المدنيون السوريون.. بين اضطهاد ميليشيات إيران وراية «داعش» السوداء
الثلاثاء 06/أغسطس/2019 - 11:11 ص
محمد العارف
جاءت زيارة «قاسم سليماني» قائد فيلق «القدس» الإيراني إلى سوريا، نهاية شهر يوليو الماضي، لتطرح
العديد من التساؤلات وتلقي بظلالها على طاولة الأحداث في المنطقة، إذ تفقد رسول نظام الملالي مدينة «البوكمال» بريف دير الزور، وهو ما وصف بأنه «إعادة ترتيب للميليشيات
التابعة لطهران».
وعلى الجانب الآخر يحاول تنظيم «داعش» استغلال حالة التشظي والفوضى داخل بعض الأراضي السورية، لتنفيذ عمليات قد لا تضمن عودته، بقوته الكاملة لكنها تحفظ وجوده.
قاسم سليماني
وعلى الرغم من تزامن زيارة «سليماني» مع تحضير الولايات المتحدة مجموعات قتالية في قاعدة «التنف»، إلا أنها جاءت داعمة لقوات الأمن الكردية، في ريف حلب الشرقي، الذي شهد الكثير من الإعتداءات على المدنيين من قبل القوات؛ إذ تناقلت وسائل التواصل الإجتماعي مؤخرا مقطعا مصورا، يظهر اعتداء عناصر الوحدات على 3 مدنيين بينهم فتاة بالقرب من مدينة «منبج»؛ ويوثق التسجيل المصور لحظة اعتداء عنصر يدعى «شيرو» - بحسب نعت مصور الفيديو له- على شابين وفتاة بعدما أنزلهما من سيارة مموهة تحمل شعار جهاز «الأسايش» التابع للوحدات، ليبدأ العنصر في ضربهم وتعذيبهم إضافة إلى نزع حجاب الفتاة والتلذذ برؤيتها تغرق في الألم.
وفي منتصف التسجيل المصور، يتلقى العنصر «شيرو» أوامر من المصور، يبدو منها أنه قائده المباشر، فيبدأ بالتبول على الشابين والفتاة، وهو يسكب فوقهم العذاب والشتائم.
كما انتشرت العديد من المقاطع المصورة التي تظهر اعتداءات عناصر الوحدات، الجنسية والإنسانية ضد المدنيين السوريين، بحجة محاربة «داعش»، وهي المهمة التي تولتها تلك القوات ظاهريًا منذ تأسيسها.
أبوبكر البغدادي
وعلى جانب آخر فبحسب خلية «الصقور» الاستخبارية التابعة للداخلية العراقية، فإن زعيم تنظيم «داعش»، «أبوبكر البغدادي» موجود في سوريا، ولا يزال يتمتع بنفوذ قوي داخل التنظيم؛ بحسب رئيس الخلية «أبوعلي البصري»، فى تصريح له الأحد 28 يوليو الجاري لجريدة «الصباح» العراقية.
وقال «البصري»: «بعد انتكاسة التنظيم في منشئه، أصبح الخطر الدائم رفيق «البغدادي» الموجود حاليًا في سوريا مع معاونيه الأجانب والعرب، وقد أعطى زعيم «داعش» أولوية كبرى خلال الفترة الماضية لحفظ التنظيم من الاختراقات وصد التهديدات الإستخباراتية»، متابعًا: «لا يزال البغدادي متمتعًا بنفوذ قوي بين أتباعه من جميع الجنسيات؛ حيث أجرى تغييرات في القيادة لتعويض خسائره، في عمليات تحرير «نينوى» و«الرمادي» و«صلاح الدين» وباقي المناطق».
وأسهم النشاط الإيراني في سوريا كثيرًا عبر ميليشياته في التغيير الديموجرافي الذي شهدته البلاد منذ اندلاع الحرب، من أجل تحقيق مشروع طهران الجيوسياسي في المنطقة، ويتم التغيير الديموجرافي عبر طرد الأهالي من منازلهم ومناطقهم وأراضيهم، وإحراق مكاتب السجل العقاري وأي أوراق تثبت ملكيتهم للمنازل والأراضي، وإسكان عائلات ومقاتلين شيعة في هذه المناطق.
وزيارة «سليماني» تشكل دعمًا طائفيًّا يمكن الميليشيات الكردية والإيرانية من ممارسة أبشع الجرائم ضد المدنيين، الذين قد يجدون في راية تنظيم «داعش» السوداء ملاذًا لهم من اضطهاد الميليشيات.
ووفق إحصاءات للمرصد السوري لحقوق الإنسان رصدت عملية جديدة لــ«داعش» في بلدة «سراقب» شرق «إدلب»، اذ فجر أحد العناصر نفسه بأطفاله الثلاثة، كما تم رصد اشتباكات عنيفة بالأسلحة المتوسطة والخفيفة بين الجهاز الأمني فيما تعرف بهيئة تحرير الشام من جهة، وخلية تابعة لــ«داعش» في الحي الشرقي في بلدة «سراقب» من جهة أخرى.
ووثق المرصد مقتل عنصرين من الفصائل المسلحة على يد مجهولين يرجح أنهم من خلايا «داعش»، إذ عثر على جثتيهما بالقرب من «معرة مصرين»، وفي محافظة «الحسكة» انفجرت عبوة ناسفة أثناء مرور آليات لقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، الأمر الذي تسبب في إصابة 13.
ويفتح النشاط الإيراني الباب على مصراعيه للمدنيين؛ خاصة السنة منهم، للانخراط فى صفوف «داعش»، تحت وقع اهتراء الوضع الإنساني في المخيمات والمعتقلات السورية التي يدخلها المدنيون المعارضون للميليشيات، لا الدواعش فقط.
من جانبه قال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية بالقاهرة: إن وجود العديد من القوى المتحاربة في سوريا، يخلق جوًا فوضويًّا تتكون خلاله العديد من الإنتماءات المؤقتة، التي تصب في مصلحة «داعش»، لأن القوى تتعامل مع أبناء البغدادي على أنهم مبرر وجود في البلاد، ووسيلة لاقتناص ما يرغبون فيه من المصالح السياسية والإقتصادية، فبريطانيا توجد بقواتها العسكرية والولايات المتحدة أيضًا، لذا فإن الأزمة السورية تدور في حلقة مفرغة من التكرارات».
وأوضح «صادق»، فى تصريح لـ«المرجع»، أن كلًا من سوريا والعراق يعتبران في نظر المجتمع الدولي ساحة حرب لتصفية النزاعات السياسية والإقتصادية، وذلك يدفع ثمنه المجتمع السوري.
وأكد أستاذ علم الإجتماع السياسي، أن الممارسات الكردية وغيرها، ستخلق هدمًا داخل الأفراد لأي انتماء للدولة السورية، وستجعل من السوريين إما هاربين وإما باحثين عن انتقامات شخصية من خلال القتال ضمن أى جهة.





