يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

«أوغلو» يتهم «أردوغان» بالإرهاب.. هل يهدم مهندس الحزب المعبد كما بناه أول مرة؟

الأربعاء 28/أغسطس/2019 - 10:36 م
أحمد داود أوغلو واردوغان
أحمد داود أوغلو واردوغان
محمد عبد الغفار
طباعة

ظن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن خسارة حزبه الحاكم، العدالة والتنمية، في الانتخابات البلدية الأخيرة التي أجريت في 31 مارس 2019، وأسفرت عن خسارة الحزب بلديات كبرى مثل؛ إسطنبول وأنقرة وإزمير، هي أسوأ ما قد يتعرض له الرجل في العام الجاري، إلا أن القدر كان له رأي آخر، حيث شهدت الأسابيع الماضية انقلابًا كبيرًا على الرئيس من جانب أبرز أنصاره؛ مثل رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، ووزير الاقتصاد ونائب رئيس الوزراء السابق علي باباجان، ما فتح الباب أمام فصلًا جديدًا من التراجع والانهيار في حكم العدالة والتنمية.

 

واعتقد رفاق رجب طيب أردوغان أن الإجراءات التي سعى إليها مثل تحويل البلاد للنظام الرئاسي، والانقلاب على الديمقراطية وإعادة الانتخابات في بلدية إسطنبول، كلها عوامل سوف تساهم في انهيار مملكتهم، لذا انقلبوا عليه.

أحمد داود أوغلو
أحمد داود أوغلو

داود أوغلو.. مهندس المعبد


كان أحمد داود أوغلو مهندس بناء إمبراطورية حزب العدالة والتنمية، إذ لقب بمفكر الحزب ومهندس سياساته الخارجية، ووضع خريطة للعلاقات الخارجية في الإقليم والعالم كله بالنسبة للحزب منذ نشأته عام 2002.

 

ساهمت أفكار رئيس الوزراء السابق في الفترة ما بين عامي 2014 إلى 2016 في تجنيب حزب العدالة والتنمية العديد من المخاطر، التي لطالما أقضت مضجع الساسة في تركيا، إذ استطاع الوصول إلى حل مُرْضٍ مع الأكراد، وساهم في دمجهم بصورة أكبر في العمل المجتمعي، بالإضافة إلى توصله إلى اتفاق مع قادة الجيش يقضي بمنع تدخلهم في العمل السياسي.

أردوغان
أردوغان

أردوغان يشعل نيران الخلاف


دبت الخلافات بين أحمد داود أوغلو ورجب طيب أردوغان منذ عام 2016، إذ اختلف الطرفان سياسيًّا حول عدد من القضايا، على رأسها توقيع أوغلو في 18 مارس 2016 اتفاقًا مع الاتحاد الأوروبي يقضي بمنع تدفق اللاجئين السوريين إلى أوروبا في مقابل حصول أنقرة على دعم مادي، وإعفاء مواطنيها من تأشيرة الدخول للاتحاد الأوروبي، وإعادة المباحثات حول دخولها مرة أخرى للاتحاد.

 

وتعامل أردوغان مع الاتفاق على أنه أمر هامشي، بينما اعتبره أوغلوا نصرًا كبيرًا، وربما يعود ذلك إلى رفض رئيس الوزراء السابق عمليات تسريع خطوات تحويل تركيا للنظام الرئاسي، وهي العملية التي صمم عليها الرئيس التركي وطالب بها مرارًا، كما اختلف الطرفان على عمليات احتجاز الصحفيين التي توسع أردوغان في القيام بها داخل البلاد.

 

المهندس يتناول معول التصحيح


واثر خلافات ماضية، استقال أوغلو من منصبه في حزب العدالة والتنمية الحاكم، وتوارى عن الأنظار لفترة طويلة، ولم يظهر سوى في أحداث محددة، مثل وقوفه إلى جوار "أردوغان" إعلانًا لرفضه الانقلاب العسكري الذي جرى في 2016.

 

ثم عاود الظهور مرة أخرى بصورة مكثفة خلال الشهور الماضية، إذ أعلن اعتراضه على الآلية التي اتبعها أردوغان في التعامل مع خسارة حزبه للانتخابات البلدية، وقدم رسالة لأعضاء الحزب، أبريل 2019، تضمنت اتهامات مبطنة للرئيس التركي، وكذلك تناول الاعتقالات المسيسة التي اجتاحت البلاد، وعملية حظر جماعة جولن والقبض على أعضائها، والتوسع في استخدام لغة التخوين ضد الخصوم، وكذلك انطلاق أيادي عائلة أردوغان في مفاصل النظام.

 

ولمحاولة حل هذه الأزمات، أعلن رئيس الورزاء السابق نيته إطلاق حزب سياسي جديد، ينافس من خلاله نظام حزب العدالة والتنمية، وشرع في تجهيز مقرات له في 70 بلدية من أصل 81، ولم يكتف "أوغلو" بذلك، لكنه أصر على استخدام المعول كي يهدم البناء الأردوغاني الذي سيطر على مقاليد الحكم ومفاصل النظام في تركيا، إذ صرح رئيس الورزاء السابق أمام حشد جماهيري في مدينة سكاريا في منطقة مرمرة، خلال الاحتفال بالذكرى السنوية الـ18 لتأسيس حزب العدالة والتنمية، الأربعاء 28 أغسطس 2019، قائلًا: «الكثير من دفاتر الإرهاب إذا فتحت لن يستطيع أصحابها النظر في وجوه الناس، إنني أقول لكم الحقيقة».

 

وأكمل أوغلو حديثه عن عام 2015، وتحديدًا في الفترة ما بين يونيو وحتى نوفمبر 2015، عندما اتهمت حكومة العدالة والتنمية أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي بـ«الإرهاب»، بعد أن سيطر الحزب المعارض على الانتخابات البرلمانية، وشكل كتلة له داخل البرلمان، وبعدها قرر أردوغان إنهاء السلام مع الأكراد بصورة مفاجئة وإعادة الانتخابات، واعتبرها أوغلو «أصعب الفترات السياسية في تاريخ تركيا».

 

وأضاف «أوغلو» في كلمته: «إذا تم استكشاف الماضي خصوصًا في ملف مكافحة الإرهاب، فلن يتمكن العديد من الناس من الخروج علنًا، وعندما يتم كتابة تاريخ تركيا في يوم ما، ستكون واحدة من الفترات الأكثر أهمية في التاريخ التركي هي الفترة بين 7 يونيو و1 نوفمبر».

 

ومن المتوقع أن يجري رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو، لقاءً حواريًّا مع قناة TV5 التركية، من خلال برنامج وقت للتفكير، في محاولة منه للإجابة عن التساؤلات التي تثير الرأي العام، وخصوصًا للتأكيد على ملفات الإرهاب التي تحدث عنها، ومن يقف وراء العمليات التي وقعت في تلك الفترة، والتي شهدت عمليات كثيرة مثل تفجير قنبلة في تجمع ديار بكر لحزب الشعوب الديمقراطي المعارض، 5 يونيو 2016.

 

وعلى الرغم من أن فضح ممارسات نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد يلحق الضرر بأحمد داود أوغلو، باعتباره فردًا من هذا النظام، فإنه يصر على كشف الحقائق أمام الشعب التركي، فهل يهدم أوغلو القصر على أردوغان كما بناه أول مرة؟.

"