يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

استراتيجية الإخوان بأوروبا.. نظام بلا تنظيم

الأحد 14/أبريل/2019 - 02:42 م
المرجع
ماهر فرغلي
طباعة

عوضًا عن الاستراتيجية الهرمية العنكبوتية الموروثة عن «حسن البنا» مؤسس جماعة الاخوان، يتم الآن اعتماد أسلوب ما يُسمى في التخطيط الاستراتيجي بـ«نجمة البحر خماسية الأذرع»، أي نظام بلا تنظيم، وجماعات حليفة وأفراد حلفاء غير الشركاء المباشرين.


النجمة الخماسية هو شكل يعتمد على جعل الجماعة تيارًا واتجاهًا عامًّا، وعلى هذا عرفت الساحة الأوروبية انفصال اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا عن التنظيم الدولي للإخوان، علمًا بأن هذا الاتحاد يضم المئات من الجمعيات المنتشرة في معظم الدول الأوروبية، ويعتبر الذراع الأوروبية للجماعة، وهذا تطبيق لأسلوب الجماعة الجديد.


وفق ما ذكرته «بترا رامساور» في كتابها «الإخوان المسلمون في المستقبل: استراتيجيتهم السرية، وشبكتهم العالمية»، فإن الإخوان سيستمرون في خطتهم القديمة، بطريقة العمل السري القديم نفسها، لكن بصورة جديدة، وهي الالتجاء إلى التخلي عن مشروع الجماعة العالمي ظاهريًّا، مع الاحتفاظ بعلاقات داخلية سرية مع التنظيم، والتحلل من الخطاب الديني القديم للجماعة، لتقديم صورة جديدة عن الحركية الإخوانية. 


واتضح هذا في جلسة مجلس العموم البريطاني مع إبراهيم منير، ورفاقه، كما اتضح في مؤتمر مسلمي سويسرا الـ21؛ حيث قدمت الجماعة نفسها أنها مع الليبرالية الغربية، وأنه الحل الوحيد لمقاومة تطرف الجهاديين.

محمد اللويزي
محمد اللويزي
الإخواني المنشق، الفرنسي من أصل مغربي، محمد اللويزي قال: هناك خطة عامة وخطة متغيرة كل 4 أعوام، الخطة العامة يجب أن يحقق التنظيم فيها 100 هدف على مستوى الجماعة والأفراد والأعداء (أعداء المشروع الإسلامية)، أهم تلك الأهداف: الانتشار، التمكّن، تقليل الانشقاقات الداخلية، صنع أفراد أكثر انتماءً للسمع والطاعة، التخلص من الأعداء، وصناعة الأزمات الداخلية للأعداء، كل هدف له برامج خاصة، وخطط مرحلية تتغير كل 4 سنوات بحيث يحدث جرد ختامي يسأل التنظيم الدولي نفسه فيه ماذا حققنا؟ وماذا لم نحقق من أجل وضع خطة رباعية جديدة؟ والخطة الجديدة هي تحويل الإخوان بأوروبا إلى تيار عام وإعلان انفصال كل المنظمات التابعة لهم عن الجماعة والتنظيم العالمي ظاهريًّا، وفق الخطة الناجحة المجربة بقطر، التي وضعها جاسم بن سلطان، وهي نجمة البحر الخماسية، وحل التنظيم.

استراتيجية الإخوان الجديدة، تقوم على وسائل التغيير المباشرة مثل المنظمات، وغير المباشرة مثل العمل الجماهيري، عن طريق الاحتواء، والتعايش، والتحييد، والاستقطاب، والنجمة الخماسية، مركزها هو الأيديولوجيا، وعلى يمينها المحفز، الذي ليس بالضرورة أن يكون إخوانيًّا، وأسفله البطل، الذي هو نصير للجماعة بطريقة غير مباشرة، وأيسرها الدوائر العنقودية، وأسفلها الشبكة.



