نشرها معهد كارينجي.. دراسة ترصد التحول الحوثي من حركة دينية لميليشيا مسلحة
قبل انقلاب الميليشيات الحوثية على الشرعية الحاكمة في اليمن، وقبل وصول الأوضاع للانفلات الكبير في هذا البلد الذي لقب ذات يوم بالسعيد، ويشهد تاريخ جماعة الحوثي «شيعية المذهب» سعيًا حثيثًا؛ لتحويل الصراع من مجرد اختلاف مذهبي، إلى حروب وفتن طائفية؛ لاستغلال ما يترتب على نتائج هذا الصراع سياسيًّا.
فمن ناحية تتلقى الجماعة التي تحولت إلى ميليشيات إرهابية دعمًا من ايران، ومن ناحية أخرى تمارس قمعها في الداخل اليمني بالتنكيل بمعارضيها والمختلفين معها مذهبيًّا وفكريًّا وسياسيًّا، فمن مجرد حركة دينيّة محلية في محافظة صعدة الشمالية في اليمن، صار الحوثيون اليوم مسيطرين على العاصمة صنعاء ومعظم المحافظات الشمالية، بسلطة الانقلاب، وقوة السلاح وفرض سياسة الأمر الواقع.
وكانت تفاصيل تغلغل هذه الجماعة الإرهابية في نسيج المجتمع اليمني، ومحاولة العبث في مكوناته الاجتماعية والثقافية والدينية، هو موضوع دراسة نشرها مركز كارينجي للشرق الأوسط، وأعدها الباحث أحمد ناجي، بتاريخ أبريل 2019.
من الدين إلى السياسة
ولدت الحركة الحوثية من رحم تحول جذري في «منتدى الشباب » الذي أسسه قادة دينيون زيديون في عام 1992 بمدينة صعدة الشمالية ووفق محمد عزان، أحد الشخصيات المؤسسة للمنتدى، بحسب الدراسة.
وبعد ذلك شكلت هيئة؛ بهدف إحياء الفكر الزيدي من خلال تنمية الشباب فكريًّا و ثقافيًّا؛ حيث انضم القائد والناشط السياسي الحوثي حسين الحوثي في عام 1999، بدوره قدم العديد من التغييرات الجوهرية، وحولها إلى منصة لخدمة مصالحة السياسية؛ لتصبح تمردًا عسكريًّا؛ بهدف خلق الفوضى داخل اليمن، والسيطرة وإحكام السيطرة الكاملة عليها
ووفقًا للدراسة كانت بداية منتدي الشباب الذي يعرف باسم الحركة الحوثية؛ ليصبح قوة عسكرية معارضة للرئيس علي عبد الله صالح اليمني ،التي تسعى إلى الحصول على حكم ذاتي لكن ذاكرة العديد من الحوثيين كانت لاتزال ضعيفة إزاء أحداث الستينيات، فلم يدعموا في البداية الحركة الحوثية.
في تلك الأثناء اندلعت الحرب خلال العام 2004 ؛ بسبب نزاع بين صالح والحوثيين حول جمع الضرائب الدينية من أحياء في صعدة، وأيضًا بسبب نشاطات حوثية أخرى، اعتبرها صالح مزعزعة لسلطته حينها؛ حيث سعت الحكومة إلى اعتقال حسين، الذي قتل لاحقًا خلال قتال نشب ذلك العام، إلا أن هذا لم يلقِ الرعب في صدور أنصاره؛ ما أسفر عن مصرعه
استراتيجية جديدة
في خلال الفترة 2004 و 2009 سيطرت الميليشيات الحوثية على معظم محافظة صعدة، وتوسيع نفوذها بشكل كبير خارج المدينة، فبعض قادة الحوثيين رغبوا في التوصل فقط إلى ترتيبات لتقاسم السلطة، فيما سعى آخرون إلى السيطرة على كل اليمن.
وخلال ما يسمى بالربيع العربي، التى طالت نيرانه اليمن، فأحرق استقراره وأحالته لجحيم من الفوضى وحكم الميليشيات المسلحة، وذلك بعد أن قفز الحوثيون على الاحتجاجات السلمية، ورأوا فيها فرصة سانحة؛ لاغتنام أكبر قدر ممكن من المكاسبب السياسية مثل تمثيل أوسع في المجالس المحلية والحكومية، والتعويض عن قتلاهم الذين سقطوا خلال النزاع، وهذه كانت المرة الأولى التي كان بمقدور الحوثيين أن يطرحوا على نحو سلمي أهدافهم السياسية على نطاق أكبر وأوسع، بحسب الدراسة.
الحوثيون وإخوان اليمن
ووفقًا لدراسة معهد كارينجي، لم يتوقف الحوثيون عند حد استئصال السلفيين في صعدة، بل تحركوا لمهاجمة قبائل حاشد الموالية لحزب الإصلاح المرتبط بجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية بين محافظتي صعدة وعمران؛ حيث وظفوا مجددًا شعار مكافحة التطرف، فقد اتهموا القبائل المدعومة من حزب الإصلاح بالقتال إلى جانب السلفيين، وكان في وسعهم الإقدام على ما أقدموا عليه بفضل الصمت الذي التزمت به الحكومة اليمنية آنذاك وأيضًا بفعل تأييد بعض الأحزاب، فقد رحّبت هذه الأطراف بإضعاف القبائل المؤيّدة لحزب الإصلاح ودعمت التحالف مع الحوثيين.





