الغنوشي»؛ ففي سبتمبر 2019، قدّم القيادي البارز في الحركة ومدير مكتب «الغنوشي»، زبير الشهودي، استقالته من الحزب، وفي نوفمبر من نفس العام استقال «زياد العذاري» القيادي في الحركة، كما استقال «هشام العريض» نجل القيادي الأبرز، ووزير الداخلية «علي العريض» في يناير 2020، وبعده استقال «زياد بومخلة» عضو مجلس الشورى بعد سنوات من الانخراط في صفوف الجماعة.
وبالنظر إلى تاريخ حركة النهضة التونسية نجده حافلًا بالاستقالات؛ التي كان أبرزها استقالة أمينها العام حمادي الجبالي في 2014، وقبله رياض الشعيبي 2013؛ احتجاجًا على قبول حركة النهضة الخروج من السلطة.
وتُسهم تلك الاستقالات في إحداث المزيد من التوتر داخل البيت الداخلي للنهضة، التي تحرص دائمًا على عدم خروج خلافاتها للعلن، وتنزع عنها جبة «الزهد والتدين» والتزام الجميع بخط الجماعة.
للمزيد: انهيار متوقع لحركة هشة.. الاستقالات تضرب «النهضة» التونسية بعد الفشل في تشكيل الحكومة