هذه الأقسام أساسًا تقوم على تجنب النقاش العام حول نواياها الحقيقية الشمولية، وتسويق خطاب يتمثل في أنهم ضحايا «النزعات العنصرية والمعادية للمسلمين»، إلى أن تبلغ مرحلة الإمساك بدواليب مشروعهم الذي يتعارض مع القيم الوطنية والقومية للمجتمعات.
استراتيجية الإخوان
الخطة الجديدة وفرنسا

ستمثل أوروبا في خطة نجمة البحر الخماسية، الحاضنة والملاذ الآمن لجماعة الإخوان، وستتداخل فيها المصاهرات السياسية بالعلاقات الشخصية، وتجمعها الخطط والأهداف، عبر مؤسسات ومراكز كثيرة؛ لذا حصلت الإخوان على الدعم من الدول الداعمة لها وأبرزها قطر، ووفقًا لدراسة لمركز الأهرام للدراسات، أعدها الباحث الدكتور طارق دحروج، فإن قطر استحدثت آليات جديدة لتمويل مسلمي أوروبا خارج الإطار المؤسسي الإخواني المعتاد، في إطار محاولة الابتعاد عن الصورة النمطية بتمويل الإسلام السياسي، من خلال استحداث صندوق ANELD  بإجمالي 100 مليون، لتمويل مشروعات ريادة الأعمال للمسلمين بضواحي باريس الأكثر تهميشًا وكثافة مغاربية من أبناء المهاجرين، من الجيلين الثاني والثالث، التي يوجد فيها التياران الإخواني والسلفي، وقد حظي اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا والجمعيات التابعة له بتمويل من قطر بلغ 11 مليون يورو، وقدمت مؤسسة قطر الخيرية 2 مليون يورو، وقدم رجال أعمال قطريون مبلغ 5 ملايين يورو للاتحاد.


إن الخطة التي يهدف لها الإخوان دائمًا هي خلق كيان اجتماعي موازٍ للتنافس مع بقية أركان المجتمع الأوروبي، ومبادئ وقيم مواطنيه، وهذه المحاولات والمساعي باتت تشكل تحديًا طويل الأمد بالنسبة لمسألة التماسك الاجتماعي في أوروبا.


اتحاد منظمات مسلمي فرنسا، تتفرع عنه أو ترتبط به عديد من الجمعيات التي تنشط في مجالات مختلفة، وهناك ما لا يقل عن 19 جمعية، من بينها جمعية الشباب الإسلامي في فرنسا المعروفة اختصارًا بـ«JMF».


وأعلن اتحاد المنظمات الإسلامية انفصاله عن الجماعة بالفعل، مع قيامه بتطوير آليات عمله. 


وفيما يلي أبرز الجمعيات المرتبطة بالاتحاد:

- جمعية الطلبة المسلمين في فرنسا المعروفة اختصارًا بـ «EMF»، وهي وريثة الاتحاد الإسلامي لطلبة فرنسا UISEF.


- الرابطة الفرنسية للنساء المسلمات المعروفة، اختصارًا بـ «LFFM».


- المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية «IESH» الذي صار اليوم تحت سيطرة وإشراف اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروباUnion des organisations islamiques en Europe المعروف اختصارًا بـ UOIE.


- الجمعية الطبية ابن سينا في فرنسا والمعروفة اختصارًا بـ«AMAF».


- جمعية الخدمات الأوروبية الحلال European Halal Services المعروفة اختصارًا بـ«EHS».


- جمعية اللجنة الخيرية لمناصرة فلسطين المعروفة اختصارًا بـ«CBSP».


هذا عدًّا عن عشرات المدارس والمؤسسات التعليمية الخاصة في مدن ليون وليل ومرسيليا وباريس.

استراتيجية الإخوان
خطة الأضلاع الخمسة وألمانيا

خطة الإخوان الجديدة المعتمدة على 5 أضلاع وهي المدخل والبطل والشبكة والأيديولوجيا والمحفز، الأخطر بها هو الشبكة، التي ستكون لا مركزية وكل عنصر منها منفصل عن الآخر، كما هو ظاهريًّا منفصلًا عن التنظيم الأم.


يقول الصحفي أكسل شبيلكر، المتخصص في شؤون الإرهاب، عبر تقرير عن تمدد «الإخوان» نشرته صحيفتي «كولنر شتات أنزيجير» و«فوكس»، عن السلطات الأمنية في ولاية شمال الراين فستفالن: إن «شعبية الهيئات والمساجد التابعة لـ(الإخوان) تتزايد بشكل مضطرد، ووصف الكاتب الذي يكتب منذ سنوات عن الجماعات الإسلامية المتطرفة في ألمانيا توسع (الإخوان) في البلاد بأنه (مقلق)«.


