«تحرير درنة».. يجهض مشروع قطر الإرهابي
الخميس 31/مايو/2018 - 10:22 م

سارة رشاد
في الوقت الذي أعلن فيه القائد العام للقوات المسلحة الليبية، خليفة حفتر، بدء معارك تحرير مدينة درنة -تقع شرقي ليبيا- من سيطرة المتطرفين في السابع من مايو الحالي، كانت قطر تعمل على حملات ممنهجة استدعت فيها منابرها الإعلامية ومراكزها البحثية للدفاع عن إرهابيي درنة، وتصوير حملات التطهير بالحرب على مدنيين.
العلاقة بين قطر وإرهابيي ليبيا بشكل عام، وتحديدًا تلك التي تربطها بالموجودين في درنة (أغلبهم يتبعون تنظيم القاعدة)، لا يمكن اعتبارها بالجديدة، إذ اتهم مسؤولون ليبيون في مناسبات عدّة الدوحة بالتورط في تمويل الإرهابيين والحرص على إبقاء ليبيا هشة.
كما قال المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، العقيد أحمد المسماري، عقب تحرير مدينة بنغازي -شرق ليبيا- في يوليو 2017: إن الجيش كان يخوض معارك مع قطر، في إشارة إلى عمق التورط القطري في دعم الإرهابيين.
ولفت «المسماري» آنذاك إلى طائرات عسكرية قطرية من طراز «سي 130»، تم رصد هبوطها أكثر من مرة بمطاري الجفرة ومصراتة؛ لنقل أسلحة ومعدات عسكرية للمتطرفين.

درنة في المخطط القطري
لا تختصر أهمية مدينة درنة في كونها أرضًا ليبية تحتضن إرهابيين ترغب قطر في بقائهم هناك، إنما تمتد أهمية المدينة إلى مصر، فدرنة القريبة من الحدود المصرية تستخدمها قطر في إزعاج القاهرة، سواء على مستوى قربها الجغرافي من مصر أو احتضانها لإرهابيين مصريين؛ أبرزهم: «ضابط الصاعقة السابق بالجيش المصري، هشام عشماوي، والجهادي المصري، عمر رفاعي سرور».
وشهدت المدينة نشأة تنظيم «المرابطون» المصري، الذي تأسس في يوليو 2015 على يد هشام عشماوي، وعرّفه محللون وقتها بأنه تجربة جديدة من تنظيم «القاعدة» لخلق حضور لها في مصر، وتبنى التنظيم من مكانه في درنة تنفيذ عمليات إرهابية على مستوى عالٍ من الدقة، مثل حادث الواحات في 20 أكتوبر 2017، وحادث اغتيال النائب العام هشام بركات، الذي تورط فيه «عشماوي»، وأذن بدخول فاعل جديد للساحة المصرية هو «المرابطون».
وقبل تنظيم «عشماوي»، شهدت المدينة عقب الإطاحة بحكم جماعة الإخوان من مصر في يونيو 2013، محاولة فاشلة برعاية قطرية وإيرانية لتكوين «الجيش المصري الحر»، على غرار «الجيش السوري الحر»، الذي تشكل برعاية إقليمية ودولية من منشقين عن الجيش الوطني السوري.
وأعلن الجيش المزعوم بيانه الأول في أغسطس 2013، متوعدًا عبره الدولة المصرية، فيما أشارت تقارير ليبية إلى أنه تلقى تدريباته في درنة وبنغازي وسرت، وردًّا على كل ذلك، شنت القوات المسلحة المصرية هجومًا على معسكرات تنظيم «داعش» في درنة، عقب حادث ذبح 21 مصريًّا قبطيًّا على يد الدواعش في فبراير 2015.
واتساقًا مع ذلك، كشفت عملية تحرير درنة التي دخلت يومها الرابع والعشرين، عن مزيد من الاتهامات الموجهة لقطر بالتورط في دعم الإرهاب، إذ نشرت «الإدارة العامة لمكافحة الإرهاب والظواهر الهدامة»، نتائج تحقيقاتها مع الإرهابيين المقبوض عليهم.
وكشفت اعترافاتهم عن تحريض قطر لهم على التمرد على الدولة والدخول في مواجهات مع الجيش الوطني، لاسيما دعم الدوحة لـ«شورى درنة».
وتابعوا: إن الدوحة طالبتهم بالتمسك بخيار المواجهة في معارك تحرير درنة، إلى حين شغل الجيش الليبي في عمليات جانبية تضعف جبهته في درنة، مشيرين إلى أن الدوحة حددت لهم استراتيجية تدفع باتجاه تمددهم إلى مصر وتمثيل خطر مباشر عليها، إلا أن محاولات الجيش الليبي لمحاصرة الإرهابيين دفعهم لقصر سيطرتهم على درنة فقط.

هل يعني ذلك أن تحرير درنة يعني فشل المشروع القطري ضد مصر؟
الباحثة الليبية، فاطمة غندور، قالت لـ«المرجع»: إن «الدور القطري في درنة تقلص نسبيًّا منذ أن قاطعت دول الخليج الدوحة، منتصف العام الماضي»، موضحة أن قطر أُجبرت على رفع يدها نسبيًّا عن المتطرفين في درنة، إلا أن ذلك لا ينفي ثمة الدور المشبوه لقطر في المدينة.
وأشارت إلى أن تحرير درنة من خطر الإرهابيين المدعومين قطريًّا، لن يصب في مصلحة مصر وحدها، بل إنه سيكون في صالح المنطقة بشكل عام، خاصة أن الدوحة كانت تسعى لجعل درنة من أهم نقاط ارتكاز الإرهاب بالمنطقة.
ونوهت إلى أن تقلص الدور القطري في درنة كان يقابله زيادة للدور التركي الراعي للإرهاب في ليبيا، مؤكدة أن تحرير درنة سيخسّر المشروعين التخريبيين لقطر وتركيا في المنطقة.
وتطرقت إلى الهجوم الإعلامي لقطر على تحرير درنة، قائلة: إن «فضائية الجزيرة التي تطل من خلالها قطر على المنطقة، اعتادت بثّ أخبار كاذبة وملفقة، حاملة دلالات غير صحيحة، موضحة أنه لهذا السبب تعرض الأهالي لمقر القناة في ليبيا مرتين، إلى أَنْ قَرَّرَت غلق مكتبها في طرابلس وتغطية ليبيا من تركيا».
ولفتت إلى أن المعارك في درنة قاربت على الانتهاء، مستعينة في ذلك بحديث «المسماري»، الذي قال إن القوات المسلحة الليبية تستعد الآن لما هو بعد درنة، متوقعة أن يكون الجنوب الليبي هو الخطوة المقبلة بعد درنة.
من جانبها، تناولت مدونة «قطريليكس» التي يديرها معارضون قطريون، موقف الدوحة من تحرير درنة بالهجوم، إذ ذهبت المدونة إلى أن قطر حريصة على إبقاء المدينة تحت أيدي الإرهابيين، مبررين ذلك بمشروع قطري إرهابي في المنطقة.
واستنكرت المدونة تبني قناة الجزيرة موقف قادة الإخوان المعارضين لعملية تطهير درنة، مشيرة إلى أن القناة حاولت تلميعهم والقول بأن ما يحدث في درنة هجوم على مدنيين.
وتشير تقديرات ليبية إلى أن حجم التمويل القطري للإرهابيين في ليبيا منذ اندلاع أحداث 17 فبراير، بلغ حوالي 750 مليون يورو، إضافة لسرقة منظومة الدفاع الليبي مقابل 50 مليون دولار فقط، بحسب وثائق «ويكليكس».