ad a b
ad ad ad

بعد زيارة وزير الخارجية الألماني.. إيران تبحث عن وساطة أوروبية لحفظ الاتفاق النووي

الخميس 13/يونيو/2019 - 07:11 م
زيارة وزير الخارجية
زيارة وزير الخارجية الألماني لإيران
مرﭬت زكريا
طباعة
أثارت زيارة وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إلى طهران في 9 يونيو لعام 2019، على خلفية رغبة دول الاتحاد الأوروبي في تكثيف الجهود؛ بغرض الحفاظ على الاتفاق النووي، وتهدئة حدة التصعيد مع الولايات المتحدة الأمريكية؛ العديد من التساؤلات، حيث حذر  ماس من مخاطر أي صراع مع إيران، مؤكدا أنه سيكون له عواقب وخيمة على المنطقة بأثرها، وتزامنت هذه الزيارة مع أخرى لرئيس الوزراء الياباني شينزو آبي إلى طهران للسبب ذاته، ومن هنا تعول طهران على اتباع سياسة النفس الطويل، وكسب تأييد المزيد من الحلفاء في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية.
صادرات النفط الإيراني
صادرات النفط الإيراني
وطالب وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، الأوروبيين بالتطبيع الاقتصادي مع إيران، مؤكدًا أن الجمهورية الإسلامية باتت في وضع لا يمكن انتقادها عليه. 

أولاً: محددات أجندة الزيارة
وصل وزير الخارجية الألماني، يوم السبت الموافق 8/6/2019، إلى بغداد في زيارة غير معلنة؛ لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء عادل عبدالمهدى، والرئيس برهم صالح، حول التوترات المتزايدة بين طهران وواشنطن، باعتبار بغداد صديقًا لكلا الطرفين، كما زار كل من الأردن والإمارات العربية المتحدة، على خلفية الرغبة الأوروبية في أن يكون أكبر عدد من دول المنطقة طرفًا في أي محادثات جديدة بين واشنطن وطهران.

ولفت ماس الانتباه إلى اهتمام دول الاتحاد الأوروبي بضرورة الحديث مع طهران حول برنامج الصواريخ الباليستية، والأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، لاسيما بعد موجة التوتر الأخيرة بين الجمهورية الإسلامية والإدارة الأمريكية على خلفية سحب الإعفاءات الممنوحة لثماني دول كان مسموحًا لها بتجارة النفط مع إيران؛ ما أدى لاقتراب صادرات النفط الإيراني من الصفر، وأخيرًا فرض عقوبات جددة على قطاع البتروكيماويات، على خلفية رغبتها في سد الثغرات التي كانت تستطيع طهران من خلالها في السابق الالتفاف على العقوبات الاقتصادية(1).
جواد ظريف
جواد ظريف
ثانيًا: الوساطة الأوروبية بين طهران والولايات المتحدة الأمريكية
حذر وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف من نفاد مدة الـ60 يومًا التي حددتها طهران أمام الدول الأوروبية، للبت في شأن الاتفاق النووي الذي عقدته الجمهورية بلاده مع دول (4+1) بعد سحب الولايات المتحدة الأمريكية لإعفاءات النفط الإيراني من تنفيذ إيران لما وعدت به من العودة إلى تخصيب اليورانيوم إلى مستوى صنع القنبلة النووية، والاحتفاظ بالماء الثقيل، ورفض فكرة بيعه في الأسواق الدولية.

وعليه بدأ وزير الخارجية الألماني في إجراء مشاورات مع كل فرنسا وبريطانيا قبل زيارته إلى الشرق الأوسط؛ بغرض الاتفاق حول معايير محددة لإيجاد أفضل السبل الممكنة التي يمكن من خلالها التباحث مع طهران، فتريد إيران من الدول الأوروبية الالتزام بتعهداتها حيال الاتفاق النووي، فضلًا عن إيجاد حل لمستقبل الاتفاق في ظل حالة التصعيد الحالية مع الولايات المتحدة الأمريكية.

