القلق يأكل الإخوان.. حصار دولي وتراجع شعبي للنهضة التونسية
وفيما كانت النهضة تكرر مرارًا عدم انتمائها للتنظيم الإرهابي، ألقت تداعيات التصريحات الحديثة بثقلها على ممثل إخوان تونس في أروقة الحكم والسياسة؛ إذ جاءت تصريحات القيادي النهضاوي ووزير الخارجية التونسي السابق، رفيق عبدالسلام، على النوايا الأمريكية، كاشفةً حالة قلق من احتمالية امتداد أثر القرار الأمريكي بإدارج الجماعة على قوائم الإرهاب، إلى حركة النهضة.
ونفي القيادي النهضاوي يُعَدّ تأكيدًا لحالة القلق والرعب التي تجتاح صفوف الإخوان؛ ما يفسر القمة الثنائية التشاورية مطلع الأسبوع الجاري بين راشد الغنوشي ورجب طيب أردوغان في تركيا على هامش افتتاح الأخير مسجدًا.
وأعلنت حركة النهضة، السبت الموافق 4 مايو، أنّ رئيسها راشد الغنوشي شارك الجمعة، بمدينة اسطنبول التركية في مراسم تدشين أكبر جامع في البلاد، ويدعى جامع تشامليجا.
وتناول المراقبون لقاء الغنوشي وأردوغان في سياق المخاوف الإخوانية من إدراج جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب؛ إذ اعتبروا أن حالة التوتر تسيطر على الجماعة من تداعيات القرار على كياناتهم، حال استجابة أمريكا لمطالب ذلك الإدراج.
هذ على المستوى الدولى أما على الجانب الإقليمي، فلا يعتبر وضع حركة النهضة أفضل، في ظل المعارك التي يشنها الجيش الليبي لتطهير العاصمة الليبية طرابلس، من الميليشيات المتطرفة المدعومة من الإسلامويين، وسقوط حكم الإخوان في السودان.
وفي هذا السياق هاجم القيادي النهضاوي رفيق عبدالسلام، في تصريح -وصفه الإعلام التونسي بالمتهور؛ عبر حسابه على «فيسبوك»- الجيش الوطني الليبي، والمعركة التي يشنها منذ مطلع أبريل الماضي، لتحرير العاصمة طرابلس.
وتابع: «نحن لسنا محايدين في هذه المعركة التي تدور على حدودنا، بل لا نملك إلا أن ننحازَ لحكومة طرابلس وقواها الصامدة في مواجهة هذا المخطط العدواني»، على حد قوله.
وتسببت هذه التصريحات في تأليب المشهد التونسي على حركة النهضة، خاصة أن القيادي قال دون شك، إن حركته تنحاز لحكومة الوفاق المدعومة من الميليشيات الإرهابية في طرابلس.
وتتلقى حركة النهضة انتقادات واسعة على خلفية موقفها من حكومة الوفاق؛ إذ تتهمها أصوات مدنية تونسية بأنها تدعم الإرهاب في ليبيا، وتخشى سقوطه؛ لما سيتركه عليها من أثرٍ، حال ما وصل الجيش الليبي إلى العاصمة وسيطر عليها.
وتناول ساسة تونسيون هذه التصريحات في سياق ارتباك إخواني عامّ، تشترك فيه النهضة منذ التصريحات الأمريكية؛ إذ تخشى الجماعة بأجنحتها كافة خسارة نفوذها في المنطقة.
واستشعرت النهضة الخوف على فرصها، خاصة أنها المرة الأولى التي تتراجع فيها منذ سنوات.
ويمثل هذا التراجع خطورة بالغة للإخوان، خاصةً أنه يسبق الانتخابات المرتقبة في أكتوبر ونوفمبر القادمين، أي بعد 5 أشهر فقط.
وتواجه النهضة مشهدًا داخليًّا مشتعلًا ضدها؛ ما يصعّب عليها مهمة تحسين صورتها في استطلاعات الرأي، في الفترة المتبقية على الانتخابات.
وعلى خلفية ذلك عبّرت الحركة عن امتعاضها على نتائج استطلاع الرأي، مطالبة بتنظيم عمل الجهات المعنية باستطلاعات الرأي، وعدم استغلالها سياسيًّا، على حد قولها.
وتسبب البيان في إحراج النهضة أكثر من إفادتها؛ إذ تساءل ساسة تونسيون عن مطلب النهضة وتوقيته، خاصةً أنها طالما ما كانت تتجاهل التعليق على نتائج الاستطلاعات عندما كانت تخرج لصالحها.
واستبشر ساسة تونسيون بالوضع المتأزم لحركة النهضة، معتبرين أنه سيؤثر سلبًا عليها في الانتخابات المرتقبة.
وقال النقابي المناهض للحركة، قيس بن يحمد: إن الشعب التونسي أدرك حقيقة الحركة الإخوانية، مشيرًا إلى أن نتائج الاستطلاع إلى جانب الوضع الإقليمي المتازم كل ذلك يصب في غير مصلحة الحركة.
ولفت إلى أن الانتخابات المقبلة ستحدد مصير الإسلام السياسي في شمال أفريقيا، إما أن يفقد مركز قوى له في تونس وإما يستمر.
ويأتي تراجع النهضة بعد حرب شرسة خاضتها مؤسسات الدولة التونسية والقوى المدنية مع الحركة، بداية من كشف علاقتها بالإرهاب وتورطها في اغتيال المعارضين، إلى الفساد الذي طال ملفها المالي وتلقيها تمويلات بطرق مشبوهة.





