إندونيسيا ومكافحة الإرهاب.. استفادة ناجحة من التجربة المصرية
نهاية شهر يوليو الماضي، أعلنت وزارة الداخلية الإندونيسية القبض على أحد العناصر الإرهابية من المنتمين لتنظيم «داعش»، مُعلنةً على إثر ذلك إحباط عمليات إرهابية كثيرة كانت تنوي بعض العناصر المتطرفة ذات الصلة بجماعة «أبو سياف» الإرهابية الموالية لـ«داعش» في جنوب الفلبين، تنفيذها إضافة إلى تفكيك خلية إرهابية في البلاد، وهو ما يفتح الحديث مجددًا حول قدرات الحكومة الإندونيسية على مكافحة الإرهاب.
مكافحة أمنية وعسكرية
وقامت الشرطة الإندونيسية بتطوير أدائها الأمني لمكافحة الإرهاب، وكان من ضمن الجهود الأمنية التي قامت بها، إقامة تدريبات حية على مكافحة الإرهاب في ميناء «بينوا» في «دينباسار» بجزيرة بالي، بشكل مستمر في أكثر من مدينة، إلى جانب ذلك تعاونت الوكالة الوطنية لمكافحة الإرهاب في إندونيسيا مع وزارة الداخلية المصرية في بداية العام الجاري؛ لبحث سبل التطور في مكافحة الإرهاب، مستعينة بالتجربة المصرية في هذا الأمر.
وعلى نفس الصعيد، قام الجيش الإندونيسي بشن العديد من العمليات العسكرية في شمال البلاد وغربها، وعلى المناطق الحدودية لمحاصرة الخلايا النائمة التابعة لتنظيم داعش، وترك مهمة تأمين المدن للشرطة.
كما قامت الحكومة الإندونيسية بإعادة تأهيل بعض المتطرفين المتورطين في أعمال عنف، أو ذويهم، ولعل أبرز ما قامت به في هذا المجال، إنشاء مركز إيواء لإعادة تأهيل أطفال المتطرفين، الذين قُتل آباؤهم أثناء تنفيذ عمليات إرهابية.
ومن ضمن الطرق التي استخدمتها الحكومة الإندونيسية لمكافحة الإرهاب تنظيم اجتماعات بين مسلحين مدانين وبين الناجين من الهجمات الإرهابية، على أمل أن تكافح التطرف، وتعزز المصالحة بينهم، وقدم بالفعل نحو 120 عنصرًا إرهابيًّا اعتذارًا لضحايا، وناجين من هجمات متفرقة، مثل تفجيرات بالي عام 2002، وتفجير السفارة الأسترالية في جاكرتا عام 2004، وذلك بحسب مدير وكالة مكافحة الإرهاب في إندونيسيا.
أيضًا بدأت الحكومة الإندونيسية منتصف عام 2018، وبالتعاون مع الأئمة التوجه إلى السجون لعقد العديد من المقابلات مع المسجونين المتطرفين، وكانت البداية مع الدواعش الذين وقعوا تحت القبضة الأمنية، وبالفعل عقب لقاءات متعددة أعلن عدد كبير منهم توبته.
الاستفادة من التجربة المصرية
من جانبه، قال هشام النجار، الباحث المختص في شؤون الجماعات الإسلامية: إن الحكومة الإندونيسية استفادت من التجربة المصرية في مكافحة الإرهاب، وإعادة تأهيل المتطرفين، وحاولت خلال الفترة الماضية، تطبيق تجربة الحوار مع المتشددين، ولذلك استقدمت مختصين من مصر لهذه المهمة على مراحل.
وأكد النجار في تصريح لـ«المرجع»، أنه كان واحدًا من هؤلاء الذين استضافتهم الحكومة الإندونيسية لهذا الغرض، مشيرًا إلى أن تلك التجربة نجحت بشكل كبير، وأعطت نتائج مهمة داخل الحركة الدينية المحلية الإندونيسية، التي كانت تنتهج نهج الجماعة الإسلامية المصرية، ومتأثرة بأدبياتها ورموزها مثل عمر عبد الرحمن وغيره.
وأضاف الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، أن إندونيسيا تواجه تحديات كبيرة على وجه العموم، من جهة استهداف تنظيم داعش للمجتمع والدولة هناك، علاوة على اختراق جماعات الإسلام السياسي المشهد الحزبي والانتخابي، وهو ما ظهر بشكل كبير في الانتخابات الأخيرة؛ ما منح الجماعات نفوذًا كبيرًا، نتيجة تحالفات بعض القوى والرموز السياسية الكبيرة معها.





