المطامع التركية تتكشف من جديد.. «أردوغان» يسطو على خيرات العراق بسد «إليسو»
أثار ﻤﺸﺭﻭﻉ ﺴﺩ إﻟﻴﺴﻭ ﺍﻟﻤﺯﻤﻊ ﺇﻗﺎﻤﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻨﻬﺭ ﺩﺠﻠﺔ ﻓﻲ ﺠﻨﻭﺏ تركيا، ﺠـﺩﻻً ﺩﻭﻟﻴًّﺎ واسعًا، ﺘﺒﺎﻴﻨﺕ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻑ ﻭﺭﺩﻭﺩ ﺍﻷﻓﻌﺎل ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﻤﺅﻴﺩ ﻭﻤﻌﺎﺭﺽ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﺨﻁﻭﺓ؛ ﺒﺴﺒﺏ ﻤﺎ ﺴﻴﺨﻠﻔﻪ ﻤﻥ ﺁﺜﺎﺭ ﺴﻠﺒﻴﺔ ﺨﻁﻴﺭﺓ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﺴﻭﺭﻴﺎ، وقد يمتد ﺘﺄﺜﻴﺭﻫـﺎ ﻟﺘﺸﻤل ﻤﻨﻁﻘﺔ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ أيضًا.
وكشفت صور للأقمار الصناعية، بدء تجمع المياه خلف سد «إليسو» على نهر دجلة الذي يمر من تركيا ويصب في العراق؛ ما يوضح أن أنقرة ضربت بالشكاوى العراقية من انخفاض التدفقات المائية في الصيف عرض الحائط، فضلًا عن أن ملء خزان السد سيشرد الآلاف في تركيا نفسها.
وينبع نهر دجلة من جبال طوروس، جنوب شرق تركيا، ويمر في سوريا بمساحة 50 كلم في ضواحي مدينة القامشلي، ليدخل بعد ذلك أراضي العراق عند بلدة فشخابور، ويصب في النهر مجموعة كبيرة من الروافد المنتشرة في أراضي تركيا وإيران والعراق وأهمها «الخابور، والزاب الكبير، والزاب الصغير، والعظيم، ونهر ديالى».
و«إليسو»، هو سد اصطناعي تركي ضخم، افتتح في فبراير 2018، وتم البدء في ملء خزانه المائي في 1 يونيو 2018، وأقيم على نهر دجلة، وبدأت الحكومة التركية في إنشائه عام 2006، وكان من المفترض أن يكتمل في 2014، وسعته 10.4 مليار م3، وصُمِّم السد بارتفاع 135 مترًا، وعرض 1820 مترًا، ويبلغ حجمه 34 مليارًا، و900 مليون م³، بعرض 15 مترًا عند القمة وعرض 610 أمتار عند القاعدة، ويتم التحكم به عن طريق 8 بوابات شعاعية، ثم 4 مزالق تصب فيها المياه قبل أن تصل إلى بركة الخزان، كما يحتوي على مولدات- توربين فرانسيس بقدرة 6×200 م.و.
وفي دراسة له بعنوان «مشروع سد إليسو وتأثيره على الوضع الاقتصادي للعراق»، نشرها مركز الدراسات الإقليمية، أوضح الدكتور بجامعة الموصل «ريان ذنون العباسي»، أن ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺠﺭﻴﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻭﻴﺕ ﻤﺅﺨﺭًا، تؤكد ﺘﺄﺜﺭ ﻤﻨﺎﻁﻕ ﻤﻌﻴﻨﺔ ﻓﻲ ﺸﻤﺎل ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﻤﻨﻬﺎ ﻤﻨﺎﻁﻕ ﺼﻴﺩ ﺍﻷﺴﻤﺎﻙ ﻭﺍﻟﺭﻭﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﺔ ﻀﻤﻥ ﻤﺠﺎﺭﻱ ﺍﻷﻨﻬـﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ (ﺩﺠﻠﺔ ﻭﺍﻟﻔﺭﺍﺕ)، ﻭﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻬﺎ كاﻻﻫﻭﺍﺭ، ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺘﻤﺜـل ﻤﺤﻁـﺔ ﺍﻨﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻟﻸﺴﻤﺎﻙ ﺍﻟﺒﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺨﺫ ﻤﻥ أﻨﻬﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭأﻫﻭﺍﺭﻩ ﺃﻤـﺎكن ﻟﻠﺘﻜـﺎﺜﺭ ﺜـﻡ ﺍﻟﻬﺠﺭﺓ ﻨﺤﻭ ﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ.
وأكد أن آﺜﺎﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﺨﻁﻴﺭ ﺘﺒﺭﺯ ﻓﻲ ﺘﻬﺠﻴﺭ ﻋﺩﺩ كبير ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ، ﺨﺼﻭﺼﹰﺎ ﺍﻷكراد ﺍﻟﺴﺎكنين ﻓﻲ ﻤﻨﻁﻘﺔ ﺠﻨﻭﺏ ﺸﺭﻗﻲ ﺍﻷﻨﺎﻀﻭل، ﻭﺇﻏﺭﺍﻕ ﺍﻟﻤﺌﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﻗـﻊ ﺍﻷﺜﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﺒﺎﻟﻤﻴﺎﻩ، فضلًا ﻋﻥ ﺘﻌﺭﺽ ﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﻨﻬﺭ ﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﺘﻠﻭﺙ ﺍﻟﻨﺎﺠﻡ ﻋﻥ كثرة ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻤﺯﺍﺭﻋﻴﻥ ﺍﻷﺘﺭﺍﻙ ﻟﻠﻤﺒﻴﺩﺍﺕ ﻭﺍﻷﺴﻤﺩﺓ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﻭﻴﺔ.
