ad a b
ad ad ad

وانقلب السحر على الساحر.. «ولاية تركيا» تنتقم من حليف «داعش» السابق

الأربعاء 17/يوليو/2019 - 08:39 م
المرجع
أحمد سلطان
طباعة

قبل أيام، بث ما يعرف بالمكتب الإعلامي لــ«ولاية تركيا» التابعة لتنظيم «داعش»، إصدارًا جديدًا بعنوان «والعاقبة للمتقين»، ضمن حملة أذرع التنظيم الخارجية لتجديد البيعة لزعيمه «أبوبكر البغدادي» عقب انهيار خلافته المزعومة في سوريا والعراق.


وأطلق «داعش»، قبل عدة أسابيع، حملة إعلامية جديدة للتجديد للبغدادي، وأكدت فروع التنظيم في «ليبيا وخراسان والفلبين، وأذربيجان، غرب أفريقيا» ولاءها للزعيم، متوعدةً بمواصلة العمليات الإرهابية في الفترة المقبلة.

وانقلب السحر على
وأظهر الإصدار الذي بلغت مدته خمس دقائق عددًا من عناصر «داعش» الملثمين، وهم يؤدون البيعة للبغدادي ويتوعدون بشن هجمات إرهابية في الداخل التركي، وقال «أبوقتادة التركي» أمير ما يعرف بولاية تركيا: إن خلافة البغدادي جمعت المسلمين تحت راية واحدة بعد سنوات من التشتت والتشرد، على حد زعمه.

وأضاف «أبوقتادة»، الذي ظهر حاملًا سكينًا في يده اليمنى وحوله اثنان من مقاتلي التنظيم حاملين أسلحة رشاشة، أن «خلافة داعش» جمعت المقاتلين الأجانب والعرب في صف واحد، معتبرًا أن هذا ضمن أسباب تشكيل التحالف الدولي لحرب التنظيم، والمعروف باسم «العزم الصلب».

ووجه أمير داعش رسالة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان قائلًا: «يا طاغوت تركيا لاتظن أن سيوف جنود الخلافة بعيدة عنك وعن من يقف في صفك، وأعلم أن طلب العزة من الصليبيين لن يغني عنك شيئًا».



وانقلب السحر على

البغدادي وإشارة البدء


نهاية أبريل الماضي، ظهر زعيم تنظيم «داعش» أبوبكر البغدادي في مقطع فيديو، عقب هزيمة التنظيم في قرية الباغوز فوقاني السورية، بعنوان «في ضيافة أمير المؤمنين»، واستعرض في الفيديو تقريرًا شهريًّا لما يسمى بـ«الولايات الداعشية» ومن بينها ما يعرف بـ«ولاية تركيا»، معلنًا بدء العمليات الإرهابية بصورة رسمية بعد سنوات من الهدنة «غير المعلنة» بين التنظيم الإرهابي والنظام التركي.


ومنذ تمدد تنظيم «داعش» في العراق وسوريا عام 2014، استغل التنظيم حالة الهدنة بينه وبين نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، واستخدم الأراضي التركية في تهريب مئات من المقاتلين إلى سوريا والعراق، كما سمح التنظيم الإرهابي للجيش التركي بنقل ضريح «سليمان شاه» جد مؤسس الدولة العثمانية، من مناطق واقعة تحت سيطرته في حلب إلى داخل الأراضي التركية.

كما أطلق تنظيم «داعش» سراح رهائن أتراك احتجزهم عقب سيطرته على مدينة الموصل العراقية، واستيلائه على القنصلية التركية بها بعد مفاوضات مع الحكومة التركية، وذلك وفقًا لتصريح سابق لرئيس الوزراء التركي، وقتها، أحمد داوود أوغلو.

وفي المقابل سمحت تركيا للدواعش بالعبور عبر أراضيها إلى داخل سوريا والعراق للانضمام للتنظيم الإرهابي إبان فترة سيطرته على مناطق في الدولتين.

وبحسب حوار صحفى سابق، نشر فى مواقع إخبارية مع عبدالكريم المصري، أحد المقاتلين المنشقين عن تنظيم «داعش» فإن الدخول إلى الأراضي الواقعة تحت سيطرة التنظيم كان أمرًا سهلًا، موضحًا أن من يعرفون بمنسقي الهجرة التابعين للتنظيم الإرهابي كانوا يستقبلون العناصر الراغبة في الانضمام للتنظيم داخل تركيا، التي تساهلت مع التنظيم الإرهابي في تلك الفترة، ثم ينقلونهم إلى سوريا.

وأضاف «المصري» أن ضباط حرس الحدود الاتراك تقاضوا 150 دولارًا أمريكيًّا مقابل كل مقاتل داعشي، دخل إلى سوريا من الأراضي التركية.

ويؤكد أيضا محمد الفاهم، أحد التونسيين الذين انشقوا عن «داعش»، أن الإرهابيين التوانسة كانوا يصلون إلى تركيا كل يوم تقريبًا، بينما كان هدفهم الحقيقي الوصول إلى مناطق سيطرة التنظيم الإرهابي في سوريا والعراق.