من ناحية أخرى، أعلنت طهران رفضها للتباحث حول أي قضايا أخرى غير البنود الخاصة بالاتفاق النووي، ولكنه يؤمن في الوقت ذاته بأهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي في البقاء على الصفقة النووية، وبناء على ذلك، حذر ظريف الولايات المتحدة الأمريكية من بقاء مصالحها آمنة في ظلِّ حالة فرض العقوبات الأمريكية(2).
العقوبات الأمريكية
العقوبات الأمريكية ضد إيران
ثالثًا: التوقعات الإيرانية الاقتصادية من أوروبا
تعول طهران كثيرًا على المنافع الاقتصادية التي يمكن أن تحصل عليها عن طريق التطبيع مع دول الاتحاد الأوروبي؛ على خلفية الضغوط الاقتصادية التي تعاني منها بعد فرض العقوبات الأمريكية على قطاع النفط؛ ما أدى إلى تصفير صادرات النفط الإيراني، بسبب الإعفاءات التي سحبتها الولايات المتحدة الأمريكية من ثماني دول تمثلت في (الصين، والهند، واليابان، وتركيا، وإيطاليا، واليونان، وكوريا الجنوبية، وتايوان) الدول التي كان مسموحًا لها بتجارة النفط مع طهران، ومن هنا، تريد طهران عودة الأداة المالية الأوروبية مرة أخرى للالتفاف على العقوبات الأمريكية، وإعادة دخول الشركات الأجنبية إلى السوق الإيرانية مرة أخرى.

وفي الوقت الذي حذرت فيه طهران من تداعيات الحرب الاقتصادية على الشعب الإيراني، وأقرت أنه من غير المعقول أن تعاني طهران جراء الضغوط الاقتصادية، وضعت الإدارة الأمريكية الحالية عقوبات على قطاع البتروكيماويات، الذي يعد ثاني أهم مصدر من مصادر الدخل القومي بعد النفط، ورغبة الولايات المتحدة الأمريكية في سد الثغرات التي كان يمكن لإيران أن تستغلها في السابق للالتفاف حول العقوبات الأمريكية(3).
وزير الخارجية الألماني
وزير الخارجية الألماني هايكو ماس
في السياق ذاته، أكد وزير الخارجية الألماني سعى ألمانيا إلى جانب فرنسا، والمملكة المتحدة، والصين إلى جانب روسيا، في الحرص على البقاء داخل الاتفاق النووي، لاسيما بعد رغبة إيران في الانسحاب من الاتفاق النووي، ومنح الدول الأوروبية مهلة 60 يومًا لإيجاد حلول تسمح لها بتخفيف الضغوط الاقتصادية المفروضة من قبل الإدارة الأمريكية الحالية.

وتسعى طهران لإزالة ولو جزء صغير من العقوبات الأمريكية، على خلفية اتجاه إدارة ترامب إلى اتخاذ مجموعة من التدابير، بما يتضمن تجفيف منابع تمويل الحرس الثوري، فضلًا عن تفكيك الشبكات المالية الخارجية التي تمده بالعملات الأجنبية، وهو ما يمكن أن يحرمه من عوائد مالية كبيرة كان يتم الحصول عليها سنويًّا(4).

في النهاية: أكد وزير الخارجية الألماني أن دول الاتحاد الأوروبي لا يمكنها القيام بمعجزات حيال وضع الاتفاق النووي، وأن طهران عليها الالتزام ببنود الاتفاق حتى التوصل إلى حلول نهائية بشأن خطة العمل المشتركة الشاملة، وخلال هذه الفترة يجب على إيران التهدئة من حدة تدخلاتها في الشرق الأوسط.
الهوامش:

1. German foreign minister visits Iran in efforts to save nuclear deal, 10/6/2019, Tehran Times, available at https://www.tehrantimes.com/news/436776/German-foreign-minister-visits-Iran-in-efforts-to-save-nuclear .

2. Sabine siebold, German minister lands in Iran in bid to save nuclear pact, 9/6/2019,  reuters, available at https://www.reuters.com/article/us-usa-iran-germany/german-minister-to-meet-irans-rouhani-in-bid-to-save-nuclear-pact-idUSKCN1TA0JW.

3. German Foreign Minister Heiko Maas in Middle East bid to ease US-Iran tensions, deutsche welle news, available at http://cutt.us/c0SrL  

4. ضغوط قوية: هل تساهم الإجراءات الأمريكية في وقف تمويل الحرس الثوري؟ 10/6/2019، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات والمتقدمة، متاح على الرابط التالي https://mail.google.com/mail/u/0/#inbox/FMfcgxwCgzLHCPxTQmwNjkgLVDVsdgKg.
"