«جيش الإسلام».. توليفة سلفية بنكهة سورية
زادت حدة الصراع في الآونة الأخيرة بمنطقة الغوطة الشرقية (شرق العاصمة السورية دمشق) بين قوات النظام السوري، والفصائل الإسلامية المسلحة، التي تتركز في هذه المنطقة، منذ اندلاع الثورة السورية في مارس 2011 من جهة، والفصائل المسلحة وبعضها البعض من جهة أخرى.
وَيُعَد «جيش الإسلام» أحد أكبر الفصائل الإسلامية المسلحة المتمركزة في منطقة الغوطة الشرقية، ويقوم فكره على السلفية، ورغم أنه حدد هدفه برغبته في القضاء على النظام السوري، وتطبيق الشريعة الإسلامية، فضلًا عن عدائه الشديد للمسلمين الشيعة، والأقليات غير السُنِّيَّة الأخرى، فإنه يختلف في العديد من الجوانب عن تعليمات ومبادئ السلفية الجهادية لدى تنظيم القاعدة، فالجهاد ليس الهدف من وراء دخول «جيش الإسلام» في صراع مسلح، لكن هدفه الحقيقي «تصحيح معتقدات الناس بما يتوافق مع عقيدته»، كما يزعم.
تَشَكَّل «جيش الإسلام» في سبتمبر 2011، بمنطقة «الدوما» بالغوطة الشرقية، عن طريق مجموعة مسلحة مكونة من 14 عنصرًا، حملت اسم «سرية الإسلام»، ومع تزايد أعداد المنضمين إليها، أعلن قائدها زهران علوش، تشكيل «لواء الإسلام» في يونيو 2012، وضم في ذلك الوقت أكثر من 60 كتيبة عسكرية، و20 مكتبًا إداريًّا.
تحالفات
في سبتمبر 2013، أعلنت
عشرات الألوية والفصائل توحدها في تنظيم واحد عرف باسم «جيش الإسلام»، الذي دخل
فور تأسيسه في تحالفات عدة مع فصائل إسلامية أبرزها «حركة أحرار الشام»، وأعلنوا
تشكيل الجبهة الإسلاميَّة في سوريا في يوليو 2017، ثم سرعان ما أعلن عن حل نفسه في
الشهر نفسه، وشكل «جيشًا وطنيًّا» بزعامة «أبوهمام البويضاني» (أحد قادة
الجيش).
بدأ «جيش الإسلام» عمله
العسكري بتنفيذ عمليات اغتيال ضد قوات الأمن والضباط، والهجوم على المناطق التي
تتمركز فيها قوات الجيش السوري، كما فجّر في يوليو 2012 مقر مكتب الأمن القومي
بدمشق؛ ما أسفر عن مقتل عدد كبير من مسؤولي الأمن، من ضمنهم وزير الدفاع آصف شوكت
(صهر الرئيس الأسد)، وغيرها من العمليات العسكرية التي نفذها مع الفصائل الإسلامية
الأخرى، أبرزها «جبهة النصرة» ضد الجيش السوري.
بدأت هيمنة «جيش الإسلام»
على منطقة الغوطة الشرقية فور تأسيسه، وزادت قبضته الحديدية على مناطق الغوطة
كافة، وسيطر على سجون عدة، أشهرها: «التوبة، والباطون، والكهف»، وفي بداية عام
2014 أنشأ «ديوان الحسبة»، ومهمته إلزام الأهالي بتعليمات دينهم من لباس، ومراقبة
الأسواق، وإزالة المخالفات الشرعية.
كما شن هجومًا عسكريًّا
على تنظيم «داعش»، أطلق عليه «علوش» قائد الجيش، حملة «تطهير البلاد من
رجس الفساد»، ومنع تمددهم في المناطق السوريَّة، ووصل حد عداء «جيش الإسلام»
لـ«داعش» إلى أنه أعدم عناصر «داعش» بطريقة التنظيم نفسها.
ورغم أن توسع نفوذ «داعش»
في سوريا ساعد في تحالف الفصائل المسلحة «جيش الإسلام، وفيلق الرحمن، وجبهة
النصرة» من فبراير إلى أول أكتوبر 2014، فإنه بعد القضاء على التنظيم سرعان ما نشب
الخلاف والصراع المسلح بين الفصائل للسيطرة على الأنفاق، التي تُعَد بمثابة تجارة
رابحة تُدِرُّ دخلًا كبيرًا للتنظيمات، وتوسيع مناطق النفوذ في ريف دمشق، فضلًا عن
الخلاف الأيديولوجي بين هذه الفصائل، خاصة سعي «جيش الإسلام» لفرض المذهب الحنبلي.
ونَشَبَ صراعٌ بين «جيش
الإسلام» و«جبهة النصرة» على خلفية اتهام الأول بتعاون الجبهة مع «فيلق الرحمن» في
أنفاق التهريب، وأبرزهم نفق أبوخالد الزحطة (يعتبر المُورِّد الأكبر للغوطة ويمتد
بين مدينة حرستا وحي برزة)، وَبَيعُ الطرفين المواد المُهربة إلى الأهالي بأسعار
أرخص من تلك التي يبيعها «جيش الإسلام»؛ بهدف استقطاب مقاتلين جدد، فضلًا عن اتهام
جبهة النصرة بعرقلة وصول مسلحيه إلى خطوط القتال مع الجيش السوري في القابون، وحجز
عدد من مقاتليه.
واستمرت المعارك بين
الطرفين بعد تشكيل جبهة النصرة لـ«جيش الفسطاط» (تحالف بين فصائل سوريَّة أبرزها
جبهة النصرة ولواء فجر الأمة) في مارس 2016، وتم القضاء على معظم قيادات الصف
الأوَّل في «هيئة تحرير الشام»، الذين وقعوا ما بين قتيل وأسير بيد «جيش الإسلام»،
وصرح سمير كعكة، شَرْعِي «جيش الإسلام» لوسائل إعلام سوريَّة: «أنه تم القضاء على
70 في المئة من قوة هيئة تحرير الشام، وأسر 300 عنصر منها».
وتتعدد المصادر التي
يعتمد عليها «جيش الإسلام» في تمويل مقاتليه، حسب ما أعلنه محمد علوش (أحد قادة
التنظيم) في مقابلة إعلامية؛ إذ يعتمد على بعض التبرعات التي تصل له من داعمي
الثورة السورية، أو من خلال الغنائم التي يتحصل عليها في معاركه مع النظام السوري.
وبحسب شهادة أدلى بها
سليم حجازي، القائد العام للواء الشام (إحدى الفصائل المسلحة في سوريا)، التي كشف
فيها عن مصادر تمويل أخرى يعتمد عليها «جيش الإسلام» من قطر وتركيا، بجانب عمله
على تعزيز مصادر تمويله الخاصة، عبر تجارة السوق السوداء، أو فرض رسوم أو مستحقات
مالية على أهالي الغوطة الشرقية.