واعتبر «الفاهم» في شهادته التي نُشرت في كتاب «كنت في الرقة» أن التنظيم كان بينه وبين النظام التركي تفاهم غير معلن ينص على عدم تنفيذ أي هجمات إرهابية في الداخل التركي، فى مقابل ألا تعترض القوات التركية سبيل الراغبين في الانضمام لداعش، وأن تخلي سبيل المعتقلين منه إذا تم احتجازهم.

وكشف «الفاهم» أنه أقام داخل مدينة إسطنبول التركية في منزل لمن تسمى بـ«أم المجاهدين» وهي سورية من المنتمين لتنظيم «داعش»، قبل أن ينتقل برفقة عناصر التنظيم إلى مدينة أورفة التركية، ومنها إلى "تل أبيض" السورية التي كان التنظيم الإرهابي يسيطر عليها في ذلك الحين، مؤكدًا أن المئات من مقاتلي داعش دخلوا سوريا بنفس الطريقة.

وانقلب السحر على

نهاية «تحالف الشر»


في عام 2016، بدأ تنظيم داعش في شن هجمات داخل الأراضي التركية، بسبب ما اعتبره مشاركة تركية في التحالف الدولي ضده، إذ شن عناصر التنظيم هجمات متعاقبة من بينها الهجوم على مطار «أتاتورك» فى إسطنبول.


في المقابل ردت تركيا بإطلاق عملية «درع الفرات» العسكرية التي شارك فيها الجيش التركي ومجموعات مسلحة موالية لتركيا، من بينها حركة «أحرار الشام» أحد أكبر الفصائل المسلحة في الشمال السوري.

ونجحت حملة «درع الفرات» في الاستيلاء على عدد من المدن والبلدات التي كان يسيطر عليها تنظيم «داعش» في ريف حلب، بينما بث التنظيم إصدارًا في نهاية 2016، لما يعرف بالمكتب الإعلامي بولاية الباب السورية، يُظهر مقاتلين أتراكا  تابعين للتنظيم الإرهابي وهم يعدمون جنودًا من الجيش التركي بالحرق.

وتوعد «الدواعش الأتراك» في ذلك الحين، بنقل العمليات الإرهابية إلى داخل تركيا، ردًا على ما وصفوه بالحملة العسكرية على «أراضي الخلافة» الداعشية.

وفي كلمة صوتية لاحقة، قال المتحدث باسم «داعش»، "أبوالحسن المهاجر"، مخاطبًا عناصر التنظيم في مدينة الباب السورية: "بارك الله صنيعكم لقد شفيتم صدور الموحدين بما فعلتم في جنود المرتد التركي".

وتحدث زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي في كلمة له عن تركيا قائلًا: «تطل بقرن وتستخفي بقرن، تسعى لتحقيق مصالحها وأطماعها في شمال العراق وأطراف الشام ثم ترتد خشية أن يصلها المجاهدون في عقر دارها، بجحيم عملياتهم، ولهيب معركتهم»، على حد تعبيره.

بينما ردت تركيا على تهديد «داعش» باعتقال عدد من قيادات التنظيم المقيمين على أرضها، كان أبرزهم ما يعرف بـ«أمير أضنة»، وزوجة وزير الحرب الأسبق للتنظيم أبوعمر الشيشاني.


وفي كل الأحداث السابقة، لم يعلن «داعش» عن تشكيل فرع له في تركيا، أو تأسيس ما يسميه بـ«الولايات الأمنية»، حتى ظهر «البغدادي» في أبريل الماضي معلنًا بدء مرحلة جديدة من ما يصفه بـ«الحرب الاستنزافية» التي تستهدف جميع أعداء التنظيم، بعد انهيار ما يعرف بالخلافة المكانية.



وانقلب السحر على
باحث: التنظيم مخترق


يقول مصطفى زهران الباحث المختص في شؤون الحركات الإسلامية: إن الفيديو الأخير لما يعرف بـ«ولاية تركيا» يكشف حجم الاختراق الاستخباري لتنظيم «داعش» من قبل الأجهزة الأمنية الغربية، مضيفًا أن المؤشرات التي ظهرت على الساحة خلال الفترة الماضية، تكشف وجود نوع من التفاعل بين أجهزة الاستخبارات الغربية والتنظيم الإرهابي.


وأشار «زهران» في تصريح خاص لـ«المرجع» إلى أن هناك نوعًا من المصالح المشتركة بين التنظيم والأجهزة الاستخبارية الغربية، وداعش يكرر ما فعله تنظيم «القاعدة» في الحقبة التي سبقت انهيار الاتحاد السوفييتي عندما تعاون التنظيم الأخير مع الولايات المتحدة لإسقاط الاتحاد السوفييتي.

واعتبر أن «داعش» ينظر لما يعرف بـ«العثمانية الجديدة» التي يقدمها الرئيس التركي أردوغان، باعتبارها نوعًا من التهديد لمرجعيته الفكرية وهو ما يجعل أهدافه تتلاقى مع مصالح الولايات المتحدة الأمريكية ودول غربية أخرى.

وتوقع الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية أن تشهد الفترة المقبلة هجمات لتنظيم «داعش» في الداخل التركي، في إطار سعي التنظيم لـ«تثوير الحالة الراديكالية» ، في ظل وجود حالة من الاضطراب السياسي والارتباك الاقتصادي في الداخل التركي.
"