يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

طارق الزمر.. قيادي بـ«الإسلاميَّة».. تبنَّى العنف ودخل في عباءة «الإخوان»

الثلاثاء 15/مايو/2018 - 10:09 م
المرجع
محمد الدابولي
طباعة
يُعَدُّ الإرهابي الهارب خارج مصر طارق الزمر، أحد أذرع جماعة «الإخوان» للسيطرة على «الجماعة الإسلاميَّة»، التي تأسست في سبعينيات القرن الماضي بزعم إقامة دولة إسلاميَّة تُطبق الشريعة، وهو ابن عم عبود الزمر، وكانا زعيمين لما سُمِّي بـ«حركة الجهاد» قبل انضمامهما لـ«الإسلامية» عام 1980م. 

وعقب انضمام «الزمر» لـ«الجماعة الإسلامية»، وقع خلاف حاد بين الأب الروحي لـ«الإسلامية» عمر عبدالرحمن وعبود الزمر في واقعة شهيرة تُسمى بــ«ولاية الضرير»، التي تم الرد عليها من قِبَل أنصار «عبدالرحمن» بـ«ولاية الأسير»، لتنفي الولاية عن عبود الزمر، الذي طالب بها أثناء وجوده داخل السجن، وعلى أثر هذه الواقعة تم طرد طارق الزمر وابن عمه من الجماعة، وفيما بعد تدخل كرم زهدي (أمير الجماعة الإسلامية) لإعادتهما إلى الجماعة.

اتُهِمَ «الزمر»، الذي شغل فيما بعد منصب رئيس حزب «البناء والتنمية»، الذراع السياسيَّة لـ«الجماعة الإسلاميَّة»، بالاشتراك في عملية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات في سبتمبر 1981، وحُكِمَ عليه بالسجن، ليطلق سراحه عام 2011، بعد مضي 29 عامًا. 

في فترة السجن، وتحديدًا في منتصف التسعينيَّات، دخلت كوادر الجماعة الإسلاميَّة، ومنهم «طارق الزمر»، في مراجعات فكريَّة لنبذ العنف من طرف واحد دون شرط أو قيد، أسفرت في النهاية عن تخلي الجماعة عن العنف وتطليقه طلاقًا رجعيًّا، كشفت عنه أحداث ميداني «رابعة العدوية» و«النهضة»، عقب ثورة 30 يونيو 2013 التي أطاحت بحكم «الإخوان»، إذ شارك عدد من قادة المراجعات مع جماعة الإخوان في هذه الأحداث، مثل «الزمر» و«عاصم عبدالماجد»، و«صفوت عبدالغني». 

ردة عن المراجعات 
رغم أن الكثير من القيادات التي وافقت على مبادرة المراجعات الفكريَّة داخل السجون التزمت بنبذ العنف، مثل ناجح إبراهيم وفؤاد الدواليبي، وكرم زهدي، فإن «الزمر» قرر الانضمام للفريق الآخر، الذي تحالف مع الجماعة الأم «الإخوان»، ليواصل الإضرار بمصالح الدولة سياسيًّا تحت ستار العودة للعمل السياسي، وهو ما ظهر جليًّا في مرحلة لاحقة بعد ثورتي 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013. 

واتسمت عقليَّة «الزمر» بعد خروجه من السجن بمجموعة من التناقضات؛ أبرزها: أنه أعلن رفضه المشاركة في اغتيال السادات لو عاد به الزمن، لكنه في الوقت نفسه غير نادم على اغتياله! ثم أقر بأن سلميَّة ثورة «25 يناير» نجحت فيما فشلوا في تحقيقه بالعمل المسلح، ثم عاد ليحرض على العنف مُتحالفًا مع «الإخوان»، كما انضم لتحالف «دعم الإخوان»، وفي الوقت نفسه طالب بالحفاظ على الدولة ومقدراتها، لإيهام الحكومة وأجهزتها الأمنيَّة بإمكانية قيامه بالوساطة بين الدولة و«الإخوان»، وهو ما لم يتحقق على أرض الواقع، ما دفعه لجر حزبه وجماعته للاصطدام بالدولة مرة أخرى، من خلال دعمه وتأييده للرئيس المعزول محمد مرسي وجماعته. 

ويُعدُّ التحالف بين الجماعتين بمثابة ردة عن المراجعات الفكرية التي بادرت بها «الإسلاميَّة» داخل السجون، إذ شهدت مرحلة ما بعد سقوط حكم جماعة الإخوان عددًا من الضربات الإرهابيَّة، التي وجهتها لمؤسسات الدولة ومقدراتها، ردًّا على عزل «مرسي». 

ولمزيد من ربط الجماعة الإسلاميَّة وحزبها «البناء والتنمية» بـ«الإخوان»، انخرط «الزمر» في تحالف ما يُسمى «دعم الشرعيَّة»، الذي أُسِّسَ عقب الإطاحة بالرئيس الإخواني «مرسي». 

شروخ الجماعة الإسلاميَّة 
تسببت سياسات «الزمر» في إحداث شروخ تنظيمية داخل «الجماعة الإسلامية»؛ ما أدى إلى انقسامها لمعسكرين؛ «صقور» و«حمائم»، يقود الأول «الزمر» و«عصام دربالة»، و«عاصم عبدالماجد»، بينما يُمثل «أسامة حافظ، وجمال سمك، وصلاح رجب» معسكر «الحمائم». 

يشار إلى أن إدراج طارق الزمر على قوائم الإرهاب، في يونيو 2017، أدى إلى تراجع جناح «الصقور» في الفترة الأخيرة؛ حيث تسبب هذا الإدراج في استقالة «الزمر» من منصبه فور انتخابه رئيسًا لحزب «البناء والتنمية» بفترة وجيزة، إضافة إلى وفاة رئيس مجلس شورى الجماعة عصام دربالة في محبسه. 

ونتيجة للتطورات التي أصابت معسكر «الصقور»، تمكن «حمائم الجماعة» من إتمام سيطرتهم عليها وعلى الحزب، عبر تولي «أسامة حافظ» رئاسة مجلس شورى الجماعة خلفًا لـ«دربالة»، وفوز «محمد تيسير» برئاسة الحزب، وتحاول الجماعة حاليًّا الابتعاد تمامًا عن تأييد «الإخوان» والاقتراب أكثر من تأييد الدولة، ما وضعها في مرمى الهجوم الإعلامي الإخواني، وهو ما يُعد تهميشًا مستترًا لدور «طارق الزمر». 

وأخيرًا يسعى «طارق الزمر» الذي أصبح على مشارف العقد السادس من عمره إلى الولوج من الإطار المحلي لتوجهاته الفكرية، والانطلاق نحو العالم الإسلامي عبر مساهماته الإعلاميَّة والفكريَّة، محاولًا إبداء رؤيته حول القضايا الإسلاميَّة العالميَّة، لاسيما التغزل في حزب «العدالة والتنمية» بزعامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فضلًا عن ذلك تأسيسه لمركز دراسات سياسية تحت مسمى «مركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية».
"