وأضاف أن الخطورة تكمن ﻓﻲ ﺘﺤﻭﻴل ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﻤﺨﺯﻭﻨﺔ ﻤﻥ ﻨﻬﺭ ﺩﺠﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﺘﺭكيا ﻗﺒـل ﺩﺨﻭﻟﻬـﺎ ﺍﻷﺭﺍﻀﻲ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﺔ ﻗﺭﺏ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻜﺔ؛ حيث إن ﻤﺸﺭﻭﻉ السد ﺴﻴﺘﺤﻜﻡ ﺒﻜﻤﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﻭﺍﺭﺩﺓ ﺇﻟﻴﻪ ﺒﻌـﺩ الانتهاء ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﻤﻥ ﺘﻨﻔﻴﺫﻩ؛ ﺇﺫ ﺴﻴﻨﺨﻔﺽ ﻭﺍﺭﺩ ﺍﻟﻨﻬﺭ ﻤﻥ (20,93) ﻤﻠﻴﺎﺭ ﻡ3 / ﺴـﻨﺔ ﺇﻟﻰ (9,7) ﻤﻠﻴﺎﺭ ﻡ3 /ﺴﻨﺔ، ﻭﻫﺫﺍ ﻻ ﻴﺸﻜل ﺴﻭﻯ 47 % ﻤﻥ ﺍﻹﻴﺭﺍﺩ ﺍﻟﺴﻨﻭﻱ ﻟﻠﻨﻬـﺭ؛ ﻤﺎ ﺴﻴﻭﻟﺩ ﺍﻨﻌﻜﺎﺴﺎﺕ ﺨﻁﻴﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻭﻀﻊ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻋﺎﻤﺔ، ﺨﺼﻭﺼـًا (ﺍﻟﺯﺭﺍﻋﻴـﺔ ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻭمشروعات ﺘﻭﻟﻴﺩ ﺍﻟﻁﺎﻗﺔ).
الأطماع التركية
وتهدف الحكومة التركية من بناء هذا السد، كما تزعم إلى توليد الطاقة الكهربائية عن طريق محطات الطاقة الكهرومائية؛ إذ من شأنه أن يساعد على توليد طاقة تصل إلى 1200 ميجاوات، ستغطي احتياجات نحو مليوني أسرة تركية من الطاقة، فضلًا عن سعيها أيضًا إلى تحقيق تنمية اقتصادية في المناطق التركية الواقعة جنوب شرق الأناضول، والمتميزة بارتفاع عالٍ في نسبة البطالة والفقر، فمن شأن هذا المشروع، أن يساعد على إيجاد فرص عمل لسكان هذه المنطقة، والمساهمة أيضًا في تحسين نوعية الحياة ومستوى التعليم.
ولقيت فكرة إنشاء السد من البداية اعتراضات، فندت الحجة التركية، قائلين: إن تركيا لا تعاني من أي أزمة في الطاقة، فرغم أن استهلاك الطاقة يزداد سنويًّا بنسبة 5 إلى 6 %، إلا أن هناك إهمالاً كبيرًا في استغلال كل الإمكانيات، وتركيا لا تحتاج إلى مزيد من مصادر الطاقة قبل 10 سنوات.
وتابع: من الناحية السكانية، فإنَّ السد سيحرم أعدادًا كبيرة من السكان من مياه الشرب، وسيلوث مياه الشرب المتبقية؛ لأنها ستمر في مولدات الطاقة الكهرومائية، ويضاف إليها ما يخرج من مياه ملوثة من منظومات الصرف الصحي للمدن الواقعة على نهر دجلة، وسيرتفع مستوى التلوث والملوحة في هذه المياه إلى 1800 ملج /لتر، كما هي الحال في مياه الفرات التي تسمح تركيا وسوريا بمرورها إلى العراق، بعد أن تشبعها بالملوثات والأملاح الناتجة عن الاستهلاك والزراعة والصناعة في سوريا، في حين أنَّ المعدل العالمي للتلوث لا يزيد على 800 ملج/ لتر.
وأشارت الدراسة إلى أن السد سيغير نمط معيشة السكان إلى أنماط غير منتجة، فتتدهور الزراعة والرعي وتتراجع أعداد الثروة الحيوانية، إضافة إلى أن عملية إنعاش الأهوار ستتأثر؛ حيث إنَّ انخفاض واردات العراق في دجلة وفي الفرات بنسبة 90% بسبب السدود التركية، ونضيف إلى ذلك المشروعات الإيرانية الخطيرة، وسترتفع نسبة الملوحة والتلوث في مناطق الأهوار.
وأكد أن انخفاض مناسيب المياه في دجلة سيؤدي إلى توقف العمل في منظومات توليد الطاقة الكهربائية المقامة على طول نهر دجلة، خصوصًا في سدي الموصل وسامراء، وسيؤثر ذلك على النشاط الصناعي والبنى التحتية كمحطات تصفية المياه ومصافي النفط والمستشفيات.
ولفت إلى أن تأثيرات «إليسو» ستمتد في مجاري الأنهار حتى شمال الخليج؛ حيث دلت الدراسات العلمية والعينات المأخوذة من سواحل الكويت، أنَّ تأثيرات ضارة بسبب المياه الملوثة قد رصدت في مناطق صيد الأسماك والروبيان.





