دبلوماسية التنمية.. استراتيجية الهند بعد فوز «ناريندرا مودي»

استطاع الحزب الحاكم «بهاراتيا جاناتا» بزعامة «ناريندرا مودي» رئيس الوزراء الهندي الحالي في إحراز تقدم في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي بدأت في 11 أبريل 2019 وحتى 19 مايو 2019، ليحقق فوزًا كبيرًا على حزب المعارضة «المؤتمر» بقيادة «راهول غاندي»؛ حيث احتل المرتبة الأولى بحصوله على 302 مقعد، من أصل 542 مقعدًا، وهو العدد الذي يزيد عن عدد المقاعد المطلوبة لتحقيق الأغلبية في البرلمان وهو 272 مقعدًا، ليعد أول حزب يحقق أغلبية برلمانية مرتين على التوالي منذ عام 1984.
وقد وعد «مودي» إبان حملته الانتخابية بإعادة بناء الهند دولة قوية وشاملة داعمًا استمرار سياساته القائمة على تحقيق التنمية الاقتصادية، وجعل الهند من أهم القوى الدولية الكبرى، والفاعلة في النظام العالمي، بجانب تبنيه شعار «معًا ننمو»... «معًا نزدهر».

دلالات التصويت لليمين الشعبوي
مثلت الانتخابات البرلمانية التي بلغت نسبة المشاركة فيها 66% تقريبًا مقارنة بـ58% في انتخابات عام 2014، استفتاءً قويًّا على استراتيجية «مودي» في إدارة البلاد خلال الخمس أعوام الماضية، وقدرته على جعل الهند قوى دولية كبرى، خاصةً مع تبنيه سياسة التصعيد الحاد مع باكستان على غرار التفجير الانتحاري الذي تعرضت له قافلة شبة عسكرية في 14 فبراير، وأسفر عن مقتل 40 جنديًّا هنديًّا، وتعهده باتخاذ إجراءات أكثر صرامة مع النزعات الانفصالية في كشمير ذات الأغلبية المسلمة، مع تنامي وتيرة التوترات على الحدود مع باكستان.
وفي دليل على تنامي قوى اليمين المتطرف على الصعيد العالمي، فبالرغم من تعرض الحزب الحاكم في الهند للكثير من الانتقادات، نتيجة سياساته العنصرية التي تحمل في طياتها الانحياز للقوميين من الهندوس على حساب الأقليات الأخرى، وتراجع معدلات النمو الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة إلا أنه استطاع الفوز على حزب المعارضة الذي تبنى إبان حملته الانتخابية النهج الثوري والهجومي على سياسات «مودي» دون تقديم برنامج واضح يمكن التحرك من خلاله لمواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية المتعلقة بالأمن القومي.


مستقبل السياسة الخارجية
رافعًا شعار الهند أولًا، ومرتكزًا على السياسات النيوليبرالية، تمكن «مودي» من الفوز، علاوةً على اتباعه استراتيجية خارجية مغايرة عن سابقيه، تسعى إلى أن تجعل الهند فاعلًا دوليًّا في محيطها الجغرافي، ولاعبًا بارزًا في الملفات الدولية المثارة.
فضلًا عن تعزيز قوة الهند الناعمة من خلال إقامة قنوات للحوار ما بين المغتربين الهنود ووطنهم، مع اتخاذه شعار جديد يساهم في توطيد التعاون مع الغرب أي دول الشرق الأوسط، وبالفعل فقد تمكن من ذلك من خلال الزيارات المتبادلة والاتفاقيات التعاونية مع دول الشرق الأوسط منهم دول الخليج العربي، وإسرائيل ومصر وذلك لخلق مطىء قدم جديد للهند في ديناميات الشرق الأوسط.
لذا فمن المتوقع أن يستمر على هذا النهج مع تقوية بنية النظام السياسي الداخلي، ولا سيما في مجال الأمن والاقتصاد والدفاع؛لمواجهة التحديات التنموية الداخلية والتهديدات الخارجية خاصةً من دول الجوار مثل الصين التي تعمل على أن تكون القوى الآسيوية الكبرى دون منافس، هو ما يتجلى في تحكمها في مسار التفاعلات الخاصة بمنطقة بحر الصين الجنوبي، وفرضها لآليات الهيمنة الدولية عليه.
كما سيسعى إلى تعزيز سبل التعاون مع دول الشرق الأوسط ولا سيما دول الخليج العربي، وذلك للاستفادة من التدفقات المالية للعمالة الهندية موجودة هناك، فضلًا عن رغبة الهند في زيادة الاستثمار مع الدول الخليجية في مجال البنية التحتية والطاقة والتكنولوجيا من خلال إبرام عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم لتوثيق العلاقات على كافة الأصعدة، ووصولها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.
1. "INDIA LIVE-"Together we prosper," Modi says; opposition concedes defeat in election", Reuters, 23-5-2019. https://www.reuters.com/article/india-election/india-live-together-we-prosper-modi-says-opposition-concedes-defeat-in-election-idUSL4N22Z0N3
2. " Indian elections: Modi on track for decisive victory”, exit polls suggest", The Guardian, 19-5-2019. https://www.theguardian.com/world/2019/may/19/indians-vote-final-stage-gruelling-election-campaign-narendra-modi
3. " مودي يحقق فوزا مذهلا في انتخابات الهند"، روتيرز، 23 مايو 2019.https://ara.reuters.com/article/worldNews/idARAKCN1ST0PX
4. Uzair Younus, "India’s Foreign Policy Evolution", The Diplomat, 26-3-2019. https://thediplomat.com/2019/03/indias-foreign-policy-evolution/
5. آية عبد العزيز، "تحولات جديدة.. كيف تتغير السياسة الخارجية الهندية تجاه «إسرائيل»؟، مركز البديل للتخطيط والدراسات الاستراتيجية، 22 يناير 2018. http://cutt.us/wwRYI