وبحسب الاستخبارات الألمانية الداخلية، فإن «التجمع الإسلامي في ألمانيا»، ومقره كولن، تحول إلى المكتب الرئيسي لأنشطة الإخوان في البلاد.


ونقل شبيلكر عن الاستخبارات الداخلية قولها: إن الجماعة «تخرق أسس النظام الديمقراطي بجهودها لخلق نظام اجتماعي وسياسي مبني على الشريعة«.


الإخوان الآن، في العامين الأخيرين قاموا بالاعتماد بشكل كبير على شبكة من المساجد يديرها: المسجد الأوروبيّ والدّعم المجتمعيّEuropäische Moscheebau und Unterstützungs Gemeinschaft، وهي المؤسّسة الّتي تتّخذ من ألمانيا مقرًّا لها والّتي تُسيطر على مساجد «ميللي غوروش» وتُديرها في كافّة أنحاء أوروبّا، وكذلك «الجمعية الألمانية للقرآن الكريم» التي تستهدف بشكل خاص الصغار في السن.


أما الجمعية الثقافية «ملتقى سكسونيا» فهي من أخطر المنظمات خلال العام الأخير التي وسعت هياكلها، ونشر تصورها عن الإسلام السياسي.

استراتيجية الإخوان
الانتقال إلى النمسا

من بين الأمثلة الحديثة على محور الخطة المندرج تحت (البطل المستقل)، إبراهيم أولجون، الّذي جرى اختياره، في يونيو 2016، رئيسًا للجماعة الدّينيّة الإسلاميّة في النّمسا، وهو وفق الباحث والمترجم محمد الدخاخني، درس في أنقرة وكان حتّى وقت قريب مفوّض الاندماج في الاتّحاد الترّكيّ ــــ الإسلاميّ للتّعاون الثّقافيّ والاجتماعيّ في النّمسا  Turkish/Islamic Union for Cultural and Social Cooperation in Austria، وهي منظّمة على صِلة بالحكومة التّركيّة .

وكذلك مصطفى مولا أوغلو، الذي شغل مناصب عليا في الفرع الألماني من ميللي غوروش، وأصبح عضوًا في المجلس الأوروبي للفتوى والأبحاث he European Council for Fatwa and Research، وهو عبارة عن هيئة فقهيّة للإخوان في أوروبا تتّخذ من دبلن مقرًّا لها.


يعيش مولا أوغلو حاليًّا في النّمسا ويحتلّ منصب المفتي داخل الجماعة الدّينيّة الإسلاميّة، ومن المحتمل أن يكون دور تركيا داخل المنظّمات الإسلاميّة النّمساويّة، ولا سيما تلك الّتي لها درجات مختلفة من الانتماء إلى جماعة الإخوان، أحد أهم التّطورات في الإسلام النّمساويّ في المستقبل القريب.


كما أن هناك عادل دغمان، الذي ظهر أسمه في عناوين الأخبار لأوّل مرّة في أغسطس 2003، عندما قامت وزارة الخزانة الأمريكيّة بوضع الجمعيّة الفلسطينيّة في النّمسا Palästinensische Vereinigung in Österreich على قوائم المنظّمات الإرهابيّة.


وتعتبر الجمعية التي يقودها دغمان، جزءًا من اتّحاد الخير nion of Good، وهو شبكة عابرة للحدود من الجمعيّات الخيريّة يرأسها الزّعيم الروحى للإخوان يوسف القرضاوي.


من دراسة الباحث الإيطاليّ لورينزو فيدينو، «الإخوان المسلمون في النّمسا»، الّتي نُشِرت في أغسطس 2017 بالتّعاون مع جامعة فيينا ومعهد دراسات الشّرق الأدنى، فهناك ناشط بارز آخر في النّمسا هو حسام شاكر، الّذي وضع لنفسه اسمًا باعتباره أحد أهم الشّخصيّات الإعلاميّة في الشبكة الأوروبيّة الواسعة للمنظّمات المرتبطة بالإخوان. 


ومن إدارة فعّاليّات فيدراليّة المنظّمات الإسلاميّة في أوروبا، إلى الكتابة لصالح مواقع ميدل إيست ىي Middle East Eye  وإسلام أونلاينIslam Online  ومؤسّسة قرطبة  Cordoba Foundation، يعتبر شاكر محلّلًا مستقلًّا، ولكنه أيديولوجيّ بشكل واضح، يستخدم فيينا كقاعدة عمليّات هادئة لأنشطته الدّوليّة.

استراتيجية الإخوان
استراتيجية الإخوان الجديدة وغرب أوروبا

انقسمت المنظمات الإسلامية وفق الاستراتيجية الجديدة في أوروبا إلى نوعين: الأول، منظمات أو جمعيات عامة تتولى الأنشطة الدينية والاجتماعية والتعليمية، وتربطها علاقات تختلف في قوتها بجماعة الإخوان، فهي إما جمعيات دعوية، وإما جمعيات متعاطفة، وإما جمعيات منتمية، والأخيرة ستعلن انفصالها بشكل رسمي عن الإخوان. 


أما النوع الثاني فهو كيانات أكثر تخصصًا مكملة لشبكة الدعوة الإسلامية، مثل: جمعيات الشباب والطلاب وجمعية المرأة مثل «المنتدى الأوروبي للنساء المسلمات»، وجمعيات خيرية، مثل «الإغاثة الإسلامية»، وجمعيات طبية «ابن سينا» وجمعيات فلسطينية لجنة إغاثة ودعم فلسطين.


ومن هذه المنظمات مسجد «أبوبكر» بإسبانيا، ورابطة مسلمي بلجيكا (LMB) القناة التاريخية للحركة في بلجيكا، ومساجد بروكسل وأنڤير وغراند وڤرڤييه، التي يديرها «كريم شملال» من مدينة أنڤير، وهو من أصل مغربي يعمل طبيبًا في مجال علم الأحياء، ورابطة المجتمع المسلم في هولندا التي أسسها في لاهاي «يحيى بوياف» المغربي الأصل عام 1996، وتضم الرابطة منظمات عدة، منها على وجه الخصوص «مؤسسة اليوروب تراست نيديرلاند» (ETN) و«المعهد الهولندي للعلوم الإنسانية والإغاثة الإسلامية».


وكذلك المنتدى الإسلامي في لندن عام 1986، كلية لندن المفتوحة للدراسات الإسلامية، التابعة له، والهيئة الاستشارية للأئمة والمساجد (MINAB) بلندن، ومؤسسة الثقة الأوروبية.

استراتيجية الإخوان
السويد مركز الخطة الجديدة

وفق وثائق سياسة تقليدية أعدتها جماعة الإخوان الأوروبية لتوجيه عملها في المجالات السياسية الجديدة، فضلًا عن دراسة الطبيعة التنظيمية والاستراتيجية لأنشطة الحركة، اتضح أن السويد هي المركزية للخطة الجديدة؛ حيث القوانين هناك أكثر رحابة، وتسمح لهم بالاستفادة الكاملة من نظام المنح السخي والمساعدات المالية من الخزائن العامة، وحيث شبكات من المدارس والشركات والجمعيات الخيرية وغيرها من الكيانات، التي أسستها الرابطة الإسلامية في السويد، والمجلس الإسلامي السويدي، ومسجد استوكهولم والأصول التابعة له، والإغاثة الإسلامية، ومسجد جوتنبرج ومنشآته، ومنظمة المسلمين الشباب السويديين، واتحاد ابن رشد للدراسات، ومنظمة الاتحادات الإسلامية المتحدة في السويد.


وستكون الهيكلية الجديدة هي أن لهذه المنظمات مجلس شورى تحت قيادة أمير أو زعيم، ويتكون كل مجلس من 12 شخصًا يتناوبون على رئاسته، وينقسم الأعضاء بدورهم إلى وحدات صغيرة تتألف من 5 أفراد ليشكّلون بذلك «أسرة» أو «عائلة»، وتقوم «الأسرة» بدورها بتنظيم اجتماعات أسبوعية، يتخللها مناقشة الأمور الأيديولوجية في البلاد.


في الختام

تمكنت الجماعة بسرعة من تكييف نفسها مع الخطة الجديدة، التي تمت مناقشتها خلال الملتقى العام لمسلمي سويسرا عام 2017، وتم بناء الشبكة الواسعة التي ستعمل في بنية خفية إلى حد ما.